كيف نغرس القيم في أبناءنا؟
يجب علينا أن ننتبه إلى أهمية التربية السليمة، – التي هي أكثر بكثير من الوعظ والتلقين للمعلومات-، أهميتها في إكساب المراهق القدرة على أن يعيش وفق القيم، والمثل، وعلى مستوى الإيمان الذي يتحمس له في أقواله، أي أهمية التربية في إكساب المراهق القدرة على الالتزام، والعمل، ذلك أن الأخطاء، والخبرات التربوية السيئة تؤثر في بناء شخصيته، وتجعله أضعف أمام أهوائه، وبالتالي توسع الفجوة بين ما يقول وما يفعل.
والرشد الذي يبلغه الإنسان مع الثامنة عشرة، أو التاسعة عشرة أو بعدها بقليل، ليس كل الرشد الذي يصل إليه الإنسان عادة، إنما هو الحد الأدنى من الرشد؛ الذي يؤهله للتصرف بماله، وماشابه من شؤون الحياة، لكن الرشد، والنضج النفسي يستمران، ولعله يبلغ مداه في عمر الأربعين سنة .قال تعالى عن الإنسان: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} {الأحقاف:15}ولعله لهذا كان عمر أربعين سنة هو العمر الذي بدأت فيه نبوة أكثر الأنبياء، ولعله لهذا قال تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً} }النساء: 6{ عندما تحدث عن إطلاق يد اليتيم في ماله. وآنس تعني أبصر ورأى وتنكير (رشداً) يوحي أن القليل من الرشد يكفي لدفع مال اليتيم إليه.
وعودة إلى القدرات العقلية التي تتحقق للإنسان في سن المراهقة، أذكرك أيها القارىء الكريم بالأهمية الكبرى لمعرفتنا لهذه القدرات، وذلك لتحقيق التواصل، والتفاهم الناجح مع أولادنا المراهقين والمراهقات من جهة، ومع أطفالنا الذين لم سن المراهقة، ولم يمتلكوا تلك القدرات العقلية بعد.
ذلك أن أكبر عيب في خطابنا الموجه إلى أطفالنا في سن التمييز، أي: المرحلة الابتدائية، هو أننا نخاطبهم بما هو فوق قدرتهم على الإدراك، والاستيعاب، فما أكثر ما نخاطبهم بما نخاطب به الكبار، مخدوعين بقدرتهم على حفظ بعض المفردات وترديدها، فنظن أنهم قد استوعبوا، وأدركوا المفاهيم التي تدل عليها تلك المفردات، مع أنه من الثابت علمياً الآن أن الطفل دون العاشرة نادراً ما يفهم المفاهيم المجردة، وأنه بعد العاشرة يبدأ في إدراكها، ويتحسن إدراكه لها بالتدريج، حتى يبلغ حداُ لا بأس به في الثانية عشرة من عمر، وحتى يبلغ مبلغ الكبارفي إدراكه لها في الخامسة عشرة من عمره، إلا إن كان ذكائه دون الطبيعي، فقد لا يتمكن من إدراكها مهما بلغ من العمر.
والذي يتتبع ما يخاطب به الأطفال في الكتب، والقصص، والقصائد، والتمثيليات، وفي قاعات الدرس، وغير ذلك، يمكنه أن يلاحظ مقدار الخلل في هذا الخطاب، فلنستفد مما اكتشفه علماء النفس المعاصرون، كي نخاطب أطفالنا ومراهقينا على قدر عقولهم، ونتمكن من الوصول إلى تلك العقول برسائلنا المفصلة على قدر عقولهم، والمركبة، بحيث يستطيعون هضمها، وتمثّلها، والاستفادة منها، فلا يكون خطابنا لهم صيحة في فراغ.
ولما لفهم مرحلة المرهقة من الناحية المعرفية من أهمية، فقد رأيت أن أعود لأفصّل بعض ما أجملت في الصفحات السابقة حول تفكير المراهق، وقدراته العقلية، وما ينتج عن ذلك من تغير في سلوكه، إذ أننا عندما نفهم كيف يفكر أولادنا المراهقون ذكوراً وإناثاً، فإننا نستطيع التعامل معهم بشكل أفضل، وأنجح.
موضوعات تهمك:
كنز من المعلومات في قسم بنون حول تربية الاطفال والمراهقين، بقلم المفكر الاسلامي استشاري الطب النفسي الدكتور محمد كمال شريفة ننصح كل أب وكل أم ان يطلعوا عليه الرابط هنا
هل تقاليدنا فعلا تقاليد اسلامية؟
عذراً التعليقات مغلقة