الحالة الجيوسياسية العالمية تتعرض لسيولة عبر القوة العسكرية والقوة الاقتصادية والحراك الدبلوماسي المرافق لذلك.
البنى التقليدية التي تدار من خلالها العلاقات الدولية باتت عاجزة أمام حالة السيولة الشديدة التي طالت الجغرافيا السياسية والكيانات الإقليمية.
معضلة مستجدة لا يمكن لواشنطن معالجتها بعقوبات تتجاوزها الصين، أو حاملات الطائرات التي تشاركها فيها الغواصات الكورية الشمالية!
كوريا الشمالية لا تبالي بالقوة الامريكية، والمناورات البحرية الثلاثية لم تغير شيئا على الأرض، بل ربما زادته سوءًا بحسب مندوب الصين في مجلس الأمن الدولي.
كشف البنك المركزي الصيني ارتفاع حجم تداول العملة الصينية بـ 5.42 تريليونات يوان (763.4 مليار دولار) لدى “دول الحزام والطريق” في 2021،
انعدام اليقين حالة معدية انتقلت من أوكرانيا وبحري الأسود والبلطيق إلى بحر اليابان، واستقرت بشكل أو آخر بالخليج الذي بات ضمن مشروع “الحزام والطريق” الصيني.
* * *
بقلم: حازم عياد
اطلقت كوريا الشمالية صاروخها الباليستي السادس والسابع اليوم ليسقطا في بحر اليابان داخل المنطقة الاقتصادية الخاصة شرق اليابان، وذلك بعد ساعات قليلة من انتهاء المناورات البحرية التي شاركت فيها حاملة الطائرات الامريكية العملاقة “رونالد ريغان”، الى جانب قطع بحرية من اليابان وكوريا الجنوبية.
الصاروخ السابع لم يكن عاديا؛ اذ أُطلق من غواصة كورية شمالية، وبمدى وصل الى اكثر من 350 كم في تحد واضح للقوة الامريكية.
اللافت ان الغواصة الكورية الشمالية كانت حاضرة في المناورات الامريكية وقريبة لحد يمكن القول فيه بأنها كانت جزءا منها، بل مشاركة بفعالية! لتختتم الحدث بإطلاق صاروخ باليستي، مقدمةً بذلك صورة مضحكةً ومليئة بالتحدي في الآن ذاته!
فكوريا الشمالية لا تبالي بالقوة الامريكية، والمناورات البحرية الثلاثية لم تغير شيئا على الأرض، بل ربما زادته سوءًا بحسب مندوب الصين في مجلس الأمن الذي اعترض على مناقشة التجارب الصاروخية الكورية الشمالية في وقت سابق من هذا الشهر داخل مجلس الامن، محملا الإدارة الامريكية المسؤولية عما يحدث من استفزاز لكوريا الشمالية.
الصين لم تكتف بالاعتراض على المناورات الامريكية عبر الأدوات الدبلوماسية الناعمة؛ إذ اقتربت السفن والطائرات الصينية بعد انتهاء المناورات البحرية الثلاثية (الكورية الجنوبية والأمريكية واليابانية) من جزيرة تايوان، حيث المناورات الامريكية لم تردع بكين عن ممارسة نشاط بات شبه يومي وروتيني للجيش الصيني لِمَا تعتبره مياهها الإقليمية وجزيرتها المتمردة “تايوان”.
انعدام اليقين حالة معدية انتقلت من أوكرانيا والبحر الأسود وبحر البلطيق الى بحر اليابان، واستقرت بشكل أو آخر في منطقة الخليج العربي التي باتت ضمن مشروع “الحزام والطريق” الصيني، وضمن مجموعة الدول الأكثر تداولًا لليوان الصيني (الرنبيني) والروبل الروسي، وفاعلًا مهمًا في اتفاق “أوبك +”.
الحراك الجيوسياسي والاقتصادي الصيني لا يقل أهمية أو نشاطًا عن الحراك الروسي الجيوسياسي خلال الأعوام الخمسة السابقة، لكنه اتخذ شكلا مختلفًا كشف عنه البنك المركزي الصيني مؤخرا بارتفاع حجم تداول الـ”الرنبيني- RMB” الصينية بـ 5.42 تريليونات يوان (763.4 مليار دولار) لدى “دول الحزام والطريق” في عام 2021، بزيادة 19.6%، وهي نسبة تشكل 14.8% من إجمالي استخدام الصين عبر الحدود لـ RMB (اليوان) في عام 2021.
ختامًا..
الحالة الجيوسياسية العالمية تتعرض لعملية تسييل عبر القوة العسكرية، وعبر القوة الاقتصادية والحراك الدبلوماسي المرافق لذلك؛ فالبنى التقليدية التي تدار من خلالها العلاقات الدولية باتت عاجزة أمام حالة السيولة الشديدة التي طالت الجغرافي السياسية وكياناتها الإقليمية، وهي معضلة لا يمكن لأمريكا معالجتها عبر العقوبات التي تتجاوزها الصين، أو حاملات الطائرات التي تشاركها فيها الغواصات الكورية الشمالية!
* حازم عياد كاتب وباحث في العلاقات الدولية
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: