الانتخابات الإسرائيلية ستحمل الأسوأ
- هل ما زال في الحلبة الإسرائيلية ما هو أسوأ من هذه الحكومة؟
- كيف يحافظ الليكود على قوته ونتنياهو على “شعبيته” كأنسب شخص لرئاسة الحكومة؟!
- تجري المنافسة الأساسية في ساحة التطرف وليبرمان استقال لحسابات شخصية لخوض الانتخابات!
بقلم: برهوم جرايسي
باتت الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المبكرة مسألة وقت، فحتى لو وجد الساسة معادلة تبقيهم في حكومتهم، إلا أن هذا سرعان ما سيتفكك، كما علمت التجربة. ولهذا فإن الانتخابات ستجرى في الربيع المقبل، على الأغلب في نهايات آذار (مارس)، أو مطلع نيسان (ابريل).
ولا حاجة للتفكير والتخمين كثيرا، لنستنتج منذ الآن، أن هذه الانتخابات ستحمل إلى الكنيست مشهدا أشد تطرفا، لأن المنافسة الأساسية منذ سنوات، تجري في ساحات التطرف. واستقالة البلطجي المنفلت أفيغدور ليبرمان، في خلفيتها فقط حساباته الشخصية: بأي ورقة يخوض الانتخابات ليضمن بقاءه على الساحة.
فالحديث عن انتخابات برلمانية مبكرة، بدلا من موعدها القانوني، بعد 11 شهرا من الآن، يجري الحديث عنه منذ أشهر طويلة، والتواق الأكبر لهذه الانتخابات، هو شخص بنيامين نتنياهو، الذي يريد الإفلات من التحقيقات في قضايا الفساد التي تلاحقه منذ عامين.
وفي ذات الوقت، يريد استثمار المكاسب السياسية التي زوده بها البيت الأبيض، بزعامة دونالد ترامب، وخاصة على صعيد القضية الفلسطينية، ولكن أيضا في المسائل الإقليمية.
وكانت استقالة ليبرمان من منصبه، وزيرا للحرب، هي حبل الخلاص لنتنياهو، الذي كان يأمل بتصاعد أزمة ائتلافية على خلفية قانون فرض كامل للخدمة العسكرية على الشبان المتدينين المتزمتين “الحريديم”، إلا أن كتلتي “الحريديم” في الائتلاف الحاكم، سحبتا هذه الورقة من نتنياهو، بأن قررتا البقاء في الحكومة.
والذريعة التي طرحها ليبرمان لاستقالته من وزارة الحرب، مثيرة للسخرية، فقد زعم أنه اعترض على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو يعلم أن القول الفصل في هذه المسائل، هو لقادة الجيش والمخابرات، الذين أجمعوا، حسب ما نشر، على ضرورة القبول بوقف إطلاق النار.
ولم تكن أية حكومة، على استعداد للمغامرة بنقض موقف العسكر، لأنه في حال تورط الجيش في الحرب، فإن المسؤولية ستقع على من قرر، وفي حالة كهذه، فإن الورطة تكون أكبر، إذا لم تقبل الحكومة بتوصية “المهنيين”.
وصحيح ما قاله عدد من المحللين الإسرائيليين، إن ليبرمان الذي لم يتوقف للحظة عن التهديد بالتدمير والقضاء على حركة حماس في قطاع غزة، قبل دخوله منصبه، جلس على كرسيه هادئا، منصاعا لتوصيات المؤسسة العسكرية.
فلماذا استذكر الآن مواقفه المتطرفة؟ لا لشيء، إلا لأنه يعرف تماما أن الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وهو بحاجة لورقة يخوض بها الانتخابات البرلمانية، في محاولة لتحقيق مكاسب انتخابات، في ساحات اليمين الأشد تطرفا.
إلا أنه قد يتفاجأ كثيرون، من حقيقة أن ليبرمان، المستوطن في الضفة، شخص غير مرغوب به في ساحات اليمين الأشد تطرفا، بقصد جمهور المستوطنين، وهذا أثبتته نتائج الانتخابات البرلمانية، في المستوطنات تحديدا، في العامين 2013 و2015. رغم ذلك فإن جمهوره من اليمين، ولكن بالذات، من جمهور المهاجرين من دول الاتحاد السوفييتي السابق في العقود الثلاثة الأخيرة.
أما في ما يتعلق بالانتخابات المقبلة، فإن كل استطلاعات الرأي، التي نشرت تباعا في السنوات الثلاث الأخيرة، أشارت إلى أن إجمالي قوة الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية ستتعزز، والمسألة هي توزيع المقاعد في داخل المعسكر الواحد.
في السنة الأخيرة، بدأ هذا المعسكر يقتنص مقاعد من مجموع مقاعد المعارضة البرلمانية الحالية. وهذا انعكاس للانطباع السائد لدى الجمهور الإسرائيلي، وهو أنه لا توجد معارضة صهيونية حقيقية لحكومة اليمين الاستيطاني، ولهذا فإن الجمهور يتجه إلى نسخة اليمين الأصل.
وهذا أحد أهم تفسيرات حفاظ حزب الليكود على قوته، وحفاظ نتنياهو على “شعبيته”، بصفته الشخص الأكثر ملاءمة لتولي رئاسة الحكومة!
فالجمهور لا يتأثر بقضايا فساده، ولاحقا سأشرح أكثر عن العوامل التي تبقي نتنياهو في هذه المكانة لدى الإسرائيليين، وبقدر كبير من هذه العوامل، هو الجانب الاقتصادي.
قد يسأل البعض: هل ما زال في الحلبة الإسرائيلية ما هو أسوأ من هذه الحكومة؟
والجواب: بالتأكيد. وهذا استنتاج يستند إلى عملية استفحال التطرف التي شهدتها الولاية البرلمانية الحالية. فوجه التطرف الذي نراه الآن، أشد بكثير من التطرف الذي شهدناه مع بدء تلك الولاية، وهذا انعكس في سن ما يزيد عن 37 قانونا من أشد القوانين عنصرية ودعما للاحتلال والاستيطان.
* برهوم جرايسي كاتب صحافي متخصص بالسياسية الإسرائيلية من الناصرة.
المصدر: الغد الأردنية