الأمثال الشعبية نقد وتوصيف لحياة الوطن
يمثل المثل الشعبى المصرى تعبيرا قويا عن فاعليات حياة الشعب المصرى بكل أفراده وجماعاته وبكل تنوعها الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والجمعى وبكل آلامه وآماله وقناعاته وإيماناته الوجداية والقيمية والواقعية وتوصيفاته لها فى جوهر مركز على ماهيته خبرته المتراكمة لما مر به فى حياته وعبر تجاربه ومعارفه المتوارثة بتطوراتها وتغيراتها وتراكبتها التى قد تصل إلى حد التناقض والتضاد والتنوع والمغايرة وعلى سبيل المثال لا الحصر: الأقارب عقارب، وأهلك لتهلك ، الخير مرا والشر مرا، سوء الظن عصمة وفي المقابل الناس للناس وإيد وحدا ما تصفق، ويمثل المثل الذاكرة الشعبية الوطنية والذاكرة التعبيرة الحية الكلية والأكثر انتشارا وشيوعا بين كل فئات المجتمع المصرى.
كما يرى الباحث عبد القادر شرشار أن الأمثال الشعبية تعتبر عنصراً حيوياً من عناصر الموروث اللامادي تقوم على ما تنتجه جماعة إثنية ولغوية معينة في ظروف تاريخية وجغرافية معينة .. كما تساهم الأمثال الشعبية في تشكيل أنماط اتجاهات وقيم المجتمع ، فالأمثال الشعبية من وجهة نظر سوسيولوجية يمكن أن تعبر عن الحياة عبر سلسلة أقوال نثرية، لا تخضع ظاهرياً لنظام معين ، غير أنها متكاملة في موضوعاتها ، ومستقلة لغوياً في بنيات قصيرة ، تعكس قيماً فنية وفكرية بل وحتى حضارية، تؤدي وظائف شتى: كالتعليمية، والتسلية، والنهي والزجر ، والدعوة إلى التآلف وغيرها من الوظائف، ومن هنا يمكن ربطها بمؤسسة التواصل المعرفي الشفوية.
فالمثل الشعبي بالإضافة إلى كونه عنصراً من عناصر الثقافة الشعبية ، التي يعتبرها البعض مرآة لطبيعة الناس ومعتقداتهم، لتوالفها وتغلغلها في معظم جوانب الحياة اليومية ، تعكس المواقف المختلفة، بل تتجاوز ذلك أحياناً لتقدم أنموذجا يُقتدى به في مواقف عديدة وتعبر عن التوصيف والمحاكاة للواقع وطموحات الوطن والمواطن ومواقفه النقدية و لفاعليات وآليات ومؤسسات وأفراد المجتمع أيا كان قوتها وسلطاتها القهرية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ارقص للقرد في دولته، ورايح فين يا صعلوك بين الملوك ومعاك مليم ياحرامى، يا بخت من كان النقيب خاله، وحمارتك العرجاء ولا سؤال اللئيم وآخر خدمة الغز علقة، وأثقل من الهم على القلب وأكثر من الهم ع القلب، وأخف من ريش النعام وأجوع من كلب العرب، وأزلط من فار الجامع وأقل موال ينزه صاحبه وأَمَرُّ من الصبر وأَمَرُّ من الحنظل، أمر من الصبر سؤالك للئيم، واكفي على الخبر ماجور: تعبير يعني احفظ هذا السر ولا تذعه، واللي أوله شرط آخره نور”: للحض على حصول الاتفاق قبل البدء في العمل حتى لا يحصل خلاف بعد واللى أكل لحمتها ياكل عضمتها يقال بمعنى أن من له فائدة الشيء عليه أن يتحمَّل متاعبه”.
ومثل ذلك قول أهل الجرائم: “اللي يحلب الغنم عليه يسرحها، واللي اختشوا ماتوا يقال للدلالة على فساد الزمان، وأنه لم يبق من الناس إلا مَن قَلَّ حياؤه، واللي تزرعه بإيدك تحصده بإيدك، واللي تسكر به افطر به واللي تصاحبه ما تقابحه يقال للحث على حسن السلوك مع من تكون الضرورة داعية إلى معاشرته كجار في المسكن أو شريك في العمل أو نحو ذلك، واللي تشوفه راكب على عصا قول له مبارك الحصان، يراد به مجاراة كل إنسان على قدر عقله ومسايرة كل أحد على هواه، واللي تجمعه النملة في سنة يأخذه الجمل في خفه ويضرب للفقير المقتصد قليلًا، ثم يأتي عليه من يذهب بما يقتصده دفعة واحدة، كغني ظالم يسلبه ماله أو ابن مسرِف يبذِّر ما جمعه أبوه في الزمن القصير، اللي تملكه اليد تزهده النفس يقال للدلالة على أن النفس تزهد ما ألفت وما ملكت، واللي تغلب به العبْ به يقال للحض على استعمال وسائل الغلبة أيٍّا كانت شريفة أو غير شريفة”.
موضوعات تهمك: