ترامب وحلم تغيير النظام فى طهران
- هل تؤدي السياسة الأمريكية ضد إيران إلى تغيير النظام فى طهران.
- تعتبر أمريكا نظام طهران تهديد لمصالحها ولحلفائها وسياستها تطبيق أقصى ضغوط ممكنة على النظام ليغير سلوكه.
- هل سيجد الطرفان طريقهما للتفاوض مجددا رغم التناقضات الواسعة التى تعج بها واشنطن فى كيفية التعامل مع إيران؟
- الهدف غير المعلن أن تؤدى المشكلات الاقتصادية لعدم الاستقرار السياسى والاقتصادى وتغيير سياسى فى إيران.
* * *
بقلم | محمد المنشاوي
لا تسمح التطورات المتلاحقة فى الخليج بأى تحليل منطقى فى ظل تشابك المعلومات والبيانات المتناقضة بين مختلف الأطراف. من ناحية تعلن طهران عدم رغبتها فى مواجهة عسكرية، إلا أنها تؤكد فى الوقت ذاته كامل استعدادها لأى تطورات ومواجهات عسكرية.
ولا يختلف الوضع فى واشنطن، فرغم الحشد العسكرى المتزايد من قطع بحرية أمريكية متقدمة، إضافة لأقوى ما تملكه القوات الجوية من قاذفات ومقاتلات، إلا أن الخطاب الرسمى لا يقر بالرغبة فى مواجهة عسكرية مع طهران.
لكن هناك أطرافا إقليمية تظهر مواقفها الرغبة فى وقوع مواجهة بين طهران وواشنطن. وبين هذا وذاك قد يؤدى أى سوء تفاهم أو سوء توقع سلوك الطرف الآخر بإشعال فتيل المعارك.
إلا أن أغلب الأصوات الرزينة داخل واشنطن تشير إلى أن الطرفين ــ الإيرانى والأمريكى ــ سيعرفان طريقهما للتفاوض من جديد، رغم التناقضات الواسعة التى تعج بها واشنطن فى كيفية التعامل مع إيران.
قبل عامين وقبل تعيينه مستشارا للأمن القومى وخلال مشاركته فى مؤتمر للمعارضة الإيرانية عقد فى العاصمة الفرنسية باريس، عبر جون بولتون بوضوح عن ضرورة تغيير النظام فى طهران.
وقال بولتون: «إن السياسة العلنية للولايات المتحدة يجب أن تكون الإطاحة بنظام الملالى فى طهران. وأن سلوك وأهداف النظام لن تتغير، وبالتالى فالحل الوحيد هو تغيير النظام نفسه».
ورغم أن الموقف الرسمى فى واشنطن يشير إلى أن عقوبات إدارة ترامب المتصاعدة ضد النظام الإيرانى «لا تهدف إلى إسقاط نظام طهران، بل إلى تغيير سلوكه» كما يتكرر على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو، إلا أن دراسة حديثة لخدمة أبحاث الكونغرس، وهو الجناح البحثى للمؤسسة التشريعية الأمريكية، تشير إلى عكس ذلك.
وقد اطلعت على الدراسة التى تم تحديثها يوم 30 أبريل الماضى، وجاء فيها أن السياسة الأمريكية ضد إيران قد تؤدى لتغيير النظام فى طهران. واعتمدت الدراسة على تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية عنوانه «نظام خارج عن القانون: أنشطة إيران التدميرية» صدر قبل عام بمناسبة الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية.
واعتمدت كذلك على خطاب وزير الخارجية مايك بومبيو حول سياسة إدارة ترامب تجاه إيران والذى ألقاه أمام مؤسسة هيريتيج فى 21 مايو الماضى، إضافة لعدد آخر من بيانات رسمية صدرت عن إدارة ترامب.
* * *
تعرض فصل داخل الدراسة بعنوان «السياسة الحالية تجاه إيران: المواقف والأهداف» لموقف إدارة ترامب من خلال أربع نقاط.
أولها وصف أزمة العلاقات مع إيران، وأرجعها لكون نظام طهران يمثل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
ثانيها، شرح السياسة الأمريكية المتمثلة فى تطبيق أقصى ضغوط ممكنة على النظام الإيرانى كى يغير من سلوكه.
ثالث النقاط تعرض لشروط تغيير سياسة واشنطن، ووضعت الدراسة شروطا من شأن تطبيقها من جانب طهران أن تغير واشنطن سياستها وتطبع علاقاتها معها.
رابعا أشارت الدراسة إلى أن الهدف المحتمل غير المعلنPossible Unstated Policy Objective يتمثل فى أن تؤدى زيادة المشكلات الاقتصادية فى إيران لعدم الاستقرار السياسى والاقتصادى الذى قد يؤدى لتغيير سياسى فى إيران.
ويرابط بذلك تعبير الكثير من المسئولين والبيانات الرسمية الأمريكية عادة عن دعم حق الشعب الإيرانى فى «حكومة يستحقونها (يختارونها)».
منذ وصوله للحكم قبل أكثر من عامين، يهاجم الرئيس دونالد ترامب طريقة التعامل مع إيران ووصف الاتفاق النووى الذى وقعته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بأنه أسوأ صفقة فى التاريخ.
ثم حظر ترامب دخول المواطنين الإيرانيين للولايات المتحدة، وفرض ترامب المزيد من العقوبات على النظام ومؤسسات ومسئولين إيرانيين. وبعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووى مع إيران فى مايو 2018، بدأت إدارة الرئيس ترامب فى فرض سلسلة من العقوبات على النظام الإيرانى كان أهمها ما يتعلق بحظر شراء النفط الإيرانى.
إلا أن واشنطن منحت فى الرابع من نوفمبر الماضى ثمانى دول فترة لستة أشهر على أن تتوقف بعدها عن استيراد أى نفط، والدول هى (الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا واليونان وإيطاليا).
وانتهت هذه المهلة بنهاية يوم 2 مايو. ولم يعن ذلك توقف شحن النفط الإيرانى، وهناك الآن الكثير من السفن فى مختلف بحار ومحيطات العالم تحمل نفطا أو غازا من إيران فى طريقها للدول المستوردة.
إلا أن بعض هذه الدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان قامت بتقليل الكميات التى تستوردها من النفط الإيرانى خلال الأشهر الستة الماضية، فى الوقت ذاته تجاهلت تركيا والصين والهند التحذيرات الأمريكية.
وقامت بعض البلدان التى كانت سابقا تشترى النفط الخام الإيرانى بالانتقال إلى موردين جدد. كذلك بادرت عدة دول للتوقف تماما عن استيراد النفط والغاز من إيران.
ولترهيب تلك الدول، ذكر وزير الخارجية مايك بومبيو: «أولئك الذين يواصلون استيراد النفط من إيران يخاطرون بفقدان إمكانية الوصول إلى النظام المالى الأمريكى والقدرة على التعامل مع الولايات المتحدة أو الشركات الأمريكية».
* * *
لواشنطن خطوط حمراء ثلاثة، إذا ما تخطت طهران أحدها فستقدم واشنطن بلا شك على عمل عسكرى. أول هذه الخطوط يتمثل فى منع شحن النفط من خلال إغلاق مضيق هرمز، ثانيها اقتراب طهران من الحصول على سلاح نووى، وآخرها وجود تهديد عسكرى حقيقى من إيران لأحد حلفاء واشنطن الخليجيين.
ولا تملك طهران أى أصدقاء داخل العاصمة الأمريكية فى وقت تكتل لوبيات عدة دول حليفة لواشنطن من أجل الحفاظ على حالة العداء التاريخى ضد طهران منذ اندلاع الثورة الإيرانية.
ولا تتوقف لوبيات دول حليفة لواشنطن مثل السعودية والإمارات وإسرائيل عن الضغط ليتشدد ترامب ويقوم بعمل عسكرى ضد طهران. وستظهر الأيام القادمة مصير تشابك حسابات التطورات على الأرض فى منطقة الخليج مع جهود تلك اللوبيات داخل واشنطن.
* محمد المنشاوي كاتب صحفي في الشؤون الأمريكية من واشنطن.
المصدر | الشروق المصرية
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة