هناك آخرون في سجون الإمارات
- التعذيب في السجون تعكس الوجه الحقيقي لدولة الإمارات التي تخاف من الشعوب وإرادتها الحرة.
- انتهاكات تقترفها أبوظبي وعملاؤها في السجون السرية باليمن «لا يستوعبها عقل البشر»لبشاعتها.
- سجناء أبوظبي، مواطنون وغير مواطنين، يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب تحت نظام قضائي يفتقد أدنى معايير العدالة.
بقلم: إسماعيل ياشا
تحدث الأكاديمي البريطاني، ماثيو هيدجز، إلى وسائل الإعلام، عن التعذيب الذي تعرّض له خلال اعتقاله في سجون الإمارات بتهمة التجسس، وقال إنه أجبر على الوقوف لأيام كاملة وهو مصفَّد اليدين، وخضع للاستجواب لمدة تصل إلى 15 ساعة متواصلة، خلال تلك الفترة العصيبة من حياته.
هيدجز اعتقل في مطار دبي، في مايو الماضي، وأجبر تحت الإكراه على توقيع اعتراف باللغة العربية التي لا يجيدها، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة في الشهر الماضي، إلا أن السلطات الإماراتية أطلقت سراحه بعد تدخل وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت.
الأكاديمي البريطاني كان يزور الإمارات لإجراء أبحاث علمية متعلقة بأطروحته للدكتوراه حول السياسة الأمنية والعسكرية الإماراتية بعد ثورات الربيع العربي.
ودفع التعذيب النفسي الذي تعرّض له في سجون الإمارات إلى التفكير مرات عديدة في الانتحار. ولكنه كان محظوظاً، إذ حصل على العفو الرئاسي، لأنه مواطن بريطاني، وأن أبوظبي تخشى من غضب لندن.
هناك آخرون مغيَّبون في سجون الإمارات، سواء من الإماراتيين أو من مواطني الدول الأخرى، يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب، في ظل نظام قضائي يفتقد أدنى معايير العدالة وحقوق الإنسان. ومن هؤلاء، الناشط التركي محمد علي أوزتورك، الذي اعتقل في دبي في فبراير الماضي.
أوزتورك، ناشط في مجال الإغاثة الإنسانية، ومؤسس جمعية جبل التركمان التي أوصلت كميات كبيرة من المساعدات إلى الفقراء والمحتاجين في سوريا والعراق ودول إفريقية.
ويعبر أصدقاؤه عن قلقهم على حياته، نظراً لسمعة سجون الإمارات السيئة، ويطالبون الحكومة التركية بالتدخل والضغط على أبوظبي لإطلاق سراحه، على غرار هيدجز.
اعتقال الناشط التركي ومحاكمته في دبي بتهمة دعم الإرهاب، مثل اعتقال الأكاديمي البريطاني والحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة التجسس، لا يستند إلى أي أساس قانوني أو دليل معتبر.
ويعرف الجميع أن مثل هذه الاعتقالات والأحكام القضائية في الإمارات سياسية بامتياز. والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى.
الانتهاكات التي ترتكبها الإمارات لا تقتصر على ما يقوم بها رجالها في أراضيها. بل تعدت حدود الإمارات لتصل إلى اليمن. وهناك سجون سرية في اليمن يديرها ضباط إماراتيون، وتشهد عمليات تعذيب على نطاق واسع.
وتوصف الانتهاكات التي يقوم بها الإماراتيون والموالون لأبوظبي في تلك السجون بأنها «لا يستوعبها عقل البشر»، نظراً لبشاعتها وقساوتها.
وإن كان التعذيب الذي تعرّض له المواطن البريطاني جعله يفكر في الانتحار، فمن المؤكد أن ما يتعرّض له غيره في سجون الإمارات أشد وأقسى. ويطالب المدافعون عن حقوق الإنسان بإغلاق السجون الإماراتية السرية، وإجراء تحقيق دولي حول الانتهاكات التي ارتكبت فيها.
الإمارات دعت بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى زيارة أبو ظبي. وأعلن الفاتيكان أن هذه الزيارة ستتم في فبراير المقبل. ومما لا شك فيه أن هذه الدعوة تهدف إلى تجميل صورة الإمارات لدى الغرب، ولفت الانتباه عن الانتهاكات التي تجري في سجونها.
عمليات التعذيب في السجون تعكس الوجه الحقيقي لدولة الإمارات التي تخاف من الشعوب وإرادتها الحرة. وهذا الوجه القبيح لا يمكن أن يخفيه أي نوع من المكياج وعملية التجميل، ولا إنشاء مؤسسات اصطناعية لا تمت للواقع بصلة، كوزارة السعادة.
* إسماعيل ياشا كاتب وصحفي تركي
المصدر: العرب – الدوحة