تحوّلات وتغيرات ضخمة تنتظر الشام
- تحولات إقليمية ودولية ستشغل القوى ببعضها ويُفترض أن تدفع الفصائل للتحضير لفرصة لا تتكرر للثورة وسوريا.
- الاستبداد الداخلي والخارجي يبذل ما بوسعه، ويضع رصيده المالي والمعنوي لمعركة مصيرية ستطيح به.
- المنطقة مقبلة على مرحلة الرابح فيها من يحسن التقاط الفرصة التاريخية لتعظيم منافعه وتقليص خسائره.
- سلم النظام روسيا وإيران مطار دمشق وميناءي طرطوس واللاذقية ومناجم الفوسفات والغاز بينما تئن حاضنته الاجتماعية من افتقاد الوقود والغاز.
* * *
بقلم | أحمد موفق زيدان
إصرار الربيع العربي على بلوغ هدفه مع اشتداد وطأة الثورة المضادة وداعميها الإقليميين والدوليين، يؤكد للمرة الألف أن المعركة مصيرية، وهي معركة على روح الشرق وعقله، ولذا فإن الاستبداد الداخلي والخارجي يبذل كل ما بوسعه، ويضع كل مخزونه المالي ورصيده المعنوي من أجل هذه المعركة المصيرية التي ستطيح به كون الاستبداد بعضه أولياء بعض.
لكن ما يجري اليوم من تحولات وتغيرات دولية إن كان على مستوى الصراع الروسي- الأميركي فيما يتعلق بأدواتهما على الأرض السورية، أو ما يجري من صراع روسي- إيراني تمثل في صراعات دموية أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في مناطق وبلدات سورية عدة، وفوق هذا صراع بين أجنحة النظام السوري بعضها يوالي روسيا والآخر إيران، فضلاً عن تحضيرات إسرائيلية جنوب لبنان كل هذا يؤشر إلى أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة، الرابح فيها من يحسن التقاط الفرصة التاريخية من أجل تعظيم منافعه وجوامعه، وتقليص خسائره.
هذه التحولات والتغيرات الإقليمية والدولية التي تعتمل اليوم بعد فرض العقوبات الأميركية على الحرس الثوري الإيراني، انعكست بشكل مباشر وسريع على النظام السوري، فقد بدأت أجنحة النظام السوري بالابتعاد أكثر عن الحليف الإيراني والاقتراب أكثر من الحليف الروسي.
في حين آثر البعض، وفقاً لمصادر المعارضة السورية، الاقتراب من الغرب، حيث تواصل عدد من كبار الضباط العلويين مع الغرب من أجل تأمين انشقاقهم، لكن يبدو أن الغرب آثر إبقاءهم بمواقعهم من أجل ساعة صفر التي ربما يعد ويحضر لها.
انعكست هذه الصدامات على الأرض كأزمة معيشية قاتلة لحاضنة النظام، التي ترى إيران وروسيا منشغلتين بإرغام النظام على دفع ما بقي من سوريا، ثمناً لوقوفهم إلى جانبه ضد الثورة السورية.
فكان تسليم الروسي والإيراني مطار دمشق وميناء طرطوس واللاذقية، بالإضافة إلى مناجم الفوسفات والغاز في تدمر، أما الحاضنة الاجتماعية للنظام فتئن تحت وطأة الافتقار إلى مادتي الوقود والغاز وغيرهما.
لم يعد هناك نظام سوري، ولم نعد نسمع تصريحات لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، تماماً كما اختفى وزراء الداخلية والدفاع وغيرهما، وإنما ما نسمعه اليوم هو تصريحات لوزيري الخارجية والدفاع الروسيين.
بل إن الرئيس بوتن أدلى بتصريح يعلن فيه أن المعارضة السورية أعلنت أن النظام السوري انتصر في معركته الأخيرة، وهو ما يناقض تماماً ما أعلنه وزير دفاعه قبل يومين بأنه لولا التدخل الروسي لكان سقط النظام السوري، الذي لم يكن يسيطر سوى على 10 % من الأرض السورية عشية تدخلهم.
لكن اللافت أن بوتن اليوم لم يعد يقدم نفسه محامياً عن النظام فقط وناقلاً لأخباره، وإنما يريد أن يلعب الدور نفسه عن المعارضة التي ردت عليه ورفضت كلامه وتصريحاته.
هنا تبرز اجتماعات الأستانة الأخيرة، والتي تم تسريب معلومات عن دوريات روسية ـ تركية مشتركة في الشمال المحرر، وذلك بحجة وقف قصف النظام السوري والميليشيات الطائفية للمدنيين، وهذه التسريبات خطيرة بحق الحليف التركي، أكثر مما هي خطيرة بحق الثورة والثوار.
فحتى إن توقف القصف على المحرر فسينظر أهالي الشمال أن من أوقف القصف هو الدوريات الروسية، وليس التركية التي لم تُوقف القصف لعام كامل من وجودها في الشمال.
هذا إن سلمنا جدلاً بأن الشعب سيقبل بتسيير الدوريات المشتركة، والتي توحي المؤشرات الأولية بأن هذا سيدفع إلى تفجير الموقف من جديد، إذ إن الشعب الذي قدم عشرات الآلاف من الشهداء بسبب القصف الروسي والعصابات الطائفية لن يستقبلهم بالورود والرياحين.
وهنا قد يتم دق إسفين لا سمح الله في حال حصوله مع الحليف التركي، لكن بالمقابل التغيرات والتحولات الدولية الضخمة ستدفع بالقوى هذه إلى الانشغال ببعضها، ومن المفترض أن تدفع الفصائل إلى التحضير لمرحلة قد تكون فرصة لا تتكرر للثورة وسوريا.
* د. أحمد موفق زيدان كاتب صحفي وإعلامي سوري
المصدر | العرب – الدوحة
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة