حوار مع المعارض السوري البارز رجاء الناصر نصري
1 – ما هي أحتمالات توجيه ضربة عسكرية إلي سوريا وما مدي تأثيرها علي النظام السوري ؟
ج1: ترتفع نسبة احتمال توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري. وتكاد تكون مطلقة ما لم يحدث شيء لم يكن في الحسبان، أما عن تأثيرها على النظام السوري وقدراته فالمسألة تتعلق بأمرين الأول حجم الضربة، ومداها الميداني والزمني، الثاني قدرة المعارضة على استغلال الوقت بين الضربة وبين استيعاب النظام لها، وإذا أخذنا بالتصريحات الأمريكية فإن الضربة لا تستهدف إسقاط السلطة الحاكمة، وهو تقدير يتوافق مع معلوماتنا حول أبعاد إدارة الصراع في وعلى سورية وفق الرؤية الأمريكية التي تقول بضرورة تحول الصراع إلى حرب استنزاف داخلية طويلة يجري عبرها تحضير مسرح الأحداث من أجل إحداث تغييرات جوهرية في موازين قوى الصراع وتحول القوى غير الرئيسية إلى أساسية وإضعاف قوى أكثر فاعلية، بحيث يتم تدعيم القوى الأكثر ارتباطاً بالمشروع الغربي على حساب القوى المتباينة مع هذا المشروع سواءً كان هذا التباين على يمين المشروع أو على يساره. وعلى استخدام القوى المتصارعة المتعارضة مع “الأجندة” الأمريكية في مواجهة بعضها لإنهاكها جميعاً مما يفسح المجال أمام تقدم القوى المؤيدة للمشروع في النهاية.
وهناك عامل إضافي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في تقدير مدى تأثير الضرية على موازين القوى هو قدرة القوى الدولية والإقليمية الداعمة للنظام على تعويضه عن خسائره بشكل سريع قبل أن تحقق المعارضة مكاسب جدية.
يضاف إلى ذلك أن هذه الضربة وخصوصاً إذا كانت بحجم متوسط على الأقل ستكون رسالة قد تؤثر على معنويات النظام وعلى قدرته بتحقيق مناورة سياسية استراتيجية.
2 – وما ردكم علي رواية النظام التي أتهم فيها المعارضة بتدبير قصف الغوطة بالسلاح الكيماوي لأستدعاء التدخل الغربي في الشؤون السورية ؟
ج2: قد لا نكون بالموقع الذي يسمح بالمعرفة البينية المؤكدة للروايات والمزاعم المطروحة. ولكن سنسمح لأنفسنا استخدام المنطق واستعارة روايات سابقة للنظام، حيث قال النظام عند استخدام الكيماوي في خان العسل أنه من غير المعقول أن يقصف النظام جنوده في مناطق مسيطر عليها. اليوم الموقف ذاته المناطق التي قصفت بالكيماوي هي خاضعة لسيطرة المعارضة، وتم استخدام الكيماوي خلال قصف عنيف لتلك المناطق وإعلان رسمي بأن الهدف هو القضاء نهائياً على سيطرة المسلحين على المناطق المحيطة بدمشق. إذاَ المؤشرات تتجه نحو مسؤولية النظام وعليه هو أن يثبت العكس. ومن المهم هنا أن نضيف أن إدارة النظام للصراع تجانب العقلانية المعتادة في تحليل الأمور، فهو يستهين بخصومه ويخلقهم في كثير من الأحيان ويبتز أصدقاءه إلى درجة مفرطة، ويدفع قسماً كبيراً من معارضيه إلى أجواء أكثر عدائية. وقد وصل به الأمر إلى تحليلات خاطئة فهو بات يؤمن أنه لن يكون هناك تدخلاً عسكرياً مباشراً ضده مهما فعل، ويؤمن بأن حلفاءه مضطرون للدفاع عنه مهما تصرف.. وأنه بات يشكل رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه، هذه الحالة تدفعنا لمجانبة بعض التحليلات التي تقول أنه ليس من المنطق أن يشن مثل هذه العملية في هذا التوقيت. فعلى سبيل المثال واجه تظاهرات الأطفال في بداية الأحداث بإطلاق النار المباشر في مناطق عشائرية ولم يهتم بأي رد فعل رغم بدايات ما سمي بالربيع العربي ونذرها التي حامت حوله ، كما أعلن مراراً أنه لاتوجد لديه معارضة وطنية سوى تلك التي تلتحق بنظامه في عملية استعداء غير مفهوم لمعارضة الداخل الديمقراطية وغير المسلحة.
3 – وما هي توقعاتك بالنسبة لطبيعة الرد الروسي في حالة حدوث عدوان غربي علي سوريا ؟
ج3: الرد الوحيد المتوقع هو مد النظام بأسلحة هامة عبر جسر جوي فور توقف الحملة العسكرية فيما إذا التزمت إيران وربما العراق بتسديد ثمن تلك الأسلحة. وهذا أصبح واضحاً ومعلناً بشكل رسمي فروسيا ليست على استعداد لخوض حرب دولية في سبيل النظام السوري وكلنا يدرك التجارب والمواقف السابقة، وأعتقد أنها سياسة عقلانية، فرغم أن سورية مهمة للروس على المستوى الاستراتيجي، ولكن الضربة ليست نهاية الصراع، فبعد الضربة يمكن إعادة تعزيز الترسانة العسكرية السورية لتستمر في الصراع، مع قناعة الروس المطلقة بأنه لاخيار سوى الحل السياسي، وهي أي القيادة الروسية تؤمن بأن تفاهمات جنيف هي أحسن ما يمكن تقديمه للنظام في ظل الظروف الراهنة.
4 – وما تقييمك للدور العربي من الازمة وهل ترون ان الرد العربي جاء مخيبا للامال ؟
ج4: الدور العربي بشكل عام دور تابع مع موقع مميز للمملكة العربية السعودية ولقطر في وقت سابق، الجامعة العربية منذ العدوان على العراق فيما سمي بحرب تحرير الكويت أضحت أداة بيد الخارج، والنظام العربي أعلن وفاته السريرية، طبعاً المملكة العربية السعودية تمارس دوراً في إعادة رسم خريطة المنطقة كما حاولت قبلها قطر، وهي مؤثرة لكن بشكل محدود على القرار الدولي ( الغربي ) ولكنه بالقطع ليس الدور الحاسم. بل هي تلعب فقط بالوقت الضائع، ونحن في حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي وفي هيئة التنسيق الوطنية حاولنا أن ندفع بالجامعة العربية ليكون لها دور مستقل بل دعمنا مبادراته ولكن “قطر” والشيخ حمد وزير خارجيتها السابق استطاع أن يدفع الجامعة العربية لتمارس دوره”المحلل” للطرف الغربي وليس الدور البديل، واليوم أمانة الجامعة فقدت قدرتها على اتخاذ قرارات مناسبة و فقدت قدرتها على التأثير بصفتها ممثلة للأمة العربية وأضحت خاضعة تماماً للدول الخليجية المرتهنة بدورها للولايات المتحدة الأمريكية. وعلى هذا لم تعد هناك آمال معلقة عليها حتى نشعر بخيبة أمل منها.
5 – في ضوء التطورات الاخيرة هلي ترون أن فرص عقد مؤتمر جونيف أو نجاحه باتت منعدمة ؟
ج5: أولاً وبعيداً عن التطورات الميدانية مؤتمر جنيف هو المدخل الوحيد المطروح اليوم لتسوية الأوضاع المعقدة في سورية بعد أن تداخلت فيها الأبعاد المحلية مع الأبعاد الإقليمية مع الأبعاد الدولية، إذاً هي مخرج قبل أن تكون خياراً وهي البديل الوحيد لتدمير الدولة أو الكيان، وفق هذه الرؤية ستبقى جنيف مطروحة على بساط البحث باعتبارها البديل الموضوعي للواقع الراهن..
الضربة العسكرية لن تعدم خيار التسوية السياسية بالضرورة، بل ربما تكون عاملاً مساعداً حيث أننا ندرك أنه عندما اتفق على مؤتمر جنيف بين الروس والأمريكان كانت موازين القوى ميدانياً شبه متكافئة، تدخل حزب الله والفصائل العراقية المقاتلة شكل المقابل الجهادي المقدس لمجموعات المسلحين” المجاهدين” الذين انضموا إلى الثوار وشكلوا رافعة أساسية للعمل المسلح، وتمكن هذا المقابل الجهادي المقدس أن يساهم في إحداث خلل كبير بموازين القوى ساعد على زيادة غرور النظام من جهة، وعلى تعميق رفض المسلحين لتسوية، حيث اعتقدوا أن موازين القوى على الأرض ستقلص من طموحاتهم. البعض ينتظر هذه الضربة لتشكل عامل توازن جديد على الأرض. طبعاً بالنسبة لنا نؤمن بأن التسوية لن تفرضها موازين القوى الميدانية بل مجمل موازين القوى أي الشعبية والإقليمية والدولية، وبالتالي تفاهمات جنيف(1) لن ولا يجوز أن تتعدل انعكاساً لتبدلات موازين القوى وخصوصاً أن هذه التبدلات غير حاسمة ومتأرجحة.
6 – وهل ترى ان هناك جدوي من استمرار مهمة الأبراهيمي
ج6: عندما نتحدث عن ضرورة التسوية السياسية ، وعن ضرورة السعي لإنجاحها لا نجد أمامنا سوى السيد الأخضر الابراهيمي، ولكن نعتقد ان مهمة الابراهيمي لن تتقدم إلا بتوافق روسي أمريكي، فهو انعكاس لذلك التوافق. ونرى أن انتهاء أو إنهاء مهمة الابراهيمي لا يعني سوى اليأس من الحل السياسي والذي يقابله يأس من الحل العسكري الحاسم ومحصلة ذلك هو “الصوملة” أي حروب طويلة ومتطورة مع الحفاظ على أبعاد المخاطر المحتملة لتداعيات هذه الحروب عن التأثير السلبي على الكيان الصهيوني، من هذا المنطلق دعمنا وندعم مهمة الابراهيمي ونرى أنها على الأقل تشكل الأمل وغيابها يعني انسداد الأفق وغياب الأمل.
7 – في ظل المذابح التي ارتكبها النظام السوري هل تنون التقدم بشكوى إلي المحكمة الجنائية الدولية ضد رموز النظام التي أرتكبت تلك المذابح ؟
ج7: إحالة النظام السوري وكل مجرمي الحرب سواء من أي طرف من النظام أو المعارضة الذين ارتكبوا مجازر بحق الشعب السوري وعلى الأخص بحق المدنيين العزل أمر مفترض ومطلوب، ولكن نحن نعتقد أن للمحكمة الجنائية الدولية قواعد عمل لا تسهل تلك الإحالة، حيث هذه الإحالة أو طلبها منوطة بمجلس الأمن الدولي، وبالدولة التي يقع عليها العدوان أو ترتكب بحقها أو فيها جرائم الحرب ضد الإنسانية، و بالمدعي العام في تلك المحكمة.
على كل الأحوال قبل أن نتحدث عن المحاكمات والمحاسبة والعدالة الانتقالية يهمنا أن نتحدث عن سبل ايقاف القتل والمجازر، وعن حل سياسي ينهي الصراع، فمع استمرار الصراع ستبقى المجازر ترتكب من الأطراف المتصارعة عسكرياً، وسيبقى الشعب السوري يدفع الثمن من لحمه الحي.
8 – ما مدي تأثير تولي السعودية الملف السوري بديلا عن قطر وهل كان لذلك تأثير إيجابي علي حصول الجيش السوري الحر علي ما يحتاجه من سلاح في الفترة الاخيرة
ج8: تولي السعودية للملف السوري بالطبع شكل نقلة، إذ حجَم وغير في موازين القوى داخل بعض قوى المعارضة ولدى أطراف مسلحة، حيث كانت قطر تدير الصراع بنظرة ضيقة جداً، معتمدة على تنظيم الإخوان المسلمين وعلى الفصائل الأسلامية دينية رشحتها منظمة الاخوان المسلمين، أما المملكة العربية السعودية فهي أكثر حنكة وخبرة، فهي تدير الصراع من زاوية حربها غير المعلنة على التحالف الشيعي، وبالتالي ليست شديدة الثقة بالأخوان المسلمين حيث تشعر أن لهم علاقات حميمة مع إيران عن طريق حركة حماس، بل العكس تشعر بأن تجربة الأخوان المسلمين في الوطن العربي خطراً على دورها وعلى مصالحها. وهي أكثر قدرة على توجيه دعمها باتجاه تشكيل جيش حر نظامي مدعوم بقوى إسلامية اصولية أقل تطرفاً. وهي أكثر مقبولية في الشارع العربي على عكس قطر. لكن أعتقد أن السعودية كقطر تسير نحو اشكالية فهي غير قادرة على أن تكون قيادة فعلية للنخبة السياسية المشرقية وحتى المصرية أو المغاربية بل هي تحتاج دوماً الى دعم قوي كمصر أو العراق أو حتى سورية، وهي تتشارك مع قطر بإيمانها بالعامل المالي، في ترتيب المعارضات على حساب الموقف والبرامج الوطنية.
9– وهل تري أن التغييرات الاخيرة التي حدثت في مصر كان لها تأثيرها السلبي علي الثورة السورية ؟
ج9: مصر إقليم مركزي في الوطن العربي وهو مؤثر بالقطع في كل المحيط، ومصر القوية والمستقرة هي عامل استقرار ووحدة للمنطقة، كما أن الثورة التي أطاحت بحكم الإخوان المسلمين في مصر أكدت صعوبة استيلاء ماسمي الإسلام المعتدل على السلطة لقدرته على استفزاز كل ما عداه. وأوجد هذا التغيير حالة انقسام غير معلن في المعارضة السورية الخارجية التي سيطر عليها الإخوان المسلمون باعتبارهم القوة الأكثر تنظيماً من جهة، والأكثر قوة بوجود سند دولي وإقليمي عبر المكتب الدولي للأخوان، وبالتالي فرض الأخوان سيطرتهم على القرار السياسي للمعارضة الخارجية، وعندما حدثت الثورة والتغى بعض مرتكزات الدعم الدولي، كان لا بد أن ينعكس ذلك على دور الإخوان السوريين ليعودوا إلى حجمهم الطبيعي باعتبارهم مجرد قوة محدودة القدرات إلى جانب قوى متعددة, وعلى المستوى النظري أعادت الثورة المصرية النقاش حول ديمقراطية صندوق الانتخاب والتفويض الممنوح لممثلي الشعب سواء كانوا رئيساً أو مجرد نواب للشعب في برلمانات منتخبة . حيث برز في الجدل فكرة جديدة تطرح آلية الرقابة الشعبية المستمرة على الحاكم أو النائب وإمكانية سحب الثقة منه قبل انتهاء ولايته. باعتبار أن السلطة مستمدة أساساًمن الشعب وليست مفروضة عليه . وتقدمت افكار جديدة مثل الحكم التشاركي والاستفتاء الشعبي بكل مظاهره وتجلياته.
أما عن الموقف النهائي من الثورة المصرية فكل ما نستطيع تقديمه أنها أوجدت شرخاً أو كشفت عن شرخ عميق بين قوى الثورة السورية، حيث برز فريقان الأول تمثله على العموم قوى الائتلاف الوطني التي وقفت بتأثير الإخوان إلى جانب الإخوان المسلمين المصريين والفلسطينيين والثاني تمثله المعارضة الديمقراطية بتلاوينها المتعددة. التي وقفت إلى جانب حركة الجيش بدعوى الواقعية.
10 – ما مدي تقييمك لدور المعارضة السورية وهل ترى أن الائتلاف السوري الحالي لا يعبر عن الثورة السورية
ج10: في سورية معارضات متباينة وتحمل مشاريع متصارعة ومتصادمة ، صحيح أنها تلتقي على هدف إسقاط النظام، ولكن ليس هناك توافق على اليوم الثاني، وهذه المشارع المتناقضة أدت وتؤدي إلى ترتيب الصراع المتواصل ليحقق كل طرف أهدافه وبرامجه هناك قوى تطرح باسم المعارضة إقامة الإمارة الإسلامية ودولة “الخلافة”على قاعدة الحكم لله وليس للشعب، وهناك قوى انفصالية، وقوى مغرقة بليبراليتها الاقتصادية، وقوى قومية ويسارية. ولعل هذا دفع للانقسام في الخطاب السياسي وتداعياته بين معارضة الداخل التي تشكل هيئة التنسيق الوطنية بأحزابها العشرة ومجموعات المستقلين المنضوين إلى القاعدة الرئيسية فيها، وهناك المعارضة الخارجية التي يمثل الائتلاف عمودها الفقري ومحوره الأساسي الإخوان المسلمين، الأمر ذاته مع المسلحين وإذا نظرنا لشعارات الفريقين نرى مدى الاختلاف، فمعارضة الخارج تقول بإسقاط النظام ونقطة على السطر، وهي على استعداد ورغبة بجمع كل المعارضين تحت لوائها، كما هي على استعداد لمد الأيدي لكل خصوم النظام ومعارضيه حتى ولو كانوا الشيطان، أما معارضة الداخل التي تمثلها هيئة التنسيق فهي تقول بالتغيير الديمقراطي وعندما استخدمت تعبير اسقاط النظام ربطته بهذا الهدف وعليه أبدت رفضها المطلق للتعاون مع أي قوة غير ديمقراطية لأنها وجدت فيها نماذج أخرى عن النظام.
الائتلاف الوطني الذي هو امتداد للمجلس الوطني السوري ينظر إليه الكثيرون باعتباره صناعة أمريكية قطرية سعودية بحلته الأخيرة والقوة المنظمة الوحيدة فيه هي الإخوان المسلمين الذين يتعارضون اليوم مع السياسة السعودية، وبالتالي لم يعد في الائتلاف أي قوة مركزية وتحول إلى مجرد ناد للأصدقاء ولتلقي المنافع، ولم يعد يمثل أي قوة فهو بالنسبة للمسلحين مجرد”رسول” لإيصال الأمول والأسلحة، في أحسن حالاته، ولص يعتاش على المعونات المرسلة إلى أولئك المسلحين في الحالات الأخرى على عكس هيئة التنسيق الوطنية التي تضم عشرة أحزاب عريقة لها تاريخ نضالي وسياسي طويل، ولديها تجانس عميق تكرس عبر تحالفات قديمة.
والخلاصة أن الثورة السورية لا يستطيع أحد ان يقول أنه المعبر عنها أو الممثل الشرعي لها. ولعل هذا الشعار خاطئ من الأساس فكل حزب أو تيار أو إطار سياسي يجب ان يمثل أعضاءه وأنصاره لا أن يفرض على الشعب. الأمر ذاته ينطبق على ما يسمى بالجيش الحر. حيث أن الجيش الحر هو يافطة أو كلمة سر يستخدمها كل من يستعمل السلاح ضد النظام دون أي قيادة مشتركة أو برامج متفق عليها بل أنها تتناقض حتى في بنيتها وتراتيبها وفي المنظومة العقائدية التي تلتزم بها. ولعل هذا ما يدعونا أن نقول أن في سورية ثورة فريدة، هي ثورة الكل ضد الكل.
11 – تدخل تنظيم القاعدة في بلاد الشام في أقليم الرقة وفرض نظامه الخاص به هل بداية لتفكيك سوريا إلي دويلات
ج11: أولاً: القاعدة بجناحيها “نصرة الجهاد” و”دولة الشام والعراق الاسلامية” هي القوة الأكثر تنظيماً في المعارضة المسلحة وهي تبسط نفوذها ليس على الرقة وحدها بل في مناطق كثيرة من الأراضي السورية “المحررة” والحديث عن الرقة لأنها المقر الوحيد للمحافظات الذي وقع بأيدي المسلحين وهي بالقطع تطرح وتؤسس لتقسيم المجتمع السوري قبل تقسيم الدولة السورية ، ولكن ليست القاعدة وحدها تسير على هذا الطريق هناك انفصاليون أكراد، وهناك جماعات مسلحة محلية، وهناك النظام ذاته الذي تشجع سياساته وممارساته على الانقسام المجتمعي والسياسي، لكننا لا نزال نراهن على الوعي الوطني للشعب السوري، مع قناعتي الخاصة أن التراجع عن الهوية القومية للمواطنين السوريين لحساب هوية “وطنية” غير متجذرة يساهم بتحقيق الحالة الانفصالية.
12 – في النهاية هل ترى أن التدخل الايراني هو وجود مليشيات حزب الله والدعم الروسي للنظام يجعل حسم الصراع عسكريا أمرا مستحيلا
ج12: التدخل الإيراني وتدخل حزب الله ساهما في تعميق الأزمة حيث ساعد على تعميق البعد الطائفي والمذهبي في الصراع، كما أنه بالضرورة يستفز خصوم هذه القوى والدول ويدفعها إلى نوع من سباق التسلح ودعم “المجاهدين” القادمين إلى سورية بدعوى نصرة الشعب السوري. سباق التسلح في ظل الموازين الدولية والإقليمية سيرفع من وتيرة الصراع وتكاليف التضحيات ومن الخسائر ولكنه لن يغير من نتيجة الصراع وموازين القوى. ولعل هذا ما دفعنا في هيئة التنسيق إلى رفضه رغم دعمنا التاريخي للمقاومة اللبنانية وكل قوى المقاومة العربية وإلى مطلبنا بسحب المسلحين غير السوريين والكف عن تزويد أطراف الصراع بالدعم العسكري والتسلح.