تواجه أوروبا معضلة في دعم أوكرانيا ومواصلة الدفاع عن أراضيها.
تساؤلات حول دعم الحرب وحماية الأراضي الوطنية في وقت واحد!
“أفضل طريقة لأوروبا كي تساعد أوكرانيا هي زيادة الإنتاج من قذائف المدفعية، وهذا هو أهم موضوع في العام المقبل”.
دول أوروبا تدفع بشحنات عسكرية إلى أوكرانيا بينما تعاني شح الذخيرة وعدم قدرتها على مواصلة الإنتاج بشكل سريع يتواءم مع استخدامها المستمر.
أوروبا ذات أكبر قدرات لتصنيع السلاح في العالم، تكافح لإنتاج ما يكفي من الذخيرة لأوكرانيا ولنفسها مما يعرّض قدرات الناتو الدفاعية للخطر، ودعم أوكرانيا في نفس الوقت.
* * *
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا قالت فيه إن دول أوروبا تدفع بشحنات عسكرية إلى أوكرانيا في وقت تعاني فيه من شح الذخيرة وعدم قدرتها على مواصلة الإنتاج بشكل سريع لكي تتواءم مع استخدامها المستمر. وهي تواجه معضلة في دعم أوكرانيا ومواصلة الدفاع عن أراضيها.
وجاء في التقرير، الذي أعدّه بوحان بانفسكي، أن أوروبا، التي لديها أكبر قدرات تصنيع للسلاح في العالم، تكافح من أجل إنتاج ما يكفي من الذخيرة لأوكرانيا ولنفسها، مما يعرّض قدرات الناتو الدفاعية للخطر، ودعم أوكرانيا في نفس الوقت، كما يقول قادة الصناعة العسكرية.
وتقول الصحيفة إن غياب القدرات الإنتاجية، وقلة العمال المتخصصين، وحالة الاختناق في سلاسل الإمداد، إلى جانب كلفة الإنتاج والقيود البيئية على الصناعة، تحدّ من الجهود لزيادة معدلات الإنتاج، بشكل يضع تحديات أمام الغرب وأوكرانيا مع قدوم العام الجديد.
وتقول الصحيفة إن حرب الاستنزاف بين روسيا وأوكرانيا تحولت الآن إلى سباق تسلح بين موسكو وأعضاء حلف الناتو في أوروبا، التي تبحث عن طرق لتقوية دفاعاتها في ضوء التهديدات المتزايدة من الكرملين.
وقالت الصحيفة إن الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي أشار إلى المشكلة في خطابه، يوم الأربعاء، أمام الكونغرس، حيث قال: “لدى المحتلين ميزة كبيرة في المدفعية، ولديهم ميزة في الذخيرة ولديهم صواريخ وطائرات أكثر”.
وأشارت الصحيفة إلى أن آخر رزمة من المساعدات الأمريكية، وقيمتها 1.8 مليار دولار، تضم أول بطارية باتريوت ترسل إلى كييف، وكذا جهاز يقوم بتحويل القنابل غير الموجهة إلى ذخيرة موجهة، وقنابل المدفعية والهاون وصواريخ بعيدة المدى.
ومع ذلك فمصير أوكرانيا يعتمد على الدول الأوروبية، مثل ألمانيا التي تركت صناعتها العسكرية تضمر في وقت السلم، وتكافح للحاق بالركب، وهي تحاول في ذات الوقت تأمين إمدادات الطاقة التي تأثرت بسبب توقف استيراد الغاز الطبيعي والنفط من روسيا.
وتقول الصحيفة إن المعركة الأوكرانية ضد الروس تستنفد ذخائر بمعدلات سريعة لم تسجل منذ الحرب العالمية الثانية. وتقوم القوات الأوكرانية بإطلاق 6.000 قذيفة مدفعية في اليوم، وينفد احتياطها من الصواريخ المضادة للطائرات وسط غارات جوية روسية لا تنقطع، وذلك حسب الخبراء والمسؤولين الاستخباراتيين. وفي ذروة الحرب في منطقة دونباس، شرقي أوكرانيا، استخدم الروس ذخائر في يومين وأكثر مما لدى الجيش البريطاني من مخزون، وذلك حسب المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن.
ويقول نيكو لانج، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الألمانية، إن الدول الأوروبية لا تملك غير الولايات المتحدة المخزون الكافي من السلاح لخوض حرب مدفعية، أو القدرة على توفير هذه الاحتياطات ضد عدو كبير لو تعرضت للهجوم. وقال لانج، الزميل في مؤتمر ميونيخ للأمن: “تقوم الحكومات بتخفيض العقود، بحيث تستطيع الشركات التخلص من الموظفين وتقلل من خطوط الإنتاج”.
وتعلق الصحيفة أن نقص القذائف والصواريخ الحالي مرتبط بعقيدة الناتو الجديدة، والتي ركزت على حروب مستهدفة وغير منسقة ضد عدو غير متقدم، كما يقول مورتين برانتدزيج، المدير التنفيذي لنامو أس، أكبر مصنع للسلاح في العالم، والذي تملكه حكومتا فنلندا والنرويج، و”نحن نريد طلبيات تتناسب مع حجم أكبر الصناعات العسكرية”.
وتقول الصحيفة إن أوكرانيا تستنفد كل شهر حوالي 40.000 قذيفة مدفعية من عيار 155 ميلميتر، مع أن مجمل الإنتاج الأوروبي من تلك المقذوفات يصل إلى 300.000 قذيفة في العام، حسب مايكل ستراند، صاحب مجموعة تشيكو سلوفاكيا إي أس، وهي شركة تشيكية تنتح حوالي 30% من مجمل الذخيرة في أوروبا.
وأضاف ستارند: “القدرات الإنتاجية الأوروبية غير كافية إلى حد كبير”، وحتى لو توقفت الحرب في ليلة وضحاها ستحتاج أوروبا إلى 15 عاماً كي تكون قادرة على إمداد المخزون من جديد على مستوى الإنتاج الحالي.
وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إنه تم إضافة ما بين 604- 725 مليون دولار في الميزانية البريطانية من أجل تجديد مخزون الذخيرة البريطاني.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بداية العام الحالي، إن الحرب تعني حاجة فرنسا لزيادة قدراتها العسكرية والتصنيع، أما أولاف شولتز فقد قال: “اتخذنا القرارات الخاطئة في العقود الماضية عندما تعلق الأمر بإمدادات الذخيرة”.
وقال المسؤولون الألمان إن ألمانيا لديها ذخيرة كافية لمدة أسبوعين لو تعرضت لهجوم روسي. وهو أقل مما حدده الناتو لأعضائه، وهو تخزين ذخيرة تكفي مدة شهر. ويرى ولفانغ شميدت، رئيس هيئة أركان شولتز إن السبب راجع لعدم وجود صناعات تسليح واسعة، رغم كون ألمانيا من كبار مصدري السلاح في العالم. وتم تخفيض القدرات العسكرية الضخمة إلى مصانع متقدمة بقدرات محدودة، كما قال.
وتحتاج ألمانيا إلى 21.2 مليار دولار كي تحقق مطلب الناتو القاضي بتوفير ذخيرة 30 يوماً. إلا أن المسؤولين الألمان يتحدثون عن مليار يورو مخصصة للذخيرة في عام 2023. وعلق هانز كريستوف أتزبودين، من جمعية صناعة الدفاع الألمانية أن المعوق أمام عملية إعادة تسليح واسعة هي تشريعات الاتحاد الأوروبي الذي أعلن أن صناعة السلاح لا يمكن الحفاظ عليها مع حرمانها من التمويل الخاص.
هناك جهود جارية للمساعدة في تجديد وتوسيع الذخيرة، فألمانيا تمول مصنعاً يعود للحقبة السوفييتية في رومانيا لتصنيع قذائف حسب معايير الناتو، ومن النوع المتوافق مع الذخيرة السوفييتية التي يستخدمها الجيش الأوكراني، حسب مسؤولين ألمان ورومانيين. ويمكن الكشف عن المشروع نهاية الشهر الحالي.
وزادت الشركات من قدراتها الإنتاجية تحسباً لطلبات جديدة من الحكومات، فقد زادت المجموعة النرويجية نامو من طاقتها الإنتاجية بنسبة عشر مرات من الطاقة العادية، حسب مديرها برندتزايج. وستضاعف المجموعة التشيكية السلوفاكية من قدرات إنتاج القذائف من عيار 155 مليميتر إلى 100.000 قذيفة حسب مالكها ستارند.
ووقعت مجموعة بي إي إي البريطانية على عقد بقيمة 2.4 مليار جنيه استرليني لتزويد وزارة الدفاع البريطانية بالذخيرة. وقدمت شركة رينتال إي جي الألمانية عطاء للاستحواذ على أنظمة إكسبال سيستمز أس إي الإسبانية منتجة الذخيرة، مما سيساعد رينتال على زيادة قدراتها الإنتاجية. وستقوم ببناء خط إنتاج جديد لصناعة قذائف من عيار 35 ميلميتر لأنظمة الدفاع غيربارد، الذي تبرعت به ألمانيا لأوكرانيا.
وقال روب لي، الزميل البارز في معهد أبحاث السياسة: “أفضل طريقة لأوروبا كي تساعد أوكرانيا هي زيادة الإنتاج من قذائف المدفعية، وهذا هو أهم موضوع في العام المقبل”.
المصدر: وول ستريت جورنال
موضوعات تهمك: