كلام عن فلسطين
- يثير موقف مناصر لنا أسى كثيرا لأن هناك من «الغرباء» من لا زال يمتلك الجرأة على المجاهرة به بمجتمعات يسودها مزاج معادٍ للعرب.
بقلم: حسن مدن
لا أجزم ما إذا كان باعث بهجة أو أسى أن نقرأ من كاتب أجنبي تعاطفاً حقيقياً وعميقاً ومسبباً بكل ما يلزم من الأدلة مع قضية شعبنا العربي الفلسطيني، وإدانة صريحة لكامل النهج الصهيوني في مواجهة الحق الفلسطيني، أجاء على شكل اعتداءات عسكرية أو تدابير قمعية أو نهج إعلامي ودعائي لتضليل الرأي العام العالمي حول حقيقة وطبيعة الصراع الفلسطيني – «الإسرائيلي»؟
هذه الحيرة حول البهجة أو الأسى تجاه مثل هذا الموقف بحاجة لشيء من الشرح، فالمنطق يقول إننا نسعد حين نسمع أو نقرأ أو نرى موقفاً منصفاً من أجانب، أكانوا كتاباً أم ساسة أم فنانين أم قادة للرأي العام، خاصة مع ضخامة ما تبثه الآلة السياسية والإعلامية والإيديولوجية الصهيونية من «إسرائيل» نفسها، أو من «اللوبيّات» الداعمة لها في الغرب وفي غير الغرب.
اقرأ/ي أيضا: خفايا الحملة الصليببية لترامب
لكن في ظروفنا الراهنة يمكن أن يثير هذا الموقف المناصر لنا الكثير من الأسى؛ لأن هناك من «الغرباء» الذي ما زال يمتلك الجرأة على المجاهرة به، وداخل مجتمعات يسود بها مزاج معادٍ للعرب وقضاياهم.
ومن هنا أهمية هذا القول الذي ليست غاية أصحابه إرضاء العرب، وإنما الغاية تنوير الرأي العام هناك بقول ما كففنا نحن عن قوله، حتى كدنا أن ننساه، بل إن بعضنا صار ينظر إليه على أنه نوع من الحنين الرومانسي الساذج لقضيةٍ ماتت.
ولا يتورع هذا البعض عن الزعم بأن أصحاب القضية أنفسهم تخلّوا عنها، وكأنها لا تعني لهم شيئاً شلالات الدماء الفلسطينية التي تراق، يومياً، فضلاً عن الآلاف من الأسرى وملايين الفلسطينيين المبعثرين في الشتات.
اقرأ/ي أيضا: ألف فضيحة جنسية .. الفاتيكان من الخصيان للشذوذ
الكلام الذي سآتي على بعضه الآن قاله برنار نويل في كتابه الموسوم «الموجز في الإهانة»، وهو كتاب متنوع في موضوعاته، لكن مؤلفه أفرد فيه حيزاً يكاد يعادل الثلث للحديث عن قضية فلسطين.
يُذّكرنا برنار نويل بما يبدو أننا نسيناه حين أدى ترهيب المالكين الشرعيين للأرض في فلسطين قبل سبعين عاماً إلى الرحيل، مستشهداً بمذبحة دير ياسين، وما تلاها من تدمير أربعة آلاف قرية، ونفي سبعمئة ألف شخص، الذين أصبحوا خلال عقود عدة ملايين، فيما عدد العرب الذين ظلوا في أراضي 1948 تضاعف عدة مرات.
لا يستبعد الكاتب سيناريوهات أفظع مما جرى حتى الآن، فمع أن «إسرائيل» لا تمتلك القوة العسكرية والاقتصادية لذلك، لكنها في غفلة من الجميع تستطيع أن تعمله، معتمدة على الدعم الأمريكي، ومطمئنة إلى أنها في مأمن من العقاب.
اقرأ/ي أيضا: محاكم التفتيش الحديثة
* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين
المصدر: الخليج – الشارقة
عذراً التعليقات مغلقة