عن عمر أبوليلى و«بدنا نعيش» وكوشنر.. أي رابط؟
- ألم يشعر عناصر “فتح” التي تمنح الشرعية لقيادة عباس بالتناقض وهم يحتفلون بالشهيد أبوليلى كعنصر منهم؟!
خطأ دخول «حماس» في انتخابات سلطة خدمة الاحتلال في 2006 اكتمل بالحسم العسكري منتصف 2007 وساهم بتكريس تيه القضية.
الجمع بين السلطة والمقاومة وهم كبير والحروب التي خاضها قطاع غزة كانت لردّ العدوان ولا تُقارن إمكانات الاحتلال بإمكانات غزة.
حراك «بدنا نعيش» يستحضر طروحات كوشنر في حل “السلام الاقتصادي” لنتنياهو وتقديم العيش والاستثمار على التحرير.
بقلم: ياسر الزعاترة
قد يستغرب البعض من هذا الربط بين قصة الشهيد البطل عمر أبوليلى، وبين الحراك الذي ظهر في قطاع غزة تحت شعار «بدنا نعيش»، وبينهما وبين كوشنر -صهر ترمب- لكن القضية الفلسطينية هي في النهاية قضية واحدة، والربط واقع لمن أراد أن يرى الحقيقة كما هي.
أحمد جرار، أشرف نعالوة، صالح البرغوثي، وصولاً لعمر أبوليلى، والمسيرة التي لم تتوقف، وهذا الاحتفاء الجماهيري بهذا اللون من الأبطال، الذين تمرّدوا على الواقع القائم في الضفة الغربية، هو ما يكشف الرابط بين هذه القضية وبين حراك غزة وبين كوشنر.
لو رفع هؤلاء الشهداء شعار «بدنا نعيش»، لما حملوا السلاح وواجهوا عدوهم، ولو كان الشعب الفلسطيني قد رضي بالواقع القائم لما رفع هؤلاء الشهداء إلى تلك المنزلة السامية. هؤلاء الشهداء وأمثالهم ومن خلال دمهم النازف، أعلنوا رفضهم لمعادلة «أوسلو».
لا وجود لاحتلال يتراجع من دون كلفة، وكم مرة قال عباس إنه لن يرضى باستمرار هذه المعادلة، لكنه لم يغادر مربع الكلام، تماماً كما هو الحال في الموقف من التعاون -يسمّونه تنسيقاً- الأمني الذي هدّد بوقفه مراراً، وصدرت بحقه قرارات من المجلس الوطني والمجلس المركزي، ولكن دون جدوى.
نأتي إلى قصة قطاع غزة، وحراك «بدنا نعيش»، وهنا نعلم أن كثيرين يضيقون ذرعاً بتذكيرنا الدائم بخطأ دخول «حماس» في انتخابات سلطة صُمّمت لخدمة الاحتلال في 2006، وهو الخطأ الذي اكتمل بالحسم العسكري منتصف 2007.
والسبب أن الجمع بين السلطة والمقاومة وهم كبير، والحروب التي خاضها قطاع غزة كانت لردّ العدوان، فهنا لا وجود لجيش احتلال، وفي معادلة جيش لجيش لا مجال لمقارنة إمكانات الاحتلال بإمكانات قطاع محاصَر يمكن حرقه من خلال الطيران لولا حسابات السياسة، من دون التقليل من أهمية الجهد المقاوم، وما راكمه من قوة رائعة، فضلاً عن صمود بطولي في حروب متتالية.
لو تركت «حماس» عباس يجرّب ما جرّبه عرفات من قبل ولم تدخل الانتخابات، لما كان بوسعه أن يواصل المغامرة إلى الآن، وأن يحشد القبيلة الحزبية من ورائه على هذا النحو بتقديم العداء مع «حماس» على عداء الاحتلال.
والنتيجة أن دخول «حماس» الانتخابات، وبعدها الحسم العسكري ساهم في تكريس حالة التيه التي تعيشها القضية، دون أن يغيّر ذلك حقيقة أن عباس هو المسؤول الأكبر عن هذا التيه، لأن جوهر القضية هناك، فيما يسميه الغزاة «يهودا والسامرة»، وليس في قطاع غزة، ولو اختفى الأخير من على وجه الأرض، فلن تتغير حقيقة الصراع.
نأتي إلى حراك «بدنا نعيش»، وهنا يحضر كوشنر أيضاً، فطروحات الأخير واضحة في جعل الحل قائماً على فكرة السلام الاقتصادي لنتنياهو، وتقديم فكرة العيش والاستثمار على فكرة التحرير.
حراك «بدنا نعيش» هو حراك محاصَر ضد محاصَر، وهو عملياً أشبه بمطالبة ضمنية بتحسين وضع القطاع على غرار الضفة، أي نقل تجربة التعاون الأمني، من أجل فك الحصار وتحسين الوضع، وهذا هو ما يقدمه كوشنر، فكيف لمن يتحدثون عن صفقة القرن أن يهلّلوا لهذا الحراك؟ «أعداء المظاهرات في كل العالم العربي احتفلوا به أيضاً».
رد «حماس» على الحراك كان خاطئاً بامتياز، واعتذارها يؤكد ذلك، وكان أولى بها أن ترد عليه من خلال الجمهور، وليس من خلال القمع، أي بمظاهرات مقابلة توجّه البوصلة نحو من يحاصرون القطاع، وليس نحوها.
لكن ذلك لا يعفيها أيضاً من الاستماع إلى نبض الناس في كل ما يتعلق بإدارة القطاع، وصولاً إلى مشاركة الفعاليات الشعبية والسياسية في إدارته بدل الانفراد بذلك.
الخلاصة أننا شعب في مرحلة تحرر، وأي منطق يحيلنا إلى وضع الدولة هو منطق مرفوض، ووضع للعربة أمام الحصان، ومنح دفعة لمؤامرات تصفية القضية، ولا حل سوى بوحدة ميدانية على خيار المقاومة.
بينما تتحول السلطة إلى كيان إداري تتم إدارته بالتوافق، هنا تتأكد حقيقة الأزمة، وأنها هناك بيد قيادة رام الله، وفي الحركة التي تمنح الشرعية لتلك القيادة، «ألم يشعر عناصرها بالتناقض وهم يحتفلون بالشهيد أبوليلى كعنصر منهم؟!
وما لم يتغير هذا الوضع، فسيتواصل التيه بانتظار تمرد شعبي شامل يفرض على الجميع تصحيح البوصلة، بدل «مسخرة» الحديث عن انتخابات وسلطة ومنافسات فارغة.
* ياسر الزعاترة كاتب صحفي أردني/ فلسطيني
موضوعات تهمك:
السلطويات العربية حين تفرض الانتقام فولكلورا شعبيا
العالم في أمسّ الحاجة إلى قادة «إنسانيين»
عذراً التعليقات مغلقة