ليس هناك أي حالة تاييد معلنة تحضّ بايدن على النزول مرة أخرى إلى ساحة معركة انتخابات الرئاسة.
بايدن بين الانكفاء الاضطراري والمجازفة، وبين عقبة السنّ والرغبة بعد إدمانه السياسة نصف قرن مذ كان في أواخر العشرينيات من العمر.
أفصح بايدن عن رغبة بالترشح للرئاسة مرة أخري: “آمل أن يصوّب الناخبون على مستوى الحيوية التي أتمتع بها، لا على سنّي، إن قررت الترشّح للرئاسة”.
حرص بايدن على ترك خط رجعة بتصريحات قابلة للتأويل، إدراكاً أن تقدمه في العمر لن يكون مغرياً حتى لأعضاء من حزبه الديمقراطي، يأخذون قضية السن بالاعتبار.
لا يزال أمام الجمهوريين متسع من الوقت لبلورة البديل، بعكس الديمقراطيين الذين تبقى معركتهم مرهونة، حتى إشعار آخر، بأن يتخذ بايدن قراراً صعباً قد لا يخلو من مغامرة.
* * *
بلغ الرئيس الأميركي جو بايدن الثمانين من عمره، أمس الأحد، محطماً “الرقم القياسي” مرتين: مرة حين دشّن ولايته الرئاسية، وهو في الـ78 من العمر، ومرة حين ينهي ولايته في الـ82 من عمره. فمعدل سنّ التدّشين للرؤساء الأميركيين 55 عاماً، مع تفرّد الرئيس الأسبق رونالد ريغان بمغادرة البيت الأبيض في عمر 77 عاما، لا أكثر.
ميزة بايدن هذه تتركه في وضع صعب. وعليه أن يقرر بداية العام المقبل ما إذا كان سيرشّح نفسه مجدداً لانتخابات الرئاسة 2024 أو أنه سيتقاعد مكتفياً بولاية وحيدة.
قد يكون خوض رئيس أميركي معركة التجديد الانتخابية بعد ولاية أولى تحصيلَ حاصلٍ. وعادة لا ينافسه معها أحد من أعضاء حزبه. الأمور قد لا تكون على هذا النحو مع بايدن، فتقدمه في العمر يحرمه هذا الامتياز، ولعله يكون سبباً لخسارة الديمقراطيين للبيت الأبيض.
ينوس بايدن بين الانكفاء الاضطراري والمجازفة، وبين عقبة السنّ والرغبة بعد إدمانه السياسة نصف قرن مذ كان في أواخر العشرينيات من العمر، قبل أن يتوّج مساره السياسي بالتربع على قمة الهرم السياسي في الولايات المتحدة الأميركية بمغرياته ومطباته، بمنجزاته وانكساراته.
غير مرة، عبّر بايدن عن ميله إلى ترشيح نفسه، كان آخرها قبل أقل من شهر، تحديداً في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما أفصح عن تلك الرغبة بوضوح، فقال: “آمل أن يصوّب الناخبون على مستوى الحيوية التي أتمتع بها، لا على سنّي، إن قررت الترشّح للرئاسة”.
وفي كل مرة، حرص بايدن على ترك خط رجعة بتصريحات رمادية قابلة للتأويل، إدراكاً منه أن تقدمه في العمر لن يكون مغرياً حتى لأعضاء من حزبه الديمقراطي، الذين يأخذون قضية السن بالاعتبار.
من ذلك، أن نانسي بيلوسي أعلنت أخيراً أنها ستتنحى عن رئاسة مجلس النواب، فاتحة المجال، بحسب قولها، “أمام الجيل الصاعد من النواب” لتولي مواقع قيادية. وحذا حذوها في هذا التوجه كل من الرجل الثاني في الهرم الديمقراطي في المجلس ستانلي هويار، والرجل الثالث جيمس كلايبورن، وجميعهم تجاوز الثمانين من العمر.
ربما هي رسالة لبايدن ليسلك الطريق ذاته، وإن صمت الديمقراطيون حتى الآن عن مسألة التجديد للرئيس بايدن، فليس هناك أي حالة تاييد معلنة تحضّه على النزول مرة أخرى إلى ساحة معركة انتخابات الرئاسة.
وهناك اعتقاد بأن الرئيس الأسبق دونالد ترامب، الذي أعلن ترشحه للرئاسة، قبل أيام، يراهن على ورقة السن في معركته ضد بايدن لو قرر الأخير خوض انتخابات 2024، التي يفتح باب الترشيح لها في الربيع القادم، تمهيداً لمرحلة الانتخابات الأولية (انتخابات التصفية) التي تنطلق رسمياً مطلع 2024.
قد لا يصمد ترامب في الانتخابات الأولية، في ضوء رصيده المتدني، وانقسامات الجمهوريين بشأنه، فضلاً عن احتمال إدانته جزائياً بعد تعيين مدّعٍ مستقل، الجمعة، للنظر في انتهاكاته في قضيتي، الوثائق السرية، واجتياح مبنى الكونغرس في 6 يناير 2021.
احتمال كهذا قد يشجع بايدن على اقتحام ساحة انتخابات 2024، مع حفاظه على وضع صحي متماسك. قرار كهذا لبايدن المسنّ يبقى محفوفاً بالمخاطر، حتى لو خلا ملعب الديمقراطيين من بدلاء له، وإن خلا ملعب الجمهوريين من منافسين جديين لترامب، باستثناء حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس، فلا يزال أمام الجمهوريين متسع من الوقت لبلورة البديل، بعكس الديمقراطيين الذين تبقى معركتهم مرهونة، وحتى إشعار آخر، بأن يتخذ بايدن قراراً صعباً قد لا يخلو من مغامرة.
المصدر: العربي الجديد
موضوعات تهمك: