أجرى موقع “الجزيرة نت” لقاءات مع بعض أهالي حمص الذين نزحوا داخل الأراضي السورية جراء القصف وتدمير بيوتهم، ولم يخرجوا كما خرج بعضهم إلى تركيا أو الأردن، شرحوا خلالها معاناتهم في نزوحهم وصعوبة حصولهم على حاجاتهم الأساسية من غذاء واحتياجات دوائية إضافة لمشكلة السكن الكبرى.
لم تستطع الأرملة أم خالد أن تواري دموعها وهي تتحدث عن بيتها الذي تركته في حمص وسط سوريا، هربا من جحيم القصف الذي تنفذه القوات النظامية, ضمن آلاف العائلات التي قصد بعضها محافظات بالداخل, بينما قصدت أخرى ما وراء الحدود انتظارا للحظة العودة.
تقول أم خالد للجزيرة نت “وحده الله يعلم أي مشقة تكبدتها خلال السنوات الماضية لإيجاد سقف يؤويني وأولادي وكيف أثثته بأغراض بسيطة”.
غادرت أم خالد حي البياضة مع أسرتها في ليلة اشتد فيها التوتر دون أن يحملوا معهم أية أمتعة أو أوراق ثبوتية، خرجوا بالثياب التي كانوا يرتدونها، وقالت إن الثوار أوصلوهم إلى بداية طريق الشام، ومن هناك بدأت رحلة التنقل من بيت لآخر، وبعد التنقل من مكان إلى آخر تعيش الآن مع ثلاث أسر من أقاربها في شقة صغيرة بريف دمشق تبرع بها صاحبها لإيوائهم.
عندما التقت بها الجزيرة نت كانت قد عادت للتو بقدر طعام قامت بطهوه في منزل بآخر بالحي بسبب نفاد غاز الطبخ لديها، قالت إنها سجلت اسمها في قوائم البلدية بانتظار وصول دورها كي تتمكن من شراء أسطوانة غاز.
ولا تزال أم خالد تأمل أن تتمكن من العودة إلى هناك وأن تجد سبيلا إلى ترميم بيتها وتمني نفسها بأن تصوم شهر رمضان في حمص شأنها في ذلك شأن بقية العائلات التي تعيش على أمل الرجوع قبل رمضان.
مشقة النزوح زادت من المشاكل الصحية التي تعاني منها تلك السيدة وأقاربها، وبتكافل سكان البلدة أجريت لها عملية جراحية، في حين أن الطبيب وصف ما تعاني منه أختها بالكآبة الشديدة، الأمر الذي يفسر عدم قدرتها على النوم إضافة إلى معاناتها من أمراض في القلب.
فقدان المنازل:
إحدى الناشطات في مجال الإغاثة قالت للجزيرة نت إن “الأنباء التي تصل النازحين عن تدمير منازلهم أو إحراقها تجعلهم يدخلون في مرحلة ثانية من الصدمة”.
وأشارت إلى أن المعونات والتبرعات في تناقص، فهناك حاجة للحصول على موارد ثابتة وتلافي فتور المتبرعين، وخاصة بعد تجدد الحاجة إلى مستلزمات أخرى مع دخول فصل الصيف، فأغطية الصوف التي وزعت في الشتاء لم يعد ممكنا استخدامها في حر الصيف، بحسب الناشطة التي قالت إنهم يعملون على تأمين أغطية صيفية وبرادات من أجل حفظ الأطعمة، ناهيك عن المشاكل الصحية والاحتياجات الطبية والدوائية، مع العلم أن معظم النازحين أطفال وكبار سن.
وأشارت إلى أن تكافل الأهالي هو المصدر الأول للمساعدات إلى جانب ما تقدمه بعض الجمعيات الخيرية أحيانا، وذكرت أن إحدى تلك الجمعيات كانت تسأل ما إذا كانت العائلة المحتاجة ذات توجهات معارضة للنظام قبل أن تقرر تقديم العون لها بحجة تجنب المشاكل مع الدولة.
أبو سليمان أحد سكان ريف دمشق استقبلت بلدته أكثر من ألف عائلة قال إن جميع الأهالي بلا استثناء ساهموا في التبرع، كل حسب قدرته، وكثير من المغتربين فتحوا أبواب بيوتهم لتلك الأسر، حتى ذوو الدخول الضعيفة شاركوا في التبرع.
فرص عمل:
عدد من العائلات النازحة رغم صعوبة ظروفها تكد من أجل كسب قوت يومها بعرقها، كما هو حال معطي الذي يبيع الخضروات والفواكه أمام باب البيت الذي يعيش فيه، في حين أن علاء وزوجته وأولاده بدؤوا العمل في معمل صغير لصناعة الألبان.
ويرى ناشطون أن توفير عمل يدر على هؤلاء بعض المال أكثر فعالية من التركيز على تقديم المعونات فقط، ويقولون إنهم يعتمدون على علاقاتهم الشخصية للبحث عن عمل للشباب القادرين عليه رغم عدم سهولة ذلك في ظل الأوضاع المتوترة.