بقلم: عبد الحفيظ محبوب
لا يمكن أن نقارن ما بين الثورات في ليبيا واليمن واليوم في سوريا، فسوريا لها خصوصية كبيرة جداً بسبب خوف الغرب وروسيا على أمن إسرائيل ومجاورة سوريا لكل من العراق والأردن ولبنان وتركيا بجانب علاقاتها الاستراتيجية مع كل من روسيا وإيران.
فهناك ثلاثة أطراف تتصارع على سوريا، الطرف الأول أنصار بشار الأسد روسيا وإيران وحزب الله ودول عربية أخرى لم تعلن صراحة عن دعمها ولكن تعلن دعمها من تحت الطاولة، والطرف الثاني أعداء نظام بشار الأسد وليس أعداء الطائفة العلوية وهم الشعب السوري ودول الخليج بقيادة السعودية بعيدا عن المصالح فان المبادئ والأخلاق تحتم علي السعودية مناصرة الشعب السوري، بينما الطرف الثالث الغرب الذي لا يريد خسارة أيا من الطرفين السابقين.
فالولايات المتحدة تعاني عجزا ماليا ولا تريد أي تدخل عسكري وأولويتها هي أمن إسرائيل والضغط على إيران بالتخلص من النووي لذلك تقايض إيران بالسماح لها بدعم الأسد من اجل تدعيم رؤوس جسورها في المنطقة وخصوصا حزب الله حتى لا يصبح معزولا ومهددا بعد سقوط نظام بشار الأسد وهدفا سهلا من قبل الأطراف الأخرى.
لذلك تضغط إيران وروسيا على دول الخليج في البحرين والقطيف من اجل أن تتوقف دول الخليج عن تقديم الدعم المالي والعسكري للجيش الحر، وتركيا مترددة من اجل خشيتها من توافد اللاجئين بأعداد هائلة تفوق طاقتها الاقتصادية تهدد أمنها لأنها تخشى من دعم العمال الكردستاني الكردي في تركيا لزعزعة الأمن التركي وفي نفس الوقت لا تريد تركيا أن تتصادم مع روسيا على غرار السعودية وكذلك لا تريد التصادم مع إيران وتريد أن تحتفظ ببعض العلاقات ضمن حسابات سياسية دقيقة محلية وإقليمية ودولية.
وتخشى الولايات المتحدة وتركيا وغيرها من الدول أن يسقط نظام بشار الأسد بطريقة دراماتيكية على يد الجيش الحر برغم اختلال موازين القوى ولكن يستطيع الجيش الحر بالتنسيق مع ضباط داخل النظام، لذلك نجد نظام بشار الأسد بدا يهمش المترددين من الضباط في قتال الجيش الحر وقمع الثورة ولا يسلم لهم السلاح إلا للطائفة العلوية التي يضمن ولائها له، فأصبح السلاح في يد الجيش الحر محدودا للغاية خصوصا بعد السيطرة على الحدود مع سوريا ومنع دخول السلاح إلى الثوار وخشية الولايات المتحدة من ان تهيمن جماعات إرهابية بعد سقوط نظام بشار الأسد بطريقة دراماتيكية على الأسلحة الكيماوية والصاروخية الموجودة بكثافة لدى النظام السوري تهدد بها أمن إسرائيل وامن الدول المجاورة وتهدد حتى النظام المقبل في سوريا.
وهو ما جعل كوفي أنان يتجه إلى روسيا مع مبعوث جامعة الدول العربية من أجل إقناع روسيا لتضغط على نظام بشار الأسد من اجل تطبيق المبادرة العربية وهي الحل الوحيد الذي يقبل به الشعب السوري والعرب الذين صاغوا المبادرة في الجامعة العربية بقيادة دول الخليج ولكن ترفضها كل من إيران وروسيا لأنها ترفض تغيير النظام في سوريا.
ولكن سيقنع كوفي أنان روسيا بأنه إذا لم تتمكن روسيا من إقناع بشار الأسد فإن دول الخليج ستدعم الجيش الحر بالمال والسلاح وتتحول سوريا إلى منطقة حرب أهلية يستثمرها الإرهابيون على غرار أفغانستان والعراق وبتجذر الإرهاب في المنطقة حتى بعد سقوط النظام تهدد أمن إسرائيل وامن المنطقة برمتها خصوصا وان الإرهاب لا يزال مستمر في العراق ويصبح الإرهاب منطقة واسعة وممتدة.
ومن جهة أخرى يضغط المجتمع الدولي على نظام بشار الأسد اقتصاديا ولكنه لا يملك حتى اليوم سوى الحل السلمي ولكن إذا فشل هذا الحل فان الحلول الأخرى أما أن تتحول المنطقة إلى منطقة إرهابية أو التدخل من قبل المجتمع الدولي وهو أيضا تدخل محفوف بالمخاطر لان الجيش النظامي حينها سيدافع عن وطنه بينما اليوم يتداعى نتيجة الانشقاقات ولولا الدعم الروسي والإيراني وحزب الله لمنع تلك الانشقاقات لتمكن الجيش الحر من خلال التحالف مع ضباط من داخل النظام لإسقاط النظام بكل سهولة والغرب صامت على هذا الدعم لأنه يتوافق مع الحفاظ على امن إسرائيل.