الأزمات تتسارع في العالم، وبعضها كان متوقعاً ولكن ليس بالحدة التي نشهدها مثل أزمة الطاقة والغذاء وبعضها لم يكن متوقعاً مثل الحرب في أوكرانيا.
التطور الاقتصادي الأوروبي اعتمد على الطاقة من روسيا والتجارة مع الصين، وكلا الأمرين لم يعد متاحاً الآن كما كان. وأضاف “اعتمد ازدهارنا على الطاقة الرخيصة التي تأتي من روسيا. الغاز الروسي الرخيص. وأثبتت الأوضاع أنه ليس مستداماً. واعتمد أيضاً على وصولنا للسوق الصينية الواسعة، للصادرات والواردات، ولنقل التكنولوجيا وللاستثمار وللحصول على السلع والبضائع الرخيصة”
أكد مفوض السياسة الخارجية الأوروبية أن الوصول إلى السوق الصينية يزداد صعوبة الآن، مشيراً إلى أن تكيف أوروبا مع هذا الوضع سيكون أمراً صعباً وهو ما “سيؤدي إلى مشكلات سياسية”.
طالب جوزيف بوريل البعثات الدبلوماسية الأوروبية بالنظر إلى الأزمات التي تواجه العالم، وعدم التركيز فقط على الحرب في أوكرانيا.
“لتتولى الولايات المتحدة أمننا. ولتوفر الصين وروسيا سبل ازدهارنا. هذا العالم لم يعد موجوداً”
* * * *
حذر مفوض السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل من أن “عدم اليقين” في العالم أصبح القاعدة الأساسية وعلى أوروبا التعامل مع المتغيرات السريعة لمواجهة التحديات وضمان مصالحها. وأشار بوريل في كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر السنوي للبعثات الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي حول العالم إلى التحديات التي تواجه أوروبا على الصعيد الخارجي والداخلي وكيفية التعامل معها.
وشرح للدبلوماسيين الأوروبيين في مناطق العالم المختلفة كيف أن الأزمات تتسارع في العالم، وبعضها كان متوقعاً ولكن ليس بالحدة التي نشهدها مثل أزمة الطاقة والغذاء وبعضها لم يكن متوقعاً مثل الحرب في أوكرانيا.
وطالب الدبلوماسي الأوروبي الأول الوفود في بداية المؤتمر الذي يستمر أسبوعاً بالعمل على ملاحقة التطورات المتسارعة حول العالم وتطوير أدوات التواصل واعتماد توجه المبادرة وليس رد الفعل فقط، حتى لو احتاج الأمر تجاوز التقاليد البيروقراطية الأوروبية. وأكد أن الحرب في أوكرانيا ليست الأزمة الوحيدة، إنما يشهد العالم أزمات متعددة وبعضها قادم ولا يجب أن يفاجئهم.
وكرر بوريل القول، إن مشكلة أوروبا أنها “فصلت ما بين مصدر الرفاهية والرخاء ومصدر الأمن”، وهو ما كان يجب ألا يحدث كي لا تصل إلى الوضع الحالي الذي وصفه بأنه “ليس وقت توزيع الورود أو المجاملة”.
رخاء يعتمد على الغير
وقال بوريل، إن التطور الاقتصادي الأوروبي اعتمد على الطاقة من روسيا والتجارة مع الصين، وكلا الأمرين لم يعد متاحاً الآن كما كان. وأضاف “اعتمد ازدهارنا على الطاقة الرخيصة التي تأتي من روسيا. الغاز الروسي الرخيص. وأثبتت الأوضاع أنه ليس مستداماً. واعتمد أيضاً على وصولنا للسوق الصينية الواسعة، للصادرات والواردات، ولنقل التكنولوجيا وللاستثمار وللحصول على السلع والبضائع الرخيصة”. مشيراً إلى أن الوصول إلى السوق الصينية لم يعد سهلاً مثلما كان من قبل.
وفي تعبير ينم عن تغير هذه الأوضاع، وفي إشارة إلى استفادة الصين أكثر قال مفوض السياسة الخارجية والأمن الأوروبي: “أعتقد أن العمال في الصين بمرتباتهم المنخفضة استفادوا أكثر وعملوا على احتواء التضخم ربما بشكل أفضل من كل البنوك المركزية”.
وأعرب بوريل في كلمته عن أن الأفضل لأوروبا الآن أن تسعى إلى إيجاد مصادر للطاقة من داخل الاتحاد الأوروبي وليس من خارجه إذ لا يمكن لأوروبا أن “تستبدل الاعتماد على طرف بالاعتماد على طرف آخر”. وأضاف “أفضل الطاقة هي ما تنتجه في الداخل. وسيؤدي ذلك لإعادة هيكلة قوية لاقتصادنا… ربما لا يدرك الناس ذلك، لكن حقيقة أن روسيا والصين لم تعودا كما كانتا بالنسبة لازدهارنا الاقتصادي تجعلنا بحاجة إلى إعادة هيكلة قوية لاقتصادنا”.
وأكد مفوض السياسة الخارجية الأوروبية أن الوصول إلى السوق الصينية يزداد صعوبة الآن، مشيراً إلى أن تكيف أوروبا مع هذا الوضع سيكون أمراً صعباً وهو ما “سيؤدي إلى مشكلات سياسية”.
تعدد الأقطاب
وطالب جوزيف بوريل البعثات الدبلوماسية الأوروبية بالنظر إلى الأزمات التي تواجه العالم، وعدم التركيز فقط على الحرب في أوكرانيا. وذكر في هذا السياق المنافسة بين أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين وأنها ليست مفاجأة لكن حدة الصراع بعد زيارة مسؤول أميركي إلى تايوان كانت مفاجأة. وأكد أن هذا الصراع بين واشنطن وبكين، خصوصاً في جانبه الاقتصادي، يؤثر ليس على أوروبا فقط بل على العالم.
وإلى جانب اعتماد أوروبا في تطورها الاقتصادي على الطاقة من روسيا والوصول للسوق مع الصين، قال بوريل إن أوروبا اعتمدت في أمنها على الولايات المتحدة. وعلى رغم إشادته بالعلاقات الأوروبية الأميركية حالياً في ظل إدارة الرئيس جو بايدن، فإنه تساءل: “من يدري ماذا سيحدث بعد عامين (انتخابات الرئاسة الأميركية)، أو حتى ماذا سيحدث الشهر المقبل (انتخابات التجديد النصفي للكونغرس)، ماذ كان سيحدث لو لم يكن بايدن في البيت الأبيض وكان ترمب أو غيره؟”.
وخلص جوزيف بوريل إلى القول، إن العالم أصبح متعدد الأقطاب وليس فقط قطبين اقتصاديين هما أميركا والصين. بل إن دول صاعدة أصبحت تحسم في القضايا الدولية بموقفها الذي “تارة مع هذا الطرف وتارة مع ذاك”.
وفي هذا السياق لم يعد مناسباً أن تظل أوروبا على نهجها القديم، وأضاف “لتتولى الولايات المتحدة أمننا. ولتوفر الصين وروسيا سبل ازدهارنا. هذا العالم لم يعد موجوداً”. واستعرض بوريل الأزمات الأخرى في العالم التي لم تعد تحتل العناوين الرئيسة من أفغانستان إلى ساحل غرب أفريقيا، مطالباً الدبلوماسيين الأوروبيين بالاهتمام بها أيضاً.
المصدر: إندبندنت عربية
موضوعات تهمك: