فى ثورة 19 خرج الشعب من أجل مصر وليس من أجل سعد
على مر التاريخ المصرى تصاعدت الممارسات والمخططات الخارجية والسلطوية، التى تهدد الوحدة الوطنية المصرية واستعداء الطبقات الاجتماعية والاتجاهات الإيديولوجية، وتأجيج الصراع والمعارك والحشد والتعبئة فيما بينها، ورغم هذه المؤمرات المستهدفة، كانت الحكمة الشعبية المصرية التى تشكل الكثير من طبيعة المقاومة للشخصية المصرية: إن طال الليل على قد ما طال لابد من طلوع الفجر..
ومن هذه المؤمرات كان المخطط الاستعمارى هو التخلص من الحركة الوطنية الحقيقة التى قادها مصطفى كامل ومحمد فريد فمصطفى كامل من أكبر المقاومين للاستعمار الإنجليزى حيث وقف مقاوما بفضح جرائم الاحتلال الإنجليزى والتنديد بها دوليا وخاصة بعد مذبحة دنشواي وفضح عدم شرعيته وأعلن بقوة أن من يتهاون في حق من حقوق دينه وأمته ولو مرة واحدة يعش أبد الدهر مزعزع العقيدة سقيم الوجدان وإن مصر للمصريين أجمع وعلى حامل اللواء أن يجدّ ويجتهد حتى ينصهر داخل العمل الوطني فلا تستطيع أن تقول إلا أنه جزء من الشعلة.
اقرأ/ي أيضا: عداء اليهود وليس معاداة السامية
ومحمد فريد ترأس الحزب الوطني بعد وفاة مصطفى كامل وأنفق ثروته في سبيل الوطنية المصرية وخطط محمد فريد ودعا وأعد وقاد المظاهرات الشعبية المنظمة ضد النظام الحاكم وضد الإنجليز واستجاب الشعب لدعواته الصادقة فخرج عشرات الآلاف من حديقة الجزيرة قلب القاهرة هاتفة بمطالبها وحكم عليه بالسجن ستة أشهر، وعند خروجه منه كتب: مضي علي ستة أشهر في غيابات السجن ولم أشعر أبداً بالضيق إلا عند إقتراب خروجي، لعلمي إني خارج إلي سجن آخر وهو سجن الأمة المصرية الذي تحده سلطة الفرد ويحرسه الاحتلال.. أن أصبح مهدداً بقانون المطبوعات ومحكمة الجنايات.. محروماً من الضمانات التي منحها القانون العام للقتلة وقطاع الطرق.
وعلى الحقيقة كانت ثورة 1919 امتدادا قويا للمقاومة الوطنية الحقيقية التى قادها كل من مصطفى كامل ومحمد فريد والتى وحدت الشعب فى مقاومة الاستعمار واعوانه فقد شهدت ثورة 1919 التحام الشعب المصري بصورة اذهلت العالم وليس الانجليز وحدهم.. وصدرت أحكام الاعدام والنفي علي قادة الثورة من كل المستويات.
اقرأ/ي أيضا: خفايا الحملة الصليببية لترامب
وشمل الاعدام والنفي الاقباط والمسلمين دون تفرقة.. واستشهد الكثير فى سبيل الثورة على المحتل الإنجليزى فسينوت حنا والذي اختير عضواُ في لجنة قيادة الحزب الوطني عام 1913 و كان أحد قادة ثورة 1919 وهو الذي استشهد حينما حاول إنقاذ مصطفى النحاس باشا من الاغتيال فمات بدلاً منه.
ولم يكن كل من مصطفى كامل ومحمد فريد يوما من أعوان الاستعمار الإنجليزى المحتل الغاصب وللأسف مثل ذلك البعض من أمثال سعد زغلول والذى أصبح قاضيا فى محكمة الإستئناف عام 1892 وتزوّج عام 1895 من ابنة رئيس وزراء مصر مصطفى فهمي باشا وتولى وزارة التربية والتعليم عام 1906 ووزارة العدل 1910 وكما ذكر المؤرخ عبدالرحمن الرافعي في كتابه “مصطفى كامل.. باعث الحركة الوطنية” عن سعد زغلول: “لقد بدأ الزعيم حياته السياسية صديقًا للإنجليز، وختمها كذلك صديقًا للإنجليز، وبدأها بمصاهرة أشهر صديق للإنجليز عرفته مصر في تاريخ الاحتلال من أوله إلى آخره وهو مصطفى فهمي باشا، أول رئيس وزراء في مصر بعد الاحتلال” فقد كان من أكبر المتعاونين مع الاحتلال الإنجليزى حتى اعتبر هو ذات يوم ان ذلك خيانه لوطنه.
اقرأ/ي أيضا: محاكم التفتيش الحديثة
واعترف فاضحا نفسه معترافا بممارسته للقمار فى مذكراته ومؤكدا أنه “أدمن لعب القمار، وشرب الخمر”، إذ يقول: “كنتُ أتردد بعد عودتي من أوروبا على الكلوب، فملت إلى لعب الورق، ويظهر أن هذا الميل كان بداية المرض، فإني لم أقدر بعد ذلك أن أمنع نفسي من التردد على النادي ومن اللعب، وبعد أن كان بقليل أصبح بكثير من النقود وخسرت فيه مبلغًا طائلًا”.
وحكى عن حياته في أوروبا قائلًا: “كنت أفطر مع الست والباشا، أي مصطفى فهمي، وحسين ابن محمود صدقي في التاسعة، وبعد أن نتمشى مع الباشا قليلا نعود إلى البيت لنلعب البوكر مع الست وحسين إلى الساعة ثمانية، ونتمشى قليلا ثم نعود لنلعب البوكر إلى الساعة 11 مساء، وقد انفعل أثناء اللعب عند الخسارة وصادف أن الزهر كان يعاكس وكان زهر (حسين) سعيد، لكن مع ذلك كسبت ولم أخسر” ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل أمتد ليهاجم الوطنية المصرية ففى المنفى فى جزيرة مالطا كتب فى مذكراته أن أعمال العنف فى ثورة 1919 أمور تضر بقضيتنا”.
اقرأ/ي أيضا: سؤال الهوية المتغيّر!
وأكد الكاتب محمد محمد حسين موثقا في كتابه “الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر”: اختار اللورد كرومر سعد زغلول وزيرًا للمعارف، فحاول بمجرد تعيينه إحباط مشروع الجامعة المصرية، وتصدى للجمعية العمومية حينما طالبت الحكومة في مارس 1907 بجعل التعليم في المدارس الأميرية باللغة العربية، وكان وقتئذ بالإنجليزية، وكان الاحتلال هو الذي أحل اللغة الإنجليزية محل العربية في التدريس”، وعلق مصظفى كامل على علاقة سعدزغلول بالإنجلبز: بأن الوزير قائم الآن على منحدر هائل مخيف.
ويضيف «الرافعي» في كتابه: «كتب (زغلول) عن اللورد كرومر في مذكراته (مذكرات سعد زغلول) كراس 28، ص 1516: (كان يجلس معي الساعة والساعتين ويحدثني في مسائل شتى كي أتنور منها في حياتي السياسية”.
اقرأ/ي أيضا: حقائق الهيمنة الاستعمارية
وفى خطبة وداع اللورد كرومر لخروجه من مصر لم يمدح في خطابه إلا رجلا واحدًا، هو سعد زغلول، وفي رسالة كتبها الكاتب والمستشرق البريطاني، السير ولفرد سكاون بلنت في أبريل 1887، ونشرها في كتاب “التاريخ السري لاحتلال إنجلترا مصر” قال: إن “المصريين غير راضين عن الاحتلال خاصة أنه لا يوجد وزير واحد من أصل مصري، رغم أن الثورة العرابية قد تفجرت لهذا السبب، وأقترح فيها أن يتم اختيار وزير مصري من بين الأسماء التالية: محمد عبده، سعد زغلول، إبراهيم الوكيل، لامتصاص نقمة المصريين على بريطانيا وكان إختيار سعد زغلول لقد وعى الشعب المصرى المقاومة الحقيقة وقاوم المحتل الغاصب الذى تعاون مع الخونة والعملاء.
اقرأ/ي أيضا: ألف فضيحة جنسية .. الفاتيكان من الخصيان ل الشذوذ
عذراً التعليقات مغلقة