كفوا أيديكم وأقلامكم وألسنتكم عن الأردن
- أسست تنظيم «مؤمنون بلا حدود» دولة خليجية في 2012 بهدف مواجهة ما يسمى «الإسلام السياسي».
- هل خطط التنظيم لفتنة سياسية وأمنية بالأردن للوقيعة بين الإسلاميين والدولة وصرف الاهتمام عن اغتيال خاشقجي؟
- لماذا اختيار عمان بهذا التوقيت ووضع فقرة ببرنامج المؤتمر المعني محرمة دينيا واجتماعيا؟
- لماذا يثار هذا الموضوع (ميلاد الله) بهذه الظروف التي تمر بها أمتنا وبالذات في الأردن؟
بقلم: محمد صالح المسفر
أقولها بأعلى صوتي من بين كثبان الخليج العربي الرملية ومداخن البترول والغاز العربي، كفوا أيديكم، وعفوا ألسنتكم، وكسروا أقلامكم التي تبث السموم، عن المملكة الأردنية الهاشمية وشعبها العظيم.
لا نريد مؤتمراتكم ومنتدياتكم وجمعياتكم ولا نريد سماع فقهائكم وقادة فكركم الديني التي تهدف إلى تفتيت الأمة وتمزيق وحدتها في هذه الدولة العربية التي على قمة هرم سلطتها السياسية ملك من قريش ينسب إلى بني هاشم، ومن حوله أحفاد قوافل الشهداء في موقعة مؤتة، واليرموك والعقبة وقلاع الكرك.
قبل أشهر قريبة غردت مخلوقة / كتبت عن الأردن الشقيق قولا لا يجوز قوله على وطن يرقد في ثراه آلاف الشهداء الذين قضوا دفاعا عن الإسلام والعروبة، واجهوا الفرس وجحافل الحروب الصليبية دفاعا عن العرب ومقدساتهم في فلسطين ومكة والمدينة.
على هؤلاء الشوائب الدخلاء الذين يذكرون الأردن بهدف النيل منه والانتقاص من منزلته أن يسبق حديثهم عن هذا الشعب العربي الأبي وقيادته الاغتسال بنية الوضوء والطهارة، لأن مراقد الشهداء في الأردن تهتز احتجاجا على ما يقال سلبا عن أهلنا في تلك الأرض الطيبة الطاهرة.
* * *
أنموذج جديد دخل على الساحة الأردنية الطاهرة هذا الأسبوع تنظيم ولد من رحم إبليس يدعى «مؤمنون بلا حدود» ظاهره الرحمة «مؤمنون» وباطنه الشرور الشيطانية التي تهدم ولا تبني.
كان من بين فقرات مؤتمر «مؤمنون بلا حدود» الذي كان مقررا انعقاده في عمان، فقرة مؤداها البحث في (ميلاد الله) في دولة باطن أرضها أجساد الفاتحين المجاهدين وعلى سطحها ملك ينسب إلى قريش ومنهم بنو هاشم أسرة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، ومن حوله رجال الأردن ونساؤه الشرفاء أحفاد الصحابة المجاهدين الميامين.
يا للهول !! إن كان من بيننا معشر المسلمين من يجهد نفسه في البحث عن «ميلاد الله» وهو الأول والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، هو الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم ويولد ولم يكن له كفوا أحد.
لا جدال بأن مثل هذه المؤتمرات لها أهداف غير سامية، والسؤال الواجب طرحه هو، لماذا يثار هذا الموضوع في هذه الظروف التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية وبالذات في الأردن على وجه التحديد؟
الآن الأردن الشقيق يتربصون بأرضه وسيادته وحقوقه من أجل تمرير مشاريع شيطانية «صفقة العصر» وسلب الحق الهاشمي في سدانة بيت المقدس والتوقيع على وثيقة تحرم الفلسطينيين من حق العودة؟
حقا إن من نظم هذا المؤتمر وأعد مادته ومحاوره الأساسية واختار الأردن مكانا لانعقاده كان يستهدف الجبهة الداخلية الأردنية لإثارة القلاقل وبث الفتنة بين مكونات الشعب الأردني الصديق.
في الأردن تيار إسلامي وطني أردني لا يستهان به ومجتمع محافظ لا يقبل المساس بالذات الإلهية، ولا شك بأن لمنظمي هذا المؤتمر أتباعا في الداخل الأردني حسني النية بقولهم من حقنا أن نمارس حرية التفكير وحرية العبادة ولو اقتضى الأمر الحديث عن الله!
لكن هؤلاء قلة في وسط بحر من المؤمنين بالله عز وجل بأنه الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد، وأنهم لن يقبلوا بعقد مثل هذا المؤتمر ولوا أدى إلى مواجهة قد تقود البلاد إلى كارثة اجتماعية أمنية لا سمح الله.
* * *
تؤكد المعلومات أن مؤسس تنظيم «مؤمنون بلا حدود» دولة خليجية عام 2013 بهدف مواجهة ما يسمى (الإسلام السياسي) وقد سبق أن عُقد مؤتمر فتنة في شهر أغسطس عام 2016 في غروزني عاصمة جمهورية الشيشان موضوعه «من هم أهل السنة؟».
وأيضا نظمته ومولته ذات الدولة الخليجية، وعن هذا المؤتمر (من هم أهل السنة؟) المشار إليه أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي بيانا يستنكر انعقاد ذلك المؤتمر والداعين له ونتائجه. والشيء بالشيء يذكر، فإن مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي انعقد في عمان الأردن في حزيران/يونيو 2006 جاء في نص بيانه الختامي فقرة نصها:
«يعمل المؤتمر على تحريم (كل شطط أو انحراف) (…)». والحق أن مؤتمر «مؤمنون بلا حدود» الذي كان مقررا انعقاده في عمّان إنما هو شطط وانحراف، وعلى ذلك يعتبر محرما انعقاده والبحث في ذات الله عز وجل.
لقد تعرض مدير مؤسسة « مؤمنون بلا حدود « كما جاء في الإعلام لعملية اختطاف وتعذيب وكتب على ظهره بآلة حادة اسم مؤسسته واتهم المدير جماعة الإخوان المسلمين في الأردن باختطافه وتعذيبه ليثير المجتمع الأردني على الجماعة الإسلامية في الأردن.
تقول الأجهزة الأمنية الأردنية إن رواية الاختطاف والتعذيب المنسوبة إلى جماعة بعينها هي رواية كاذبة خاطئة وكان يهدف من وراء عمله ذلك إرباك الجبهة الداخلية الأردنية سياسيا وأمنيا محاولا استعداء السلطة والمجتمع على التيار الإسلامي الأردني ولكن جهوده باءت بالفشل، وانكشف المستور.
سؤال: لماذا اختيار عمان وفي هذا التوقيت ووضع فقرة في برنامج المؤتمر المعني محرمة دينيا واجتماعيا؟
هل خطط المدير ومعه الممول لتنظيم «مؤمنون بلا حدود» بهدف خلق مشكل سياسي وأمني في الأردن من أجل استثماره للوقيعة بين الإسلاميين والدولة لصرف أنظار واهتمامات الرأي العام عن جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتجزئة/ تقطيع جثمانه إلى قطع صغير يسهل حملها والتخلص منها في داخل القنصلية السعودية ؟ الله أعلم بذلك.
آخر القول: الشعب الأردني العظيم عصي على كل من يحاول العبث بأمنه وسلامة مجتمعه، ولا تجعلوا الأردن الشقيق قبلة لعبثكم ومحاولتكم النيل منه لأنه عصي على تحقيق مخططاتكم في القدس وصفقة القرن.
* د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر
المصدر: الشرق القطرية