تملك أمريكا معلومات مؤكدة حول النوايا الروسية بتأثير من الاتصالات والتعهدات المتبادلة بين الطرفين بُعَيد الاتصالات الأخيرة في أنقرة.
جدل السلاح النووي والقنابل القذرة انطلق بقوة بعد تسريبات عن نقاش بين قيادات الجيش الروسي حول احتمال استخدام السلاح النووي التكتيكي.
برز تأثير الاتصالات الأمريكية الروسية، الأربعاء، بعد نقل وسائل إعلام بولندية خبر استهداف أراضيها بصاروخين روسيين تسببا بمقتل مزارعَين بولندِيَين.
رغم تأكيد وزارة دفاع أوكرانيا أن الصاروخين روسيان، فإن إدارة بايدن تبنت رواية بولندا التي سبقها تأكيد أمريكي أمني وأكدها بايدن نازعا فتيل أزمة خطيرة.
* * *
بقلم: حازم عياد
كشف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن اللقاء بين مدير المخابرات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين ورئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز في 14 نوفمبر الجاري في أنقرة تم بطلب من واشنطن.
في حين قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أن بيرنز حذر نظيره الروسي من عواقب استخدام روسيا للأسلحة النووية في أوكرانيا، وذلك في إطار جهود الإدارة الأمريكية للحد من خطر تصعيد الحرب، مؤكدا ان اللقاء تم بدعوة من المخابرات التركية.
اللقاء الذي عقد بدعوة موجهة من المخابرات التركية للمسؤول الاول في المخابرات الروسية جاء بعد ايام من الانسحاب الروسي من مدينة خيرسون الواقعة غرب نهر دنيبرو، وهي المقاطعة التي باتت بُعَيد الاستفتاء والقرار الرئاسي ومصادقة البرلمان الروسي (الدوما) مقاطعة روسية؛ ما يجعلها خاضعة للمظلة النووية الروسية التي تسمح عقيدتها العسكرية باستخدام السلاح النووي في حال تعرض أراضيها لتهديدات عسكرية مباشرة، وهو ما حدث بُعَيد الانسحاب من خيرسون؛ فخيرسون أرض روسية محتلة بالمنطق الروسي والقانوني للاستفتاء.
جدل السلاح النووي والقنابل القذرة انطلق بقوة بعد تسريبات عن نقاش جدي بين قيادات الجيس الروسي حول إمكانية استخدام السلاح النووي التكتيكي.
وهو ما دفع جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي لإطلاق اتصالات مع مسؤولين روس، كان أبرزهم مستشار السياسة الخارجية للرئيس الروسي يوري أوشاكوف، ونظير سوليفان في الحكومة الروسية نيكولاي باتروشيف، وهي اتصالات قادت للقاء بيرنز-نارشكين.
خفض التصعيد كان محور الاتصالات الروسية الامريكية؛ وهو ما دفع ادارة بايدن إلى تشجيع الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي على إطلاق محادثات مع روسيا، وهو الأمر الذي تجاهله زيلينسكي.
نتائج الاتصالات الامريكية الروسية من حيث الفاعلية برز تأثيرها يوم الأربعاء بعدما نقلت وسائل إعلام بولندية خبر استهداف أراضيها بصاروخين روسيين ألحقا ضررًا بمنشآت زراعية لتجفيف القمح؛ وتسببا بمقتل اثنين من المزارعين البولنديين.
الأمر الذي نفاه الرئيس البولندي أندجي دودا، معلنًا ان الحادثة ترجع لسقوط صاروخين تابعين للدفاعات الأوكرانية التي انشغلت في مواجهة مع أكثر من مائة صاروخ روسي سقطت في العديد من النواحي الأوكرانية التي كان أبرزها مدينة لفيف الاوكرانية القريبة من الحدود البولندية، والتي تعد مركزًا لنشاط الناتو.
ورغم تأكيد وزارة الدفاع الاوكرانية ان الصاروخين روسيان، فإن الإدارة الامريكية تبنت الرواية البولندية التي ما كان لها ان تكون بدون تأكيد اميركي امني مسبق، خاصة أنها عمدت إلى تأكيدها على لسان الرئيس الامريكي جو بايدن، نازعة فتيل ازمة خطيرة.
فالولايات المتحدة تملك معلومات مؤكدة حول النوايا الروسية بتأثير من الاتصالات والتعهدات المتبادلة بين الطرفين بُعَيد الاتصالات الأخيرة في أنقرة.
الاتصالات التي قادها جيك سوليفان، ومن بعده وليام بيرنز رئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية، جاءت لتستبق هذه الحوادث التي بات من المتوقع ان تتكرر نتيجة توسيع روسيا لنطاق عملياتها الجوية والصاروخية كبديل لاستخدام الأسلحة القذرة والنووية التكتيكية.
فالاتفاق بات واضح المعالم، وعلى بولندا ودول الجوار الاوكراني أن تتقبل بالآثار الجانبية للاتفاق، والتي تعد أقل كلفة وخطرًا من استخدام الأسلحة النووية التي لن يقتصر أثرها وخطرها على الاراضي الاوكرانية، إنما سيمتد نطاق الإشعاع نحو الأراضي المجاورة، وهو ثمن بخس مقارنة بالآثار الكارثية للسلاح النووي.
*حازم عياد كاتب وباحث في العلاقات الدولية
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: