المحتويات
نقدم لقراء صحيفتنا الاعزاء هذة القصة الطويلة والجميلة التى كتبها احد كتاب القصة الكبار بمصر وهو الكاتب والاديب على حزين وهو كاتب له قلمة المميز ولة اسلوبة الخاص وابن المدرسة الواقعية فى عالم الابداع الرائع والمشوق للنفس ونتمنى تعجبكم كما اعجبتنا
اقرأ/ى أيضا:
للموت وجه آخر ” قصة قصيرة وقصص اخرى”
قصة قصيرة :
” فيزا كارت “
بقلم / على حزين
” الحياة بها أشياء أغرب من الخيال أحياناً .. وهذه القصة قد لا تمت إلي الواقع بصلة .. لكن بها شيء ما من المصداقية يصلها بالواقع الذي نُعايشه , وقد تكون قصة واقعية فعلاً , لكنها في النهاية لا تخلو عن كونها قصة من نسيج خيال فنان مبدع وجدانه لا ينفك بحالٍ , يحاكي شيءً من الواقع المر الاليم الذي نعيشه ”
جلس مهموماً مغنما يضرب كف بكف , وفي رأسه أخماس في أستداس , فالعيد علي الأبواب , وأولاده الثلاثة يلزمهم كسوة العيد , والجيب خاوي,والعين بصيرة واليد قصيرة , أخذ يدبر حاله , وهو يفكر كيف ..؟!.. ومن أين ..؟!.. يأتي بالنقود التي سيشتري بها كسوة العيد لأبنائه الصغار وأمهم , فقد عودهم من كل عام بأن يجلب لهم الثياب الجديدة , طقمان لكل واحد منهم , غيران اثنان كل عيد , ولا ينسي أن يكسي أم الأولاد بكسوة يتيمة يشتريها لها من العيد للعيد , ثم يذهبوا بكسوتهم هذه الي المدرسة ,
اقرأ/ى أيضا:
جينى وزوجها الشاعر امير طعيمة وسر هجموهما العنيف على النادى الاهلى
تعود يصحبهم قبل العيد بأسبوع أو أسبوعين , يدور بهم علي المعارض الشعبية والبائعون الجائلون , وعربات الملابس الجاهزة التي تملأ الشوارع , وتحتل الأرصفة في كل عيد , ولا أحد يمنعهم من البلدية , أو من اهل الحي , وكأنهم يريدون أن يقدموا خدمة للمواطنين , ثياب مخفضة الثمن للفقراء, وحتى لا يحتكر السوق التجار القشعين , ضرب يده في جيبه , أخرج حافظة نقوده , عد النقود الزهيدة التي فيها , تمتم بصوت لا يسمعه غيره ,
ــ ستفرج إن شاء الله تعالي ..
نهض .. أتجه صوب المكان الذي يعين فيه مبلغ من المال ــ للظروف ــ وللحالات الطارقة , من مرض,أو واجب , وغيرة , فالناس لم تعد تعطي أحد,أو تسلف أحد, للحظة مر بباله يوم احتاج لعشرة جنيهات لأمرٍٍ ما , يومها لف البلد على رجليه , يبحث عن أحد يعطيه سلف فلم يجد , وتذكر أيضا لما مات والده, وكان يحتاج إلي عملية جراحية تحتاج مبلغ من المال ” ألفان من الجنيهات ” فلم يجد من يعطيه أيضاً, حتى أنه طرق كل باب للأقرباء , والأهل , والجيران , حتى أبواب أهل الخير وقف عليها , ولم يدعها , لكن للأسف الشديد لم يعطه أحد , ولم يعش والده طويلا بعد ذلك , وابنه الصغير كان يحتاج إلي عمليه هو الأخر قبل موته .. , ودارت في رأسه أحداث كثيرة متشابهة , لأجل ذلك كله , وبعد كل هذه الاحداث التي مرت به في حياته , تعلم الدرس جيدا , واستوعبه , وعرف بأن الانسان لا يساوي في هذا الزمان إلا ما يملكه من مال , وأن أحداً لا يعطي أحداً شيئاً , لذلك قرر أن يقتطع جزءً من راتبه كل شهر , يعينه , أو يضعه في مكان ما , أمين , يكن لمواجهة الظروف , والحالات الطارئة , أمسك بالمبلغ,عده , نظر إليه طويلاً, ودمعة توشك أن تقع من عينه , ثم تمتم , يحدث نفسه ..
ــ المبلغ ضعيف لا يكفي بأن اكسوهم مثل كل سنة ..؟!..
اقرأ/ى أيضا:
هاجروا البنتين طب راحوا فين يابو على “قصيدة بالعامية”
قرر في نفسه بأن يتنازل هذه المرة , ويشتري لكل واحد من أبنائه الثلاث , طقم واحد فقط لا غير , لحين ما تفرج , أما زوجته فقد قرر أن يترك كسوتها هذا العام لبيت أبيها , فهم لم يفعلوا ذلك منذ أن تزوجها , وافترض أنها ستزعل منه , وكذا الأولاد ربما لا يعجبهم هذا القرار المجحف , ولكن ما في اليد حيله , وبعد تفكير عميق , قرر أن يخبر زوجته وأولاده بنيته , وما سيقوم به , وهو في طريقه عبر بهو الشقة , سمع صوت المذياع في نشرة الأخبار , وهو يقول
ــ ” بيان هام , وعاجل , الحكومة قررت صرف الراتب في هذا الشهر مبكراً , وقبل العيد , وذلك في إطار ما تقوم به الدولة لتخفيف العبء علي المواطنين “..
أسرع إلي التلفاز ليتأكد من الخبر , وقد تهلل وجهه , وانفرجت أساريره فرحاً , وهو يردد من اللاشعور قولته المعتادة ..
ــ يا ما انت كريم يا رب .. فرجت . فرجت والحمد لله ..
قالها وكأن يداه وقعدت علي كنز ثمين .. ولما لا وهو لا يملك الا راتبه الهزيل , وبرغم ضعفه , وضحالته إلا انه مقوم أوده علي الحياة , وأفضل من مد الايد , اقترب علي درجة مدير عام , وكم عام ويخرج علي المعاش , وما زال راتبه لا يتعدى الثلاث الاف جنيه فقط لا غير , هذا كل ما يمتلكه في هذه الحياة , فلا ورث ولا صنعة , ولا سدرية , ثلاثة ألاف جنيه فقط لا غير , وذلك بعد الخصومات والضرائب , وقسط البنك الذي جلبه علي ضمان رابته ليتلقى البيت الذي يعيش فيه مع اولاده من اخوته , معه من الاولاد ثلاثة بنت وولدان , وأما الولد الثالث توفاه الله بعد معانة , وصراع مرير مع المرض ..المهم .. أخرج ورقة وقلم , ثم جلس يحسبها مع نفسه, جمع كم معه من نقود, وكم سيقبض من راتبه , ثم وضع أرقام لشراء كسوة العيد , وكم سيتبقى معه من نقود لباقي الشهر , والشهر القابل تلك طريقته وهذه عادته , وهذا ديدنه في الحياة كلها , قبل كل شيء , لبد أن يحسبها , عنده كل شيء محسوب بالورقة , والقلم , كل شيء يضع له خطة , ثم يجعل له ميزانية خاصة به , فهو رجل ذكي, متكيف مع ظروفه كلها , ومطوع حياته علي هذا النحو , وعلي الراتب الزهيد الذي يتقاضاه , لو قسم علي خمسة أفراد , هو وزوجته وأولاده الثلاث , ستجد أن نصيب الفرد الواحد منهم عشرون جنيه ــ في اليوم والليلة ــ فقط لا غير , ومطلوب منه أن يعيش به , ويدير منزله ويرعي به أسرته , مع دروس للأولاد ,علي مصاريف للمدارس , علي كسوتهم , وعلاج لا قدر الله , ومياه , وكهرباء .. و.. و ..الخ .. الخ ..؟!..
اقرأ/ى أيضا:
” قصيدة بالعامية للجندى اللى غاب”
فإذا ما سأله أحداً .؟! .. كيف يعيش بهذا الراتب الزهيد ..؟! .. في ظل هذا الغلاء الفاحش المتوحش ..؟!.. دائماً تسمعه يردد , وهو يبتسم ..
ـــ أهه عايشه والحمد لله , وربنا يبارك في القليل , وماحدش بيـ بات من غير عشا وما حد ش بيأخد غير نصيبه ..
إلي غير ذلك من الأسطوانة المحفوظة لدي الناس الطيبين المساكين الذين يكملون عشاهم نوم , وقضينها حمد , وشكر ..
اتجه صوب الدولاب , الذي اشتراه من بائع الموبيليات المستعملة , فتح دلفه بسرعة , وتوتر, كي يرتدي جلبابه الوحيدة التي لم تمت بعد , والتي قد أعدها لمثل هذه المشاوير الهامة , فهو بعد قليل سيقف أمام الحاسب الآلي ” مكنة الصرافة ” وسيضع” الفيزا كارت ” الخاصة به , والتي لا يعرف كلمة سرها إلا وهو , وزوجته المصون , ارتدي حذاءه القديم , الذي لم يزل فيه الرمق , والذي اشتراه من سنين طويلة , وبعد إلحاح من زوجته , التقط حافظة نقوده بسرعة , فبعد خمس دقائق سيكن في الشارع , أخبر زوجته بأنه ذاهب لإحضار راتبه الشهري , ودعته بابتسامة جميلة , مع شراء بعض الطلبات الضرورية للمنزل .. وهي تدعو له , يعود لها بالسلامة
ــ ربنا يكفيك شر الطريق , وأولاد الحرام , وتعود لنا بالسلامة يا رب ..
وقف في طابور طويل , أمام مكنة الصرافة الوحيدة في الشارع , ينتظر دوره .. عدَّ الواقفين أمامه , وحسب في رأسه حسبة بسيطة , وافترض , لو أن كل واحد أمامه سيأخذ دقيقة , أو دقيقتين , سيقف ساعة تقريباً , فكر أن يعود الي المنزل , ويأتي في وقت أخر, لكنه أقنع نفسه , بأنه لو عاد في وقت أخر , ربما لا يجد المال في المكنة , أو ربما يجد زحاماً أكثر من هذا , فالعيد علي الأبواب , وقد حدث معه هذا من قبل , أكثر من مرة ,
أصوات الناس الواقفين أمامه , ومن خلفه تختلط بأصوات تلكسات العربات, بالكاد كان يصله بعض الجمل , والحوارات , من بعض الناس الواقفون , المتزاحمون , المتذمرون , الساخطون علي العيشة , والدنيا , والحياة , وذلك من نوعية ..
ــ الأسعار نار والمرتب لا يكفي لأخر الشهر ..
فيرد عليه أخر وهو يضحك , وقد رفع صوته , وهو ينظر إليه , وكأنه يريد أن يسمعه , ليشارك في حوارهما
اقرأ/ى أيضا:
دعنى “قصة قصيرة جريئة جدا”
ــ لازم نستحمل عشان البلد تقوم علي رجليها , ونبني بلدنا ,
فيرد ثالث , وقد بدأ في صوته شيء من الحدة , والسخط علي كل شيء .
ــ اللحمة غالية , والفاكهة غالية , وكل شيء غالي , والحياة كلها بقت غلا , وبلا
أخر يقول , وقد أخذ مكان الذي تقدم أمامه ,
ــ يعني هو الفقير هو وحده اللي يستحمل , ما في ناس فوق عايشه , وناس تانى بتموت مش لاقيه حق الدواء , ولا ثمن الأكل , الناس بتآكل من الزبالة..
يرد الأول وهو يضحك بخبث ..
ـــ تقسيمة ربنا , أنت بقى ها تكفر .. ربنا قال وجعلنا بعضكم فوق بعض طبقات
صحح له من بجواره وهو يبتسم ,
ــ درجات
وهو ما زال مرابطاً في مكانه , يصله صوتهم أحياناً , ويغيبه الخوف من الرقيب والضجيج أحياناً أخرى , يمسك بطاقته ” الفيزا كارت ” بيده , وهولا يبالي بما يقال , ولا بما يدور حوله , كل هدفه أن يصل راتبه إلي يده , وليس في رأسه شيء يدور , إلا كم بقي أمامه حتى يصل إلي دوره , ويقف أمام الصراف الآلي , ليقبض راتبه , ويعود إلي البيت , حتى يحضر مستلزمات الإفطار للأولاد , فقد وعد أم الأولاد , بأنه سيحضر لهم كيلو من الفاكهة , عندما يعود براتبه , كما تعود علي هذا دائماً ــ أول كل شهرــ لما يقبض راتبه , يحضر لهم بعض الكيلوات من الفاكهة ..
لاحظ امرأة جميلة , في العقد الرابع من عمرها , تنظر اليه من حين لأخر , بابتسامة خفيفة على شفتيها , ونظرت أعجاب ملأت عينيها , أرجعته إلي سن الشباب , وأيام الصبا , فهو برغم كبر سنه , ووصوله , واقترابه سن المعاش , إلا أنه لم يزل يحتفظ , بمسحة لا بأس بها من النضارة , والحيوية والنشاط مع شيء من الوسامة , وذلك لأنه كان وهو صغير , رياضي , يمارس السباحة , والمشي لمسافات بعيدة , ولعبة الكاراتيه , لذلك من يراه , ربما أعطاه اقل من عمره بكثير, شعر بنشوة مع تخديره جميلة غزة جسده , لاحظ بأن أحد الواقفين يتابعه من طرف خفي .. تحسس جيوبه , ليتأكد أن كل شيء في مكانه , وأمسك عن النظر إليها , وقد شعر بالألم في
اقرأ/ى أيضا:
فضيحة جنسية فنية “قصيدة عن الحالة المزرية”
قدميه , من طول الوقوف , والأنظار ..
((ولما رأي أن الوقت لم يحن بعد , ووقوفه قد يطول , حينها أطلق العنان لعقلة , وراح يتخيل أشياء , ويحلم بأشياء , فهو تعود أن يهرب من واقعه المر الأليم , بالخيال , وبالأحلام اليقظة , وفي المنام , فكثيراً ما حلم وسرح بخياله, وتخيل أنه رجل له نفوذ , وثراء فاحش , معه فلوس كثيرةً , شركات, ورصيد في كل بنوك الأرض, وطابور من موظفين, والمنافقين يقفون له كل صباح ومساء , يستجدون رضاه بابتسامتهم المنافقة , ونظراتهم التي لا تستطيع أن تخفي حقدهم , وغلهم الدفين , وعربية علي أحدث موديل , وفله علي أحدث طراز , ويخت , وطائرة , خاصة , ممكن تقولوا عليه خيالي حبتين , أو حتى مريض نفسي , أو أي مسمي أخر , لكن تلك هي الوسيلة الوحيدة التي أصبحت أمامه , أو قل هوايته المفضلة للهروب من واقعة المر الأليم , وحتى يستطيع أن يتغلب علي ضغوط الحياة , وحتى لا تفترسه الأمراض بسبب الضغط النفسي . )) ,
يعود من خياله علي الأصوات المرتفعة حوله , انتبه لما يقولونه , فوقع , وأسقط في يده , سمع أحدهم يقول
ــ المكنة وقفت ,
أخر يقول
ــ الظاهر الشبكة وقعت
ثالث يقول
ــ لا لا يا جماعة الظاهر المكنة خلصت فلوس ,
تقدم ليقف مع الملتفين حول المكنة , وهم يحاولون معها , وكأنهم يستجدونها بأن تخرج لهم النقود .. فالعيد علي الأبواب , طلب منهم أن يتركوه , يضع بطاقته في المكنة , لعل وعسي تستجيب , وتخرج النقود له , فأذنوا له بذلك , سمع من يقول له , وهو يضع البطاقة في المكنة ,
ــ ما تحاول ش يا أستاذ , يا إما الشبكة وقعت , ويا إما المكنة خلصت فلوس
اقرأ/ى أيضا:
سيناء وحادث العريش وشهداء سيناء اليوم
وضع بطاقته , ثم الرقم السري , بحذر حتى لا يعرفه أحد من الواقفين , وأنتظر ريثما تقرأ المكنة بيانات البطاقة , مع الطلب بالانتظار, ثم جاءت المرحلة الثانية, ضغط , أختار اللغة العربة الفصحى , وأنتظر مرة أخرى , حتى جاءت المرحلة الثالثة , وفي كل مرحلة تنفرج أسارير وجهه , بقدر ما تنجح المرحلة , والكل من حوله قد كتم أنفاسه , في انتظار أن تتم العملية بنجاح , فالكل ينتظر راتبه , والعيد علي الأبواب , حتى جاءت المرحلة الأخيرة , قرأ علي شاشة الحاسوب .. ” ناسف لعد إتمام هذه العملية مع الرجاء بسحب البطاقة,والمحاولة مرة أخري ” ضحك بعض الواقفين , والبعض الأخر راح يسخط , ويسب , ويلعن العيشة , والحياة ,وأخذ يدعو علي كل من كان السبب في ذلك , أما هو فقد جلس في مكانه على الرصيف,غير عابئ بمن ينظرون إليه من المارة, وجاء في ذهنه ألف سؤال, وسؤال , وافترض في عقلة ألف احتمال , واحتمال , وراح يدورها في رأسه , برهة من الزمن , مرت عليه كدهر , وهو لا يدري كم من الوقت مر , وهو جالس مكانه , نظر حوله فلم يجد من كانوا واقفين معه , أو حوله , قام من مقامه , هيئ نفسه للانصراف, وعندما جاءت أقدامه إلي المكنة ,اقترح علي نفسه , بأن يجري محاولة أخيرة بائسة , وضع البطاقة في المكنة , اجري المرحلة الأولي , والثانية حتى المرحلة الأخيرة , ثم وقف ينتظر , وإذ بالعملية تنجح , وإذا براتبه يخرج من المكنة , فيأخذه , ومن شدة الفرح كاد أن ينسي البطاقة في المكنة , كورهم في جيبه دون أن يعدهم , فهو يثق في الإنسان الآلي أكثر من الإنسان العادي , وبينما هو في طريقه إلي البيت إذا بخناقة كبيرة , معركة دارت رحاها بسبب أجرة ” التُكتك ” وغلاء الأسعار , والناس قد اجتمعت محتشدة تكاد تسد الشارع حول المشاجرة , تلفت في الوجوه , ربما يجد أحداً يعرفه في المعركة فلم يجد , فأكمل سيره , وطريقه ولم يهتم, وتجاوزها , وانصرف , مر علي السوق , اشتري كيساً من الفاكهة لأولاده , مع كيلو كنافة باثني عشرة جنيها , بكل ما كان معه من نقود كانت في جيبه قٌبيِِل المرتب , ولم يشأ أن يجرح الراتب , فالراتب له مهمة أخرى أكبر من ذلك , عاد إلي البيت , أعطي ما في يده لزوجته التي استقبلته بترحاب وانبساط , وسعادة اعتاد عليها كلما عاد من الخارج , وضع يده في جيبه ليخرج راتبه , ليضعه مع المبلغ المعان للأزمات وللظروف والشدائد , لكن يده خرجت خاوية , فظن أنها في الجيب الثاني , فهو كثيراً ما يضع الأشياء وينساها , ولا يعرف مكانها , فخرجت يده خاوية مرة أخري , فتح حافظته أخرج أحشائها , فلم يجد المرتب , بحث في نفسه , فلم يجد المرتب , كاد عقله أن يطير من رأسه , رأته زوجته , وهو يدور في الغرفة , وفي البيت في ما يشبه الهستيري , يبحث يمنة ويسري , ولما استغربت حالته سألته ما به , فأخبرها بما كان , وبما حدث , وبضياع الراتب الشهري, وأنه لا يعرف هل هو وقع منه , أم سرق , وصوته لا يكاد يبين من شدة البكاء , والنحيب , فصرخت زوجته في وجهه صرخة شديدة , كادت أن تهد البيت علي أم رأسه , صرخة كتمت عنه الهواء , فجعلته لا يكاد يتنفس , بل يكاد أن يفطس , ويموت , حرك نفسه بكل قوة حتى يدفعها بعيدا عنه ويتخلص من صراخها , حتى يمكنه أن يسترجع , ويتذكر كيف حدث هذا معه , وكيف ضاع راتبه ,
أفاق, استيقظ , قام من نومه فزعاً, وهو يدفع عنه الغطاء بقوة , ليتنفس الهواء, وزوجته واقفة فوق رأسه , في محاولة لإيقاظه , فلما أفاق من نومه , قالت له زوجته :
ـــ ما بك ..؟!! … ماذا حدث ..؟ !!..
فأجبها وهو يبحث عن الماء ليشرب .
اقرأ/ى أيضا:
شهداء الوطن فى سيناء “قصيدة للابطال”
ــ كابوس , كابوس كاد أن يكتم أنفاسي , ويقضي عليَّ ,
فتجيبه , وهي ُتقرب منه كوب الماء البارد ليشرب , وهو يمسك بكوب الماء يرفعه علي فمه , حتى يسترد قوته , ويستعيد نشاطه , ويستوعب ما حدث
ــ الحمد لله يا خويا , الحمد لله الحمد ..
بقلم / على السيد محمد حزين ــ مصر
اقرأ/ى أيضا:
أهم الأخبار الثقافية والادبية فى العالم العربة والغربى وابداعات كبار الكتاب والادباء العرب
عذراً التعليقات مغلقة