وصول السود للمناصب القيادية ليس مؤشرًا على تحسن أوضاعهم بالمجتمع، بالضبط كما كان الحال مع تولى أوباما الرئاسة.
المفارقة أن العام الذى يتولى فيه جيفريز منصب قيادة الحزب الديمقراطي هو العام الانتخابى الذى انخفض فيه تصويت السود لأقل معدلاتها منذ 2006.
السود هم أكثر الجماعات على الإطلاق ولاء للحزب الديمقراطى، والمرأة السوداء تحديدًا الأكثر ولاء للحزب الديمقراطى حتى مقارنة بالرجل الأسود.
اعتبار أصوات السود من المسلمات للحزب الديمقراطي وبالتالى تجاهل قضاياهم يؤدى لإحجامهم عن التصويت أصلا مما من شأنه التأثير على نتائج الحزب.
حكيم جيفريز أول نائب أسود بتاريخ أمريكا يتولى قيادة أحد الحزبين بالكونغرس وسيكون المرشح الأول لرئاسة المجلس إذا أصبح الديمقراطيون أغلبية.
* * *
بقلم: د. منار الشوربجي
انتخب الديمقراطيون النائب الأسود حكيم جيفريز زعيمًا للأقلية الديمقراطية بمجلس النواب خلفًا لنانسى بيلوسى، التى أعلنت تقاعدها عن المنصب، لا المجلس.
وبذلك صار جيفريز أول نائب أسود، فى تاريخ أمريكا، يتولى منصب القيادة فى أحد الحزبين بالكونغرس، وسيكون المرشح الأول لرئاسة المجلس متى حصل الديمقراطيون على الأغلبية فيه.
لكن وصول السود للمناصب القيادية ليس مؤشرًا على تحسن أوضاعهم بالمجتمع، بالضبط كما كان الحال مع تولى أوباما الرئاسة.
فلعلها من المفارقات الجديرة بالتأمل أن العام الذى يتولى فيه جيفريز منصب القيادة بالحزب هو ذاته العام الانتخابى الذى انخفضت فيه نسبة تصويت السود لأقل معدلاتها منذ عام 2006، أى العام الانتخابى السابق على ترشح أوباما للرئاسة عام 2008.
وفى العام الحالى أيضًا، لم تفز مرشحة سوداء واحدة سعت للوصول لمقعد بمجلس الشيوخ أو لمنصب حاكم إحدى الولايات. وتلك المفارقة ذات مغزى بالغ الأهمية لأن السود هم أكثر الجماعات على الإطلاق ولاء للحزب الديمقراطى، والمرأة السوداء تحديدًا الأكثر ولاء للحزب الديمقراطى حتى مقارنة بالرجل الأسود.
والتوثيق الكامل لنتائج الانتخابات سيستغرق فترة من الوقت نتمكن بعدها من معرفة ما إذا كان انخفاض نسبة تصويت السود سببه الرئيسى محاولات الجمهوريين الحثيثة فى عدد من الولايات لمنعهم أو إثنائهم عن التصويت، أم كان إحجامًا منهم عن التصويت.
ومع ذلك، فإن الحملة الانتخابية، وأداء الحزب الديمقراطى فيها حملا مجموعة من المؤشرات المهمة. فالحزب الديمقراطى، منذ عهد كلينتون، يعتبر أصوات السود مُسلمًا بها، كونهم لا يمكنهم حفاظًا على مصالحهم التصويت للحزب الجمهورى.
وربما زاد من تلك القناعة لدى الديمقراطيين أن رموز الحزب الجمهورى صارت اليوم، أكثر من أى وقت مضى، تعبر علنًا عن مواقف مناهضة لحقوق السود ومصالحهم.
لكن المشكلة هى أن اعتبار أصوات السود من المسلمات، وبالتالى تجاهل قضاياهم، قد يؤدى لإحجامهم عن التصويت أصلا. وهذا الإحجام عن التصويت من شأنه التأثير على مقدرات الحزب الديمقراطى حين يكون الهامش بين مرشحهم ومرشح الحزب الجمهورى ضئيلا.
فمثلا، من المفارقات المهمة أنه رغم أن أكثر من 60% من السود يظلون من الفقراء أو أصحاب الدخول المنخفضة، فإن الحزب الديمقراطى، الذى شنَّ يومًا ما أُطلق عليه وقتها «الحرب على الفقر»، لا يذكر مطلقًا قضايا تلك الفئة الاجتماعية فى حملاته الانتخابية.
بل أكثر من ذلك، كان لافتًا ما أشارت إليه الكثير من التقارير الصحفية من أن مستشارى الحملات الانتخابية، حتى للمرشحين السود، نصحوهم بالتركيز فقط على قضيتى الإجهاض والخطر الذى يشكله الجمهوريون على الديمقراطية الأمريكية، دون باقى القضايا!
والذى يدعو للتأمل أن الحديث عن الديمقراطية ذاته لم يتطرق، فى الحملات الانتخابية، لمشروعى قانونين كانا مقدمين فى الكونغرس يحافظان على حق الأقليات، وبالذات السود، فى التصويت، وحمايته من محاولات الجمهوريين المستميتة لحرمانهم منه عبر حيل كثيرة فى الولايات.
فالجمهوريون يسعون لتقويض الديمقراطية من المنبع! وللأمانة فإن السبب فى عدم تمرير المشروعين كان معارضة الجمهوريين لهما. لكن تلك المعارضة كانت مدعاة فى ذاتها لتحويلهما لقضية انتخابية، لا العكس.
أما تولى السود مناصب قيادية بمجلس النواب فهو يأتى لأسباب تتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية، ونتيجة طبيعية لأقدمية عدد منهم بالمجلس، بين زملائهم الديمقراطيين.
كما ينتج أيضًا عن أن الانتخاب لتلك المناصب يكون التصويت فيه مقتصرًا على الأعضاء الديمقراطيين وحدهم دون الجمهوريين.
*منار الشوربجي كاتبة وباحثة وأستاذة علوم سياسية
المصدر: المصري اليوم – القاهرة
موضوعات تهمك: