ماذا بعد مرور 40 عاما من حكم الملالى الإيرانى؟!
مع استمرارية السيطرة الرأسمالية الواسعة لنظام حكم شاه إيران على الاقتصاد الإيرانى ومؤسسات المجتمع وامتداد هذه السيطرة إلى القيام بأعمال قمع واسعة النطاق لتطور المعارضة إلى أحداث شغب واسعة النظاق حتى أجبرت هذه المعارضة الشعبية الشاه على مغادرة البلاد فى فبراير 1979 لتقام الجمهورية الإسلامية بقيادة آية الله روح الله الخمينى (روح الله بن مصطفى موسوى خمينى هندى) والتى لم تتخلى عن إعمال القمع التى مارسها نظام الشاه فتمت محاكمة المئات من مؤيدى الشاه وأنصاره وتم إعدامهم واضطر الكثير إلى الهروب من البلاد.
اقرأ/ي أيضا: الشيعة العرب: المواطنة والهوية
وأقام النظام الملالى محاكم الثورة بكل إيران، والتى أصدرت أحكاما إعدامت بها الآلاف من المحسوبين على الشاه من المدنيين والعسكريين ومن خلال عمليات القمع الممنهجة قضى الخمينى خلالها شركاء الثورة العلمانيين واليساريين وألأحزاب الدينية السنية والرافضين لولاية الفقيه من رجال الدين الشيعة ومنهم آية الله العظمى شريعتي مداري وأنصاره وهو من أهم المراجع الشيعية الإيرانية ومن أنقذ الخميني من حبل المشنقة والسجن فى أواسط الستينيات بإعطائه لقب (أية الله العظمى) وهو ما منع الشاه من إعدامه وسجنه حيث يحظر كل من الدستور والقانون الإيراني حبس أو إعدام أي مرجعية دينية بدرجة (اية الله عظمى) فتم وضعه تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته على الرغم أن منتظري كان أهم أسباب نجاح الخميني أثناء الثورة وبعدها ورشح لخلافته , وذلك بسبب آرائه المعتدلة وبخاصة اعتراضه بما يتعلق بالولاية المطلقة للفقيه.
اقرأ/ي أيضا: في وداع الردع.. لماذا يتجه العالم للحرب بدلا من تفاديها؟
وعلى العكس مما يتصوره الكثير أن العداء بين نظام الخمينى والملالى ممتد من قبل الثورة الإيرانية فالحقيقة كان الخمينى فى شبابه على علاقة قوية بالمخابرات الغربية، وما كشفته فضيحة “إيران / كونترا” والتى أظهرت بقوة شراء الأسلحة الأمريكية وقطع الغيار العسكرية من أمريكا ووصولها إليها عبر الكيان الصهيونى وقيام مسئوليها من أمثال صادق طبطبائى بزيارات متعددة للكيان الصهيونى وعقد صفقات مع القادة العسكريين للكيان الصهيونى وفي مقابلة مع جريدة الهيرلد تريديون الإمريكية في 24 أغسطس1991 إعترف الرئيس الإيراني السابق أبو الحسن بني صدر بأنه قد تأكد له العلاقة بين إيران وإسرائيل ولا يستطيع أن يواجه التيار الديني المتورط في تنسيق التعاون الإيراني الإسرائيلي.
اقرأ/ي أيضا: خفايا الحملة الصليببية لترامب
وفي 3 يونيو 1982 إعترف مناحيم بيجن أنهم كانو يمدون إيران بالسلاح وأكد إيريل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي أسباب ذلك الدعم العسكري الإسرائيلي لإيران لإضعاف النظام العراقى، وأشارت ميدل إيست البريطانية في عددها أكتوبر 1982 عن عقد صفقة تورد إيران من خلالها النفط إلى إسرائيل في مقابل صفقة إسرائيلية لإيران بــ 100 مليون دولار وكما ذكرت مجلة أكتوبر المصرية في عددها أغسطس 1982 أن المعلومات المتوفرة تفيد بأن إيران قد عقدة صفقه مع إسرائيل اشترت بموجبها جميع السلاح الذي صادرته من جنوب لبنان ذكرت المجلة السويدية TT في 18 مارس 1984، وذكرت مجلة الأوبزريفر في عددها بتاريخ 7 إبريل 1984 عن صفقة أسلحه إسرائيلية إلى إيران وأكدت المجلة أن قيمة اصفقة بلغت 4 مليارات دولار.
اقرأ/ي أيضا: محاكم التفتيش الحديثة
وعلى عكس ما هو شائع أن أمريكا كانت تساند الشاه حيث ينكشف الارتباط بينها وبين النظام الملالى من الموقف الأمريكي من ثورة الخميني ضد الشاه هو قيامها بتحييد الجيش الإيراني، وهو الذى يمثل قوة نظام الشاه فقد أكد أحد المقربين من الشاه بأنه نصحه استخدام الطيران في قمع الثوار فرد الشاه أن الطيارين يعملون بأمر الأمريكيين لا بأمره، حيث كان آلاف المستشارين الأمريكيين يشرفون على تأهيل الجيش الإيراني وقد انحصرت مهمة الجنرال هاوسر نائب القائد العام لقوات حلف الأطلنطي في أوروبا في منع الجيش الإيراني من القيام بانقلاب لإنقاذ عرش الشاه وكان للمخابرات الأمريكية دور حاسم في تأمين رجوع الخميني من فرنسا لإيرإن وإقناع فرنسا بتأجيل رحلة الطائرة نقل الخميني 3 أيام تفادياً لاحتمال إسقاطها من قبل موالين للشاه.
اقرأ/ي أيضا: حقائق الهيمنة الاستعمارية
ومن خلال آليات هذه الفاعليات التى تاسست منح صلاحيات وإمتيازات واسعة النطاق وممتدة أفقيا ورأسيا لكافة المؤسسات والأجهزة الأمنية والمخابراتية والدينية وعلى راس هذه الأجهزة الحرس الثورى الإيرانى من خلال تخصيص الميزانيات المفتوحة له والصلاحيات التى تتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية نفسه وتوفير الدعم المالي والعسكري المفتوح له داخل إيران وخارجها.
وقد تسببت السياسات الرأسمالية لصالح الطبقة الحاكمة في إفقار الشعب الإيراني الذى وصل تعداد إلى نحو 82 مليون نسمة، فقد ارتفعت نسبة الفقر حالياً إلى 70%، وارتفعت نسبة البطالة إلى 40%، بالتزامن مع انخفاض الإنتاج المحلي بنسبة 50% وانتشرت العديد من الأمراض والأوبئة على رأسها مرض الإيدز، وارتفاع معدلات إدمان المخدرات مما دفع إلى هروب الاستثمارات منها وانهيار العملة وانتشار اليأس بين أفراد الشعب الإيراني والشباب الذي أصبح لا يجد فرصة عمل في حين تذهب أموال البلاد وثرواتها لدعم الميليشيات والحروب في المنطقة وإلى كبار أنصار النظام فى كافة المؤسسات وإلى الذين يشغلون مناصب في السلطة.
اقرأ/ي أيضا: كيف تتألم إفريقيا من أنياب الطائفية الإيرانية؟
وليس أدل على ذك من اتهام الرئيس الإيراني السابق أحمد نجاد لخلفه حسن روحاني فى لفاء مع صحيفة شرق الإيرانية اليومية نشرتها فى 10 مارس هذا العام حيث إتهم فيها حكومة روحاني بعدم تسليم إيرادات قدرها 30 مليار دولار مقابل نفط باعته في السنوات الخمس الماضية مما يعد فسادا واضحا حيث يواجه روحانى وشقيقه اتهامات قضائية بالحصول على رشاوى مالية ضخمة لتمرير صفقات مشبوهة منها صفقات البترول، و كشفت تقارير إعلامية عن آخر فضيحة إختلاس تقدر بـ 38 مليار دولار، متورط فيها 14 شخصا بينهم قادة بالحرس الثوري، وقد اتهمتهم المحكمة الاقتصادية باختلاس ما يزيد عن سبعة مليارات دولار.
اقرأ/ي أيضا: أحلام السيطرة الإيرانية من الشاه إلى الخميني
كما أن العامة أكدت أن هناك إضافة إلى 7 مليارت يورو جرى اختلاسها، ما يزيد على 38 ملياراً، مازالت عالقة لدى أشخاص تحقيقات النيابة اعتمدتهم الحكومة الإيرانية ووزارة البترول لبيع المنتجات وتبييض الأموال وإعادتها إلى البلاد، كما كشفت التقارير فقدان أكثر من 30 مليار دولار، و400 مليار تومان، من أموال الدولة، مرجحاً أن تكون فُقِدت في تلاعب بالحسابات المصرفية خلال 10 أشهر وفى إطار فساد رجال النظام واتهامات رجال وأنصار النظام لبعضهما البعض .. هكذا تكشف هذه الملفات فساد النظام الملالى الذى استخدم الدين طبقا لمصالحه الرأسمالية ولقهر وقمع كل معارض لهذه المصالح .. وهذا خلاصة حكم الملالى بعد 40 سنه.
اقرأ/ي أيضا: هزيمة إيران في سورية
عذراً التعليقات مغلقة