أوصت لجنة تحقيق فلسطينية بمعاقبة قيادات أمنية فلسطينية أصدرت أوامر بقمع مظاهرة سلمية بـرام اللهغرد النص عبر تويتر نظمت قبل أسبوعين احتجاجا على محاكمة فلسطينيين اعتقل
عدد منهم في سجون الاحتلال، واستشهد أحدهم بالرصاص الإسرائيلي.
وجاء توصيات اللجنة التي شكلت منتصف مارس/آذار الحالي عقب ما عرف بمظاهرة “مجمع المحاكم”، التي احتج فيها العشرات على محاكمة الشهيد باسل الأعرج -بعد أيام من اغتياله برصاص وحدة إسرائيلية خاصة بمدينة البيرة وسط الضفة الغربية- إلى جانب خمسة من رفاقه المعتقلين في سجون الاحتلال بتهمة “حيازة سلاح غير مشروع”.
وقالت تقرير اللجنة الذي سلم ظهر الاثنين لرئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله وأعلن مساء اليوم نفسه، إن المظاهرة كانت سلمية ولم يلجأ المشاركون فيها إلى العنف والتخريب رغم عدم إشعار الشرطة بتنظيمها مسبقا.
وخلص التحقيق إلى وجود تباين بين قرارات قيادة الشرطة وقيادة قوات الأمن الوطني في الميدان، ففي حين أبدت الأخيرة مرونة في التعامل مع المتظاهرين، جاء تدخل قائد الشرطة سريعا وحاسما في قمع المظاهرة بعد إغلاق المتظاهرين للشارع أمام مجمع المحاكم، حسب التحقيق.
احتقان
واتهم تقرير لجنة التحقيق قائدة شرطة رام الله وقائد وحدة الشرطة الخاصة بالميدان بارتكاب مخالفات انضباطية من الدرجة الأولى وأوصى باتخاذ إجراءات قانونية بحقهما.
من ناحية أخرى، قال التقرير إن أداء الناطق الرسمي لأجهزة الأمن الذي وصف المتظاهرين في حينها بأنهم يتبعون “لأجندات خارجية”، زاد من حدة الاحتقان والتوتر وأضعف الرواية الرسمية في إنكار التجاوزات الموثقة.
وفي هذا السياق، أوصت لجنة التحقيق بفصل وظيفة الناطق الرسمي للأجهزة الأمنية عن وظيفة المفوض السياسي العام وهما وظيفتان يتبوؤهما اللواء عدنان الضميري.
وتطرقت اللجنة إلى محاكمة الشهيد باسل الأعرج ورفاقه، ورأت أن محكمة الصلح لم تراع طبيعة ملف القضية وحساسيته وتوقيت الجلسة التي جرت بعد أيام من استشهاد الأعرج الذي كان مطاردا من الاحتلال عدة شهور، وتمسكت بإجراءات شكلية، حيث نادت باسم الشهيد وزملائه الأسرى في سجون الاحتلال بداية الجلسة، ثم أعلنت عن تأجيل المحاكمة إلى أبريل/ نيسان القادم في حين كان بمقدورها أن تنهيها.
مخالفة صريحة
وقال التقرير إن إجراءات فتح الشارع وفض المظاهرة تعد مخالفة صريحة لقواعد استخدام القوة والأسلحة النارية، التي تحظر على العسكريين استخدام القوة لتفريق تجمعات غير مشروعة لا تتضمن أفعال عنف.
وقالت اللجنة إن القوات المسؤولة لم تراع الظرف السياسي وموضوع المظاهرة وتنوع المشاركين ووجود أقارب الشهيد ومن بينهم والده، بالإضافة إلى عدد كبير من الفتيات، كما أن القوات الأمنية استخدمت القوة دون تمييز بين المشاركين.
وأيدت اللجنة ما ورد من توصيات صادرة عن لجنة تحقيق داخلية في جهاز الشرطة الفلسطينية بإنزال عقوبات بعدد من العسكريين، منها معاقبة ثلاثة ضباط بتأخير الرتبة من ستة شهور إلى سنة، وأوصت بالمصادقة عليها.
وشددت اللجنة على أن الاعتداء على الصحفيين من مصورين ومراسلين لم يكن مبررا، وقالت إن مدير شرطة رام الله شارك شخصيا في سحب الكاميرات من أحد الصحفيين.
ودعت اللجنة إلى إصدار تعميم فوري لكافة المنتسبين إلى أجهزة الأمن باحترام الصحفيين في الميدان وتسهيل عملهم، وطالبت بتعويض الصحفيين الذين تم الاعتداء عليهم عن الضرر الذي لحق بهم.
عقوبات
وقال عمار دويك المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وعضو لجنة التحقيق، إن اللجنة عملت تحت سقف زمني محدد وبتعهد مسبق من الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة بتنفيذ توصياتها، مضيفا في تصريح للجزيرة نت أن رئيس الحكومة رامي الحمد الله تعهد لدى تسلمه التقرير بتنفيذ كافة توصيات اللجنة.
وقال إن لجنة التحقيق اختلفت عن سابقاتها في حوادث مشابهة، حيث ضمت إلى جانب وزارة الداخلية أطرافا من خارج الحكومة كالهيئة المستقلة ونقابة المحامين.
وأوضح أن اللجنة حددت نوع المخالفات وأحالت تطبيق التوصيات بشأن معاقبة المخالفين وفق القانون إلى الجهات المختصة وخاصة القضاء العسكري.
لكن عمار دويك قال إن مخالفات القيادة المسؤولة كانت من الدرجة الأولى وستكون عقوبتها شديدة.
وأكد دويك أن التحقيق أوصى بمراجعة السياسات والقوانين لتلافي تكرار القمع، وبفتح حوار مع الفصائل من أجل تكريس سلوكيات واضحة خلال الاحتجاجات والتزامها بخطاب وحدوي بعيد عن التخوين والاتهام.
الجزيرة