تمدد الجيش السوري في منبج بميزان واشنطن

ثائر العبد الله13 مارس 2017آخر تحديث :
gflko

gflko

كان لافتا الصمت الأميركي حيال تمدد قوات النظام السوري عبر عملية “استلام وتسليم” سلسة، نفذها الأكراد حلفاء واشنطن على الأرض معها. وشملت العملية تسليم عشرات القرى غرب

مدينة منبج، وهو ما أعاد تشكيل خارطة ميدانية وسياسية جديدة فيها خاسر وحيد، هو تركيا.
ومع هذه التطورات، باتت مدينة منبج حجر زاوية في عملية درع الفرات، والوعاء الذي يستوعب كل أطراف الصراع المحلية والإقليمية والدولية، في تدافع لا يحتمل المساومة والقسمة على اثنين، نظرا لاستحالة جمع عدوين في خندق واحد. كما تفعل الولايات المتحدة التي أقامت تحالفا مستحيلا بين تركيا وعدوها التاريخي المتمثل في حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري.
وعليه، كانت واشنطن قد تعهدت لتركيا بالضغط على الوحدات الكردية للخروج من مدينة منبج خلال شهر واحد من انتزاعها من تنظيم الدولة الإسلامية، وتحقق هذا الالتزام رسميا عبر بيان للوحدات الكردية، لكن الواقع يقول إنها لا تزال تتواجد في المنطقة تحت مسمى “مجلس منبج العسكري”.
المحلل السياسي محمد زاهد غول أكد أن واشنطن دولة كبرى تحترم التزاماتها بما يتعلق بخروج الوحدات الكردية في منبج إلى شرق الفرات، مشددا أن تركيا لم تستسلم لتطمينات الإدارة الأميركية التي تنفي وجود هذه الوحدات في منبج.
“يرى محمد زاهد غول أن الولايات المتحدة لا تهتم بهوية الطرف الذي يسيطر على منبج أو حتى الرقة طالما أنه يخدم أهدافها، وفي مقدمتها تقسيم سوريا، وتوفير بيئة متصارعة تسمح لأميركا بإقامة قواعد عسكرية لها في شمال شرق سوريا”
أطماع إيرانية
ويشير غول إلى وجود تقاطع للرؤى بين أميركا وروسيا حول الخشية من سيطرة الجيش السوري الحر على منطقة آمنة كبيرة شمال سوريا بدعم تركي. ويضيف أن “أميركا تراوغ، وهي تحرث في أرض فيها أطماع إيرانية، وأطماع لروسيا وأطماع للأحزاب الكردية، وكذلك في الأرض التي ترغب قوات النظام في السيطرة عليها”.
ويرى أن الولايات المتحدة لا تهتم بهوية الطرف الذي يسيطر على منبج أو حتى الرقة طالما أنه يخدم أهدافها، وفي مقدمتها تقسيم سوريا، وتوفير بيئة متصارعة تسمح لأميركا بإقامة قواعد عسكرية لها شمال شرق سوريا.
وفي الغالب فإن أميركا تستند إلى الأحزاب الكردية لأنها تتلاقى مع الأهداف الأميركية في مشاريع التقسيم وفي منح أميركا فرصة إقامة قاعدة عسكرية لها على الأراضي التي ستوصف بأنها كردية بعد نزع الصفة السورية والقومية العربية عنها، في خارطة الشرق الأوسط الجديد.
وحول مغزى الصمت الأميركي إزاء تسليم الأكراد مناطق للنظام في منبج، جزم غول أن ذلك يصب في خدمة الإستراتيجية الأميركية، فقوات الأسد لها حصة في التقسيم الذي تعمل أميركا لتحقيقه، وإذا تمكنت أميركا من إيجاد تعاون بين كيانين أحدهما لبشار الأسد والآخر لقوات حماية الشعب أو حزب الاتحاد الديمقراطي فهذا يحقق مصالح لها أولا، وقد يقطع الطريق على روسيا أن تكون صاحبة الفضل والمنة عليهما لإقامة كيانات أو كانتونات سياسية تحظى بالحماية الأميركية عسكريا، والرعاية الأميركية.
الكاتب والناشط السياسي السوري حسن نيفي -وهو من أهالي مدينة منبج- يرى أن هناك عاملا يجري تجاهله فيما يتعلق بمدينة منبج، هو ذاته الذي أوجد حاضنة في وقت سابق انتزعت المدينة من قوات النظام, ألا وهو المزاج العام الرافض لوجود قوى عسكرية غريبة، ودعم واشنطن لقوى مرجعيتها خارج سوريا ولا تنسجم مع التركيبة السكانية في المدينة.
مساومات لاحقة
وتوقع نيفي قيام مساومات بين الأطراف الرئيسية في وقت لاحق تفضي إلى إبعاد قوات سوريا الديمقراطية -التي تشكل الوحدات الكردية المكون الرئيسي فيها- عن مدينة منبج، مقابل موافقة تركيا باستفراد هذه القوات بعملية السيطرة على الرقة.
أما الكاتب عبد الناصر العايد فيرى من جانبه أن الصراع في منبج مجمد حاليا، وخطوط التماس وتثبيتها أولوية، وكل ما يمكن أن تفعله تركيا تعزيز السيطرة على المكاسب الميدانية التي حققتها عملية درع الفرات واستثمارها سياسيا لتأمين اعتراف بالمنطقة الآمنة.
وأشار إلى أن صمت الولايات المتحدة يُفهم بالنظر إلى أولوية واشنطن الآن، ألا وهي حشد أكبر قدر ممكن من المقاتلين العرب لإيجاد توازن داخل قوات سوريا الديمقراطية مع المكون الكردي لتشارك هذه القوات من المحور الشمالي في معارك الرقة, بينما يتم الدفع بقوات النظام باعتبار هاتين القوتين التحالف فيما بينهما ممكنا, بل وقائما، لتشكلا القوة البرية في معارك استعادة الرقة.

الجزيرة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة