احترار الأرض السبب المباشر لتغير المناخ الذي ينعكس تدهورا بيئيا متعاظما وكوارث طبيعية وتراجع مستويات الماء والغذاء، مما يحتاج تعاونا دوليا.
يدخل العالم دائرة جهنمية تتغذى ظواهرها بشكل يعقد التوجهات العالمية لإيجاد حلول مشتركة للكارثة الطبيعية المحدقة بالأرض والتي تتهدد الجميع.
مزيد من النزاعات الدولية والتطرف القومي والديني والسياسي يعزز قبضة أنظمة الاستبداد بالعالم وارتفاع نفوذ تيارات اليمين المتطرف والفاشي بالغرب،
السنوات المقبلة ستكون أكثر حرارة من أي عام قبل 2015 مما سيرفع مستوى سطح البحار وذوبان أنهار جليدية، وكتل كبرى بالقطب الشمالي، وأمطار غزيرة، وكوارث طبيعية.
* * *
انطلق «كوب 27» المؤتمر الذي تنظمه الأمم المتحدة حول المناخ، أمس الأحد في مدينة شرم الشيخ المصرية، على خلفية مرعبة، لكثير من البلدان القريبة من مصر، تتهددها المجاعة، كما هو حال إثيوبيا والصومال وجنوب السودان، وفي ظل أوضاع شديدة الخطورة في عدد من الدول العربية، وفي نظيراتها، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عموما، التي تعاني شحا في المياه والغذاء، وموجات الحر، وآثارا سلبية أخرى للتغير المناخي.
يمثل احترار الأرض، السبب المباشر لتغير المناخ، والذي ينعكس تدهورا بيئيا متعاظما، وكوارث طبيعية، وتراجعا في مستويات الماء والغذاء، وهو أمر يحتاج لتكاتف دولي لصده.
غير أن ما يحصل فعليا، هو نشوب مزيد من النزاعات الدولية، وتصاعد في أشكال التطرف القومي والديني والسياسي، مما يساهم في تعزيز قبضة أنظمة الاستبداد في العالم، وارتفاع نفوذ تيارات اليمين المتطرف والفاشي في الغرب، وهو ما يدخل العالم في دائرة جهنمية تتغذى ظواهرها من بعضها البعض، بشكل يعقد التوجهات العالمية لإيجاد حلول مشتركة للكارثة الطبيعية المحدقة بكوكب الأرض، والتي تتهدد الجميع.
يجمع المؤتمر الحالي أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة، وإضافة إلى زعماء الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وألمانيا، وفرنسا، سمح انتصار لولا داي سيلفا، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البرازيل، بحضور الزعيم اليساري أيضا، في بارقة أمل للعالم، بعد أن تسبب سلفه، جايير بولسونارو، بسياساته التي تجمع التطرف اليميني والعنصرية، مع المواقف المعادية لنشطاء المناخ، في الاعتداء المجحف على غابات البرازيل وسكانها الأصليين، والتي تعتبر «رئة العالم».
حضر اشتباك السياسة بقضايا المناخ والاقتصاد في افتتاح المؤتمر، مع فتح موضوع «العدالة المناخية» الذي يحمل عشرين دولة يجمع أغلبها، بين تاريخ استعماري، وجبروت اقتصادي، مسؤولية 80% من الانبعاثات العالمية، في الوقت الذي تتحمل فيه أفقر دول العالم تبعات هذا التغير المناخي، ولا تتحمل اقتصاداتها تكاليف محاربته، أو ترف الاستغناء عن استنفاد مواردها الطبيعية، ومصادرها للاستثمار، حتى لو نجمت عن ذلك أضرار مناخية، وسيكون مطلوبا من الدول الغنية الكبرى توفير 100 مليار دولار سنويا لتمويل معالجة كوارث المناخ في الدول الفقيرة.
حسب تقرير للأمم المتحدة، نشر في يوم افتتاح المؤتمر، فإن السنوات المقبلة ستكون أكثر حرارة من أي عام سابق لسنة 2015، وأن ذلك سيرفع مستوى مياه البحار، ويؤدي لذوبان أنهر جليدية، وكتل كبرى في القطب الشمالي، وأمطار غزيرة، ومزيد من الكوارث الطبيعية.
تعتبر «غرينبيس» وهي منظمة عالمية لحماية المناخ، في تقرير نشر الأسبوع الماضي عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويدرس، بالتحديد، أوضاع ست دول عربية، هي مصر، التي يقام فيها المؤتمر، ولبنان والجزائر والإمارات وتونس والمغرب، أن هناك خطرا في تلك البلدان من شح المياه، وأنها تعتمد على الواردات الغذائية، وأن ذلك سيؤثر على الزراعة والصحة.
لكن اللافت للنظر أن المنظمة تعنون تقريرها بجملة: «على شفير الهاوية» وإذا كانت هذه الجملة تنطبق على منطقتنا العربية، فهي تنطبق، بالدرجة نفسها، على مجمل العالم، لأن ما نراه حاليا، هو اجتماع الاحترار المناخي، ونتائجه الكارثية، مع حصول مد عالمي لليمين المتطرف، قد لا توقفه النجاحات المؤقتة التي يمثلها مثال البرازيل، وهو مد يشمل المنظومة الغربية، مع احتمال عودة دونالد ترامب للرئاسة عام 2024، كما يشمل البلدان «النامية» مثل الهند، وبلدان الدكتاتوريات المطلقة، كما هو حال الصين، وكوريا الشمالية.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: