اللاجئون العراقيون بين الترغيب.. والترهيب .. والأرغام مع حكومة ميركل
فهل ستنجح السياسة الألمانية ؟
تعدّ ألمانيا أحد البلدان الأكثر استقطاباً للمهاجرين في العالم، ليس فقط القادمين من بلدان فقيرة أو هشة أمنياً، بل حتى منهم المنتمين إلى بلدان متقدمة نسبيا أو قطعت أشواطاً على درب النمو.
ويرجع هذا الاستقطاب إلى وجود فرص للعمل والسياسات الاجتماعية التي تنهجها ألمانيا وقوة الخدمات الأساسية، فضلاً عن عوامل أخرى كوجود مناخ لحرية التعبير.
من هذه النقطة الأخيرة ينطلق اللاجئون العراقيون، في ألمانيا، حيث يؤكدون أن الحرية التي حصلوا عليها هنا لم ينعموا بها طوال سنوات معيشتهم في العراق.
ويقول احد اللاجئين العراقيين، إنه مرتاح في ألمانيا حيث وجد كل ما لم يتوّفر عليه عندما كان في العراق، معدّداً أسبابا كثيرة لعدم الرغبة في العودة حاليا، منها “انتشار الفكر الإقصائي الطائفي بالعراق، وهو ما ظهر وفق كلامه في “الشتائم التي نُشرت في مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً مع فوز الإيزيدية نادية مراد بجائزة نوبل”، وكذلك هناك أسباب نفسية بسبب مقتل الكثير من السنة و الإزيديين في العراق إبان هجوم “داعش” وما حدث من الهجمات الهمجية من الحشد الشعبي .
يأتي ذلك حيث ترغب ألمانيا، بإعادة اللاجئين العراقيين والبالغ عددهم حولي 250 ألف لاجئ إلى بلادهم، لذلك تعلن الحكومة الألمانية عن أسليب وتحفيزات كبيرة للراغبين في العودة الطوعية ، وأيضا عن خطط مشتركة مع الحكومة العراقية لخلق ظروف أفضل لهم، لكن ما مدى سهولة إقناعهم بالعودة؟ .
حيث تعمل الحكومة الألمانية منذ سنوات خفض عدد اللاجئين العراقيين، خاصة بعد القضاء علي “تنظيم داعش” بالعراق كما صرحت بذلك الحكومة العراقية، وايضا انخفاض نفوذ الجماعات المتطرفة تراجع العمليات الأرهابية كثيراً.
وتقدم الحكومة الألمانية عدة حوافز لترغيب العراقيين بالعودة إلي بلادهم، من ذلك تقديم مساعدات مالية لأجل تأمين السكن في الأشهر الأولى لعودة اللاجئين إلى العراق، تصل إلى ثلاث آلاف يورو للعائلة الواحدة.
كما سبق لوزير التنمية الألماني جيرد مولر أن أعلن عن افتتاح مركزين في العراق لتقديم المشورة والدعم بالنسبة للعائدين، متحدثا عن تعاون الحكومتين الألمانية والعراقية لخلق فرص للتكوين والتوظيف في العراق.
الترغيب تارة.. والصرامة تارة أخرى!
وكما ذكرنا في بداية التقرير، انه يوجد في ألمانيا ربع مليون عراقي تقريباً حسب أرقام الحكومة الألمانية، ويأتي العراقيون في المركز الخامس بين اللاجئين المقيمين بألمانيا بعد القادمين من سوريا وكوسوفو وألبانيا وصربيا.
أسباب نزوح آلاف العراقيين إلى ألمانيا تتعدّد عبر التاريخ، فقد كانت الأسباب السياسية هي الدافع في عهد صدام حسين، وبعد سقوط نظامه ودخول القوات الأمريكية للبلاد وما تبع ذلك من سنوات الفوضى الأمنية، كان البحث عن ملاذ آمن هو دافع غالبية العراقيين، خصوصاً المنتمين إلى الأقليات الدينية.
ونجد أن الحكومة الألمانية تُسابق الزمن لأجل إقناع اكبر عدد من اللاجئين العراقيين بالعودة إلى بلادهم معلنة في هذا السياق عن مجموعة من التسهيلات للراغبين في العودة الطوعية وايضا حوافز مالية كبيرة مع ضمان سكن أمن وفرص عمل بالتنسيق بين الحكومتين الألمانية والعراقية.
وفي اخر التصريحات التي ادلي بها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الذي صرّح بوجود أساسٍ أوّلي للعودة خلال زيارته الأخيرة للعراق، وهو ما يتطابق مع مناشدات من الحكومة العراقية التي وصفت الوضع الأمني بالعراق بـ”الممتاز”.
وعلي الجانب الأخر يريالمهتمين، بقضايا الهجرة واللجوء في ألمانيا، أن الحكومة الألمانية لن تستطيع إقناع اللاجئين بالعودة، والسبب أنها تناست الفرق الهائل في جودة الحياة بين ألمانيا والعراق، وتناست كذلك أن عدداً كبيراً منهم اندمجوا في ألمانيا وأصبحت لهم مساراتهم الخاصة هنا.
ويؤكد المتخصصين بشئون الهجرة والعراق أن كثيرا مما عادوا إلي العراق، طوعياً، يفكّرون بالتراجع عن هذه الخطوة وبحث العودة إلى ألمانيا نتيجة الصعوبات التي وجدوها في العراق.
غير أن ماس بدوره يعترف أن “تحسّن” الوضع الأمني لا ينطبق على كلّ أجزاء العراق، كما أن مناشدات العودة تواجه تحدياً كبيراً في إقناع لاجئين مقتنعين بتفوّق جودة الحياة في ألمانيا على نظيرتها في العراق، فضلاً عن أن التسهيلات التي أعلنتها ألمانيا لإقناع اللاجئين بالعودة قد لا تظهر بالبريق المطلوب لدفعهم نحو مثل هذا القرار.
ولم تلجأ ألمانيا فقط إلى التحفيز المادي، بل نهجت كذلك سياسة صارمة للتشديد في استقبال المزيد من اللاجئين وفي استمرارهم بالبلد، لذلك يوجد الآلاف من العراقيين على قائمة الترحيل. وقد تسّببت هذه الصرامة في تراجع أعداد طالبي اللجوء بشكل عام في ألمانيا.
عذراً التعليقات مغلقة