مزاعم التفرد الصهيونى الإجرامى المقدس
يقول بن جوريون رئيس وزراء الكيان الصهيونى الإجرامى الأسبق: حينما ذهب الشعب المقدس إلى سيناء فإنه كان يحمل روح الشريعة المقدسة التى تلقاها من الإله”، ليصبح الجيش الإسرائيلى هو القداسة بعينها كما يرى الحاخام تسفى كوك (من زعماء جوش أيمونيم)، ومن قبله قال بن جوريون: إن الجيش هو خير مفسر للتوراة وكما قال مارتن بوبر: إن روح الشعب والقداسة هما شئ واحد، وتحت هذه يتم تبرير كل الجرائم الصهيونية والتصرفات الإجرامية ضد الإنسانية والتى ترتكب ضد كل ما يقع فريسة للجيش الإسرائيلى.
وفى إحدى القصص الأكثر شيوعاً- فى إسرائيل- تتحدث عن بطة برية فاضلة تم اصطيادها وذبحها وتحويلها إلى طبق شهى لكى يتناوله حاخام مقدس، فهذه البطة تعتبر قد تم تخليصها من خلال أكلها بواسطة رجل مقدس.
وعلى ذلك كما ترى جوش أمونيم “إن اليهود ليسوا شعباً عادياً ولا يمكنهم أن يكونوا كذلك فتفردهم الأبدى هو نتاج العهد الذى عاهدهم به الرب فى جبل سيناء”.
اقرأ/ي أيضا: الهدف الحقيقى للكيان الصهيونى هو إعادة مملكة سليمان إلى حدودها التوراتية
ومن هذا التفرد تتكون الخصيصة البنائية الإجرامية فالتفرد الناتج عن الالتصاق بالإله وحلول الإله والتوحد والتساوى فى مرتبة القداسة للدرجة التى يدعو فيها الشعب قائلاً: “ذكرنى نتحاكم معاً ( أشعياء 43/26 ) فينشأ من هذا التفرد كل المزاعم الإسرائيلية العنصرية أن ثمة جوهراً يهودياًً كامناً يعبر عن نفسه من خلال طبيعة يهودية -مزعومة هى الأخرى- ويتجلى هذا الجوهر فى العقائد اليهودية ويحدد رؤية اليهود للواقع وسلوكهم”، وهو الذى “يجعل من يهودية اليهودى النقطة المرجعية الأساسية لتفسير سلوكه، فاليهودى الخالص الذى يسعى المشروع الصهيونى فى تحقيقه”، والذى أشار له بن جوريون: “اليهودى الذى هو يهودى مائة فى المائة” يفترض وجود هوية يهودية خالصة لا تشوبها أية شوائب حضارية فهذه الهوية تتمتع بنقاء عرقى وحضارى وإثنى.
هكذا تتبلور المزاعم العنصرية بوجود خصوصية يهودية تتشكل من سمات وخصائص ثابتة يفترض أنها مقصورة على أعضاء الجماعات اليهودية ومن ثم تمنحهم خصوصيتهم وكما عبر د/ لويس د. برانديز ( قاضى المحكمة العليا الأمريكية والزعيم الدولى للحركة الصهيونية) بأنه بغض النظر عن اجتهادات الفقهاء أو قرارات المحافل فإن مؤهلاتنا الطبيعية وممارساتنا وكذلك مؤهلات وممارسات الآخرين، هى التى تمييزنا بوصفنا يهوداً”، كما أن “الرأى اليهودى الذى يلقى الإجماع هو أن اليهود شعب مميز ، يختلف عن بقية الأعراق بسمات خاصة للغاية، جسمانياً وروحياً، وله تاريخ قومى وأمان قومية”.
ويرى موريس جوزيف (معبد غرب لندن يهود بريطانيا) أن إنكار القومية اليهودية فيه إنكار لوجود اليهود نفسه”، وأن اليهود كما يرى موسى هس أكثر من مجرد أتباع ديانة وأنهم تحديداً أبناء جنس واحد وأمة واحدة “، وبهذه المزاعم يصير التاريخ اليهودى وكأنه بنية تاريخية مستقلة يدور اليهود فى إطارها بمعزل عن الأغيار برغم أجناسهم المختلفة والمتنوعة فى كل أنحاء الأرض.
اقرأ/ي أيضا: حقيقة الكيان الصهيونى وفكره العنصرى
وبالتالى فإن نقاء اليهود العرقى ينتج من الزعم بأنهم قد حافظوا عبر التاريخ وفى كل زمان ومكان على نقائهم العرقى فلم يختلطوا بالأجناس والشعوب الأخرى وأن هذا النقاء تحقق بشكل تلقائى عبر التاريخ كما يرى آرثر روبين، “ومن هذا التاريخ المزعوم بالاستقلالية والاستمرارية والتاريخية والثقافية والعرقية تكونت فى عصورنا الجماعات اليهودية فى العالم وعليه يذهب الصهاينة” أن اليهود المحدثين هم ورثة العبرانيين القدامى وأن حكومة إسرائيل الحالية فى فلسطين المحتلة ما هى إلا الكومنولث اليهودى الثالث.
اقرأ/ي أيضا: لا مجيئ للمسيح المنتظر ما لم يبدأ اليهود مسيرة العودة
ويرى بعض الصهاينة أن الصهيونية هى تعبير عن هذه الاستمرارية (فأصولها تمتد بعيداً إلى أيام الأنبياء الأوائل) وأن الدعوة إلى العودة شئ متصل منذ بداية التاريخ اليهودى إلى الآن: من الأنبياء إلى هرتزل” بل ويرى جوزيف جاكوبز الرئيس السابق للجمعية التاريخية اليهودية بإنجلترا” أنه من الوجهة الأنثروبولوجية، فإن اليهود يمثلون عرقاً من نوع منسجم بصورة ملحوظة ويعود ذلك إما إلى وحدة العرق أو تشابه البيئة “ومفهوم الاستمرارية هذه يعطى” لليهود حقوقاً مطلقة مستمرة لا تنقطع،ويسقط الحقوق القائمة للآخرين، فباسم هذا الاستمرار يدعى الصهاينة لأنفسهم شرعية احتلال فلسطين وطرد أهلها.
فالدولة اليهودية،حسب رؤيتهم هى وريثة الدويلات التى قامت منذ آلاف السنين”، وأن الاستيطان تعبير عن نمط متكرر ومستمر ومتوقع كما أن دخول المستوطنين إلى فلسطين وقيامهم بذبح الفلسطينيين ليس إلا استمراراً وتكراراً لدخول العبرانيين إلى أرض كنعان وإبادتهم لأهلها.
اقرأ/ي أيضا: ماهية وجوهر لاهوت العنصرية الإسرائيلية (4)
وصرح أستاذ للتاريخ بالجامعة العبرية “من أن جنود إسرائيل رأوا البحر الأحمر لأول مرة فى يونيو 1967 بعد غياب دام بضعة آلاف من السنين، أى بعد عبورهم إياه مع موسى حينما كان يطاردهم فرعون مصر..، ويقول بن جوريون مبرراً عسكرة المجتمع الإسرائيلى باللجوء إلى أسطورة الاستمرار فيقول “إن جنود موسى ويوشع وداود لم يكفوا عن القتال”، وكذلك جنود صهيون (أى دولة إسرائيل) لن يتوقفوا عن القتال”.
اقرأ/ي أيضا: إدعاءات اللاهوت الأبدي.. توحد الإله فى الشعب وتوحدهما معاً فى الأرض (2)
هكذا صار الاستمرار نوعاً من دعاوى البقاء لهذه الجماعة التى استطاعت أن تزعم “أنها احتفظت بهويتها المستقلة رغم انتقالها من مكان لآخر” ورغم تواجدها فى أزمنة مختلفة “تحول مع الدعاية الصهيونية إلى أسطورة مزعومة تجسدت على الأرض بالدولة الصهيونية، ويرى ليون سالمون عند تعبيره عن أفكار آحاد هاعام بأن الفكر العبرى إذا كان يعرف مفهوم السوبرمان، إلا أن أكثر ما يعرف به ويتمييز هو أن هذا المفهوم لا ينطبق على الفرد بل على الأمة، على إسرائيل كأمة عظمى أو الشعب المختار،ويلخص موسى هس هذه الأسطورة فى صورة اليهودى عن نفسه “أنه يرى نفسه ينتمى إلى شعب تربطه صلة الدم الذى لا يمكن لأى تحول فى العقيدة أن يضعفها، وريثاً لماضى هذا الشعب،ووكيلاً لهذا الشعب لدى المستقبل السياسى، إنه ينتمى لعرق،ينتمى لأمة ويسعى لإقامة مملكة فوق هذه الأرض مملكة ستفوق كل الممالك، ويصبح لمدينة أورشاليم السيادة على العالم “كما زعموا لمملكة داود وسليمان هكذا تتضح المعالم الأسطورية المزعومة”، شخصية فائقة،قد تفوق الواقع وقد تفوق الشئ المعقول، إنها شخصية خارقة -كما تدعى- ذات جلال رائع وقوة غير مألوفة قادرة على تحدى الزمن، كما أنها تتميز بتكوين فريد له كماله وعمق مدلوله “هكذا تتحقق مزاعم التفرد والنقاء ويتحقق الاستعلاءالمزعوم.
اقرأ/ي أيضا: التاريخ العربى المقاوم ..سيستمر
عذراً التعليقات مغلقة