سلطة الألوان علي الثورات والتظاهرات في العالم
رغم اختلاف اللغات واللهجات، والعادات والتقاليد والثقافات، إلا أن المطالب الإنسانية تتوافق وتتشابه، وتسيطر عليها فكرة الحق في الحياة بكرامة، ويكون الحراك الثوري والفكر السياسي السبيل المعبر لذلك.
تلعب الألوان دوراً مهماً في الحراك السياسي، فهي تضع الحدود نحو الخارج وتخلق الهوية في اتجاه الداخل، قد تكون سترات صفراء او أقمصة حمراء او نساء بلباس أسود أو أعلام بألوان قوس قزح، مهما تشكلت وتلونت الأحتجاجات والمظاهرات فهي تعبيرا عن الهوية.
السترات الصفراء
كانت اخرها مظاهرات واحتجاجات ضد سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي فرضت ضرائب جديدة علي الوقود والتي اعتبرها المتظاهرون بالعتسفية تخدم الأغنياء علي حساب الفقراء.
البداية بسيطة: يأخذ كل شخص سترة صفراء و يتم تحديد موعداً عبر السوشيل ميديا مثل “الفيسبوك” وينزل إلى الشارع.
حركة السترات الصفراء لا يقودها زعماء وغير مرتبطة بأحزاب، فالمجموعات اليسارية واليمينية المتطرفة أيضاً تجتمع تحت هذا الشعار.
العلم الأحمر رمز التحرر
ظل الأحمر لون الحُكام، على مدى قرون سواء علم او راية،لكن تغير مع قبعة اليعاقبة، أحد الرموز البارزة للثورة الفرنسية. وظل الأحمر يعني لون التحرر وسيطر على المهرجانات الخطابية للأحزاب الاشتراكية الديمقراطية والشيوعية، على غرار ما حصل في استعراض الأول من مايو عام 1971 في موسكو.
الأقمصة الحمراء
نستكمل معا قصصا من سيطرت اللونالأحمر، ففي تايلاند لفتت “القمصان الحمراء” الاهتمام بعض الوقت إليها، حيث تجمع واتحد عدد من المجموعات السياسية تحت لواء منظمة واحدة، هي التحالف الديمقراطي الوطني ضد الدكتاتورية. وكانت “القمصان الحمراء” مقربة من رئيس الوزراء تاكسين شيناوترا، الذي أزيح عن السلطة في 2006 من خلال انقلاب عسكري. وقد نظموا العديد من الاحتجاجات الشعبية التي لفتت انتباه العلم كله اليها .
صراع القمصان الحمراء ضد الأقمصة الصفراء
نظل في تايلاند، فقد كانت “القمصان الحمراء” مهيمنة لفترة طويلة في صراع ومواجهة مع “القمصان الصفراء”، فهم في غالبيتهم ليبراليون أو محافظون يجمع بينهم رفض السياسة الحكومية المتبعة من قبل تاكسين رئيس الوزراء التيلاندي.
حيث كان الكثير من “القمصان الصفراء” كانوا أنصار للملك بوميبول أدوليادي، الذي كان لونه الرمزي الأصفر، الذي يمثل في تايلاند يوم الاثنين، أما الأحمر فيمثل في المقابل يوم الأحد.
نساء توشحت بالأسود
قصة النساء المتشحات بالسواد بدأت خلال الانتفاضة في بداية 1988 في القدس: نساء فلسطينيات وإسرائيليات بلباس أسود يتظاهرن في صمت ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وهذا التقليد في الاعتصام قلدته نساء في كثير من بلدان العالم ـ كما حدث في احداث يوغسلافيا عام 2013 حيث توشحت بلجراد بالون الأسود.
علم قوس قزح
قوس قزح يعني النهضة والتغيير والتسامح والسلام، وهو كرمز أقدم مما نعتقد: فمنذ حروب المزارعين في 1525 رفرف علم قوس قزح.
علم قوس قزح مزركش ويجتمع تحته الكثير من المجموعات: ناشطو سلام دوليون وسحاقيات ومثليون وأنصار منظمة “جرينبيس” لحماية البيئة.
الوان الفاشية النازية أقمصة سوداء أو بنية
كان الفاشيون يرتدون أقمصة سوداء أو بنية، مثل أتباع الحزب الاشتراكي القومي (النازي) في ألمانيا، من اجل مكافحة الحركة العمالية بأعلامها الحمراء.
الزي كان ذا أهمية كزي يبرز الشخص وسط الجماهير أو يجعله يختفي، واليوم يوصف المحافظون في اللغة السياسية عادة باللون الأسود.
أمهات بيض
كما كانت هناك سيدات توشحا باللون الأسود، هناك نساء سكالي رفعنا الراية البيضاء.
المنديل الأبيض هو رمزهن: أمهات ساحة دي مايو التقين بالأرجنتين ابتداء من 1977 في نفس الساحة في العاصمة بوينس
أيريس، كانت السيدات يطالبن النظام العسكري الذي ظل يحك الأرجنتين لعقود (وبعدها حكومات مدنية) الكشف عن مصير
أبنائهن المختفين. فخلال الحكم الدكتاتوري في الأرجنتين “اختفى” نحو 15.000 شخص تم اعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم.
اللون البنفسجي
وللون البنفسجي دلالة فهو لون الحركة النسوية، لأن هذا اللون يتكون عندما نمزج بين اللون الوردي الخاص تقليدياً بالبنات والأزرق الناصع الخاص بالأولاد ـ وهذا رمز مثالي للمساواة بين الجنسين. وفي الأدب، دخل اللون البنفسجي بفضل رواية أليس ووكر بعنوان “اللون البنفسجي”، الذي يتحدث عن امرأة أمريكية زنجية حررت نفسها.
حركة خضراء
ظهرت الحركة الخضراء عقب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو 2009، حيث اندلعت في العديد من المدن احتجاجات شعبية ضد نتائج الانتخابات.
واتهم المتظاهرون القيادة الدينية بالإبقاء على المتشدد محمود أحمدي نجاد في السلطة من خلال التزوير، معارضوه كانوا يلبسون اللون الأخضر ويحملون أقمشة خضراء. واستخدمت قوات الأمن العنف ضد المهرجانات الخطابية، ما أدى إلى مقتل الكثيرين واعتقال الآلاف.
ثورة المظلات
ومع إن الألوان تجمع بين الناس وتجمع فيما بينهم و التوحد في وجه الظروف الخارجية، والقضية لا ترتبط فقط بألوان أو قطع ملابس. فأحياناً تصلح بعض المظلات لبلوغ الهدف.
ففي هونج كونج، خرج آلاف الأشخاص في 2014 من أجل مزيد من الديمقراطية في المنطقة الإدارية الصينية الخاصة ، وكانوا يحملون المظلات للاحتماء بها من الشمس والمطر والغاز المسيل للدموع أو هراوات الشرطة، وغي تلك التظاهرة اعتبر المتظاهران من”المظلة” رمزا لهم.
الأصفر لون المظلة
وفي كثير من الأماكن، اتفق المشاركون في هونج كونج على توحيد لون مظلات بلون موحد، وكان في الغالب الأصفر. من خلال ذلك تبدو المجموعة متجانسة والغرض من المظلات لا يتأثر، وكان من الممكن شراء مظلات تحمل شعار “القوة للشعب”.
للألوان سلطة
نعم للألوان سلطة لطالما عبّرت دوماً عن السلطة السياسية. فحتى خلال العصور الوسطى كان مسموحاً فقط للنخب الأرستقراطية ارتداء اللونين الأحمر أو البنفسجي، لأن إنتاج هذه الألوان كان صعباً جداً. وظل هذا السر في الألوان قائماً أيضاً داخل الكنيسة الكاثوليكية. نرى هنا المجمع المغلق لانتخاب البابا في 2013 ـ فمن يرتدي اللباس الأحمر هو كاردينال.
فمتي نتجمع نحن الأمة العربية ونتحد تحت راية لون واحد دون تفرقة لجنس وعرق ولون دون طائفية من أي لون.
عذراً التعليقات مغلقة