أسفرت التحالفات التجارية عن صراعات بينية بين المليشيات التابعة للنظام من أجل تحصيل أكبر قدر من الموارد.
تحول الأعداء في الجانب العسكري إلى حلفاء في الاقتصاد، وتحول رفاق السلاح إلى أعداء متصارعين على مزيد من الموارد.
تحالفات تجارية بين الأعداء ولّدت صراعات بين فصائل “الجيش الوطني” على معابر التهريب وبين “الهيئة” للاستحواذ على معبر تجاري مع “قسد”.
تستفيد فصائل “الجيش الوطني” من السلع الآتية من مناطق “قسد”، وتحديداً مشتقات النفط، عبر توريدها لحليفتها “هيئة تحرير الشام” مقابل رسوم معينة.
* * *
بقلم: عبسي سميسم
يخفي المشهد العام في الساحة السورية وجهاً آخر للصراع يعكس كل المعادلات الموجودة، ويتحول فيه الأعداء إلى حلفاء وشركاء، في حين يتصارع إخوة السلاح فيما بينهم.
المشهد العام للقوى المتصارعة يقسم سورية إلى أربعة مناطق نفوذ، هي: مناطق سيطرة النظام، ومناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد)، ومناطق سيطرة الجيش الوطني المدعوم من تركيا، ومناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقاً).
تتحالف “الهيئة” مع “الجيش الوطني” ضمن جبهات وخطوط تماس وغرف عمليات مشتركة لقتال النظام. كما أن مناطق الجهتين مفتوحتين بعضهما على بعض ضمن ما يسمى مناطق سيطرة المعارضة.
فيما يواجه “الجيش الوطني” منفرداً “قسد”، التي تتصارع معه ولديها خطوط تماس هادئة مع النظام، الذي يعتبرها هو الآخر مليشيا عميلة للغرب. والجميع يدعي محاربة فلول تنظيم داعش في البادية السورية، وخلاياه النائمة في كل المناطق السورية.
إلا أنّ الساحة السورية تشهد صراعاً آخر على الموارد يقلب كل الموازين، يتبادل فيها النظام مع “الهيئة” السلع، ويؤمن كل طرف من خلال هذا التعاون موارد اقتصادية على شكل رسوم تجبى على حساب سكان مناطق الطرفين.
فقبل العملية الأخيرة لقوات النظام في ريف إدلب الجنوبي التي استولى فيها على ريف حماة الشمالي ومعرة النعمان وسراقب، كانت “الهيئة” الوكيل الحصري لعدد كبير من السلع التي تستوردها من تركيا باتجاه مناطق النظام، وكان النظام يزودها بسلع أخرى.
ولكن منذ إغلاق هذا المعبر، والنظام و”الهيئة” يسعيان لفتح معبر تجاري من أجل تأمين موارد إضافية، فقد حاولا فتح معبر تجاري في منطقة الأتارب لم ينجح بسبب احتجاجات سكان المنطقة، لتجدد “الهيئة” مساعيها لفتح هذا المعبر عبر مدينة سراقب، وهو ما تعمل عليه حالياً.
في موازاة ذلك، تجمع “الجيش الوطني” علاقة اقتصادية بعدوه اللدود “قسد” عبر معابر تجارية نظامية وأخرى غير نظامية، تشكل مصدر دخل للطرفين على حساب سكان مناطقهما، الذين تزيد عليهم أسعار السلع بسبب الرسوم التي يستوفيها طرفا الصراع على البضائع.
كما تستفيد فصائل “الجيش الوطني” من السلع الآتية من مناطق “قسد”، وتحديداً مشتقات النفط، عبر توريدها لحليفتها “هيئة تحرير الشام” مقابل رسوم معينة.
وبالمقابل، هناك عمليات تبادل تجاري كبرى بين النظام وممن يسمونهم بالعملاء (إشارة إلى قسد). هذه التحالفات التجارية بين الأعداء ولّدت صراعات بدأت تتسع، في الآونة الأخيرة، بين فصائل “الجيش الوطني” على معابر التهريب وبين “الهيئة” من أجل الاستحواذ على معبر تجاري مع “قسد”.
كما أسفرت عن صراعات بينية بين ميليشيات النظام من أجل تحصيل أكبر قدر من الموارد، ليتحول الأعداء في الجانب العسكري إلى حلفاء في الاقتصاد، وليتحول رفاق السلاح إلى أعداء متصارعين على مزيد من الموارد.
*عبسي سميسم كاتب صحفي سوري
المصدر: العربي الجديد
موضوعات تهمك: