فلاديمير بوتين الموساد من يحرك من؟
يحاول فلاديمير بوتين الرئيس الروسي الاستمرار بمظهر رئيس العصابة في سوريا، والمتحكم الأول بخيوط اللعبة، عن طريق مجموعة من الموائمات وامساك كافة الخيوط وإطلاق التصريحات والمراوغات التي تكسب فقط الوقت.
اليوم الاثنين، ذكرت تقارير عبرية، رؤية استخباراتية جديدة للموساد الإسرائيلي بشأن الأوضاع داخل سوريا، وذلك نقلا عن رئيس الجهاز الاستخباراتي الصهيوني، يوسي كوهين، في مؤتمر صحفي عقد في هرتسيليا.
وقال كوهين في المؤتمر الصحفي، أنه من المنتظر تسوية سياسية قريبة داخل سوريا، بعد سنوات من الحرب، مشيرا إلى أن الحل الداخلي بات قريبا جدا، مضيفا بحسب ما نقلت صحيفة معاريف العبرية، أن الوضع في سوريا يقترب من التسوية، كما أشار إلى أنه ليس لدى إسرائيل مصلحة في مواجهة سوريا (نظام الأسد)، لكنه لفت إلى أن تل أبيب لن تترك القوات الإيرانية للتمركز في الساحة السورية وإقامة قاعدة لوجستية فيها.
قبل أكثر من أسبوع اجتمع مستشارو الأمن القومي في كل من روسيا والولايات المتحدة و”إسرائيل”، في اجتماع ثلاثي، عقد بالأراضي المحتلة.
وصف بنيامين نتانياهو رئيس وزراءالاحتلال الإسرائيلي، بأن الاجتماع يعد تاريخيا من أجل مناقشة أوضاع الشرق الأوسط بما فيها التواجد الإيراني داخل سوريا، طبعا الواضح أمام العيان الآن، أن الاحتلال لا يستهدف التواجد الإيراني في سوريا وحده، بينما يستهدف أي تواجد غير التواجد الأمريكي والروسي في البلاد، لذا فإن المحطة الأولى ترتكز حول إيران والمرحلة الثانية سيكون الاستهداف تجاه تركيا.
وتسعى الولايات المتحدة وإسرائيل لإزاحة إيران من سوريا عن طريقة إبرام صفقة مع روسيا، يتم الاعتراف خلالها بنظام بشار الأسد، ورفع العقوبات عن نظام الأسد، بالإضافة إلى إخراج القوات الإيرانية من سوريا بتعاون روسي أمريكي مشترك. لكن تلك المحاولات تضمنتها محاولة روسية للتلاعب مثلما كان خلال السنوات الماضية.
هل يبيع فلاديمير بوتين إيران؟
تقارير الموساد الإسرائيلي تدفعنا للتفكير في سؤال كالسؤال السابق وهو سؤال قد تكون إجابته أسهل من إجابة السؤال الحقيقي والذي يكمن في معرفة حقيقة الرئيس الروسي الذي يتعامل منذ تدخل جيشه عسكريا في سوريا كزعيم مافيوي وليس رئيس دولة، لديها طرق دبولماسية وقنوات سياسية، ويظن أنه يستطيع جر الجميع إلى الطريق ذاته، وأن بإمكانه أن يكسب طوال الوقت.
في المثل الشعبي المعروف يقال “ما تغلب به العبه”، يبدو أن فلاديمير بوتين تعلم الحكمة جيدا، فهو خبير بعمل رجال الاستخبارات الصاعدين من القاع إلى القمة، ولكنه لم يتخذ شكل رجل الاستخبارات بشكله التقليدي، ولكنه اتخذ شكل زعيم المافيا المنتفخ الذي يقاتل دون إيلاء أي شئ أي أهمية تذكر، بداية من الإنسان في معناه البسيط والأخلاقي، وحتى ألعاب السياسة.
الرئيس الروسي (زعيم المافيا) فلاديمير بوتين تحدث في مقابلة صحفية، الأسبوع الماضي، ملمحا إلى إمكانية تخليه عن بشار الأسد، ملمحا عن “تأييده لتقرير الشعب السوري لمصيره” (يبدو أن بوتين يعلم أن الشعب السوري لا يريد من دعم بقاءه على أجسادهم ودمائهم).
يذكرنا الأمر بتصريحات أكدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أغسطي/ آب عام 2015، حول لقاء جمعه مع فلاديمير بوتين في شهر يونيو من العام ذاته في حفل افتتاح الألعاب الأوروبية في باكو بأذربيجان.
أردوغان لفت إلى أن بوتين يتجه إلى التخلي عن بشار الأسد، مشيرا إلى استنتاجه ذلك من خلال حديثهما في لقاءه مع بوتين واتصالات هاتفية لاحقة بينهما.
لم يفعل بوتين بعد أربعة سنوات ما أوحى لأردوغان به، وهنا يكمن السر، وهو أن بوتين وكما قال في تصريحاته الأسبوع الماضي لا يعرف ماذا بعد الأسد، متسائلا لنفترض أنه تم الإطاحة بالأسد ماذا سيحدث بعدها؟ وفي ذلك يعد الأسد بالنسبة لبوتين مجرد ورقة يعتبرها رابحة، بالطبع الجميع يعلم أن بوتين إذا أراد التخلي عن الأسد فسيسقط بعد دقائق، لذا فإن تصريحاته تلك ليست إلا محاولة للتلاعب بالسوريين وبأنقرة وهزيمة الأسد معنويين من أجل ارضاخه بشكل كامل، كما حاول أن يفعل من قبل.
ولكنها في الحقيقة رابحة باعتبارها أمر واقع ولكنه متهالك تماما مثل العصا الورق التي لا يستند عليها، لذا فإن الصحف العبرية كشفت أن من بين تفاصيل الصفقة ليس كما أعلن بوتين ولكن تم التوافق على الاعتراف بالأسد والإطاحة بالقوات الإيرانية بعيدا، وهو ما يريد بوتين الإبقاء على بشار دون إيران، لكن رجال المافيا الذي يحب في الظهور بمظهر رجل العصابة القوي يعرف جيدا أن الحل في سوريا يعني أنه لا معنى لوجود بشار الأسد.
من يحرك من؟
يظن فلاديمير بوتين من خلال اللعب بالأحبال الدبلوماسية باعتباره تاجر مخدرات مراوغ، ومن خلال بروباجاندا وصفه برجل المافيا العسكري “الشبيح أو البلطجي”، أن لديه أكبر مفاتيح اللعب في سوريا، ولكن هذا غير حقيقي، فقط محركي الأوضاع في موسكو من لوبيات الضغط غير المرئية تعرف لماذا يتم “نفخ” بوتين بهذه الدرجة.
معروف تماما ما تريده تل أبيب، وهو الأسد وحيدا دون داعميه أو معاديه، وتسعى من أجل تحقيق ذلك الهدف، لذا فإن هدف الصهاينة في الوقت الراهن هو إزاحة كل من هو ليس حليفا أو من الممكن أن يكون حليفا، إزاحة الإيرانيين والأتراك من داخل سوريا، وتقاسم الحلف الأمريكي – الإسرائيلي من جهة مع الحليف الروسي المحتمل داخل سوريا بشكل مؤقت.
وعلى الجانب الآخر فإن موسكو لا تراهن كثيرا على حلفها في ثلاثي الدول الضامنة، وتحاول أن تقنع نفسها أنها الفاعل الأول لأن واشنطن لم تتدخل بشكل مباشر، كما أنها تعرف أن دبلوماسية ترامب الجديدة تستطيع أن تقسو على من تشاء، ومماطلة ومواجهة في مثل تلك الظروف ليست في صالح من حليفه كإيران -بوضعها الحالي- والأسد كما أنها لا تحب الشركاء خاصة شريك صلب كأردوغان، كما أن تل أبيب تعرف جيدا أن مهمته في إزاحة أنقرة وطهران من سوريا لن يسهلها اجتذاب موسكو، لكن سيجعل المهمة غير مستحيلة في ظل أدوات ترامب القاسية غير ذات فعالية.
وأخيرا فإن الأزمة السورية ووفق ما تشير إليه الأوضاع فإن حلها لن يكون بهذا القرب، وإن ثمانية سنوات من حرب كهذه لن تحل في أقل من ثمانية سنوات من الدبلوماسية، لكن الموساد يعرف أن استمالة روسيا تعني حل إشكاليتها الكبرى في الأزمة، ولكن ما يقوله بوتين لا يفي به ولا حتى بعد أربعة سنوات!
موضوعات تهمك:
الإستراتيجيات الإسرائيلية في استهداف المواقع الإيرانية بسوريا
الأزمة السورية وإسرائيل .. كما بدأناها نحلها
لماذا منعت الولايات المتحدة إف-35 عن تركيا؟
عذراً التعليقات مغلقة