لم يكن من الممكن تأكيد هوية هذا الشخص، علماً أنّ اسمه تمّ تضمينه ضمن تقارير الاستخبارات الأميركية.
يمثل هذا الانتقاد أوضح مؤشر حتى الآن على الارتباك داخل القيادة الروسية بشأن إدارة الحرب، التي شهدت تحوّلات كارثية بالنسبة لروسيا.
السخط الذي عبّر عنه عضو الدائرة المقرّبة من بوتين يتعلّق بما اعتبره سوء إدارة للجهد الحربي وأخطاء يرتكبها من ينفّذون الحملة العسكرية.
الولاء غير القابل للشك الذي تمتّع به بوتين بدائرته المقرّبة، ربما يتراجع، لكن في الوقت نفسه لا مؤشر إلى أن الرئيس الروسي على وشك أن تتمّ تنحيته.
“منذ بدء الاحتلال الروسي، شهدنا إنذاراً متزايداً من دائرة بوتين المقرّبة يبدو أنه مدفوع بالخسائر الروسية الأخيرة، والتوجيهات المضلّلة، والنقص العسكري الكبير”.
التوترات الداخلية تتماشى مع الطريقة التي سارت بها “الحملة العسكرية” بالنسبة للروس والأجواء السائدة في الكرملين، “هناك كثير من الناس مقتنعون بأن الأمور لا تسير على ما يرام أو ضمن المسار الصحيح للعمل”.
* * *
ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، يوم الجمعة، أنّ أحد أعضاء الدائرة المقرّبة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبّر بشكل مباشر للرئيس الروسي، في الأسابيع الأخيرة، عن اعتراضه على طريقة تعامل بوتين مع الحرب في أوكرانيا، وفق معلومات حصلت عليها الاستخبارات الأميركية.
ويمثل هذا الانتقاد أوضح مؤشر حتى الآن على الارتباك داخل القيادة الروسية بشأن إدارة الحرب، التي شهدت تحوّلات كارثية بالنسبة لموسكو، ما دفع ببوتين الشهر الماضي إلى إصدار أمر بتعبئة مئات الآلاف من قواته، في محاولة يائسة للرّد على الخسائر الأخيرة في ساحة المعركة.
ووفق “واشنطن بوست”، عُدّت هذه المعلومات مهمة بما يكفي لتضمينها ضمن الإحاطة الاستخبارية اليومية للرئيس الأميركي جو بايدن، ومشاركتها مع مسؤولين أميركيين آخرين، وفق أشخاص مطلعين على الأمر، تحدثوا شرط عدم الكشف عن هوياتهم، لمناقشة معلومات استخبارية حساسة.
ولفت أحد المصادر إلى أنّ السخط الذي عبّر عنه عضو الدائرة المقرّبة من بوتين يتعلّق بما اعتبره سوء إدارة للجهد الحربي، والأخطاء التي يرتكبها من ينفّذون الحملة العسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لم يكن من الممكن تأكيد هوية هذا الشخص، علماً أنّ اسمه تمّ تضمينه ضمن تقارير الاستخبارات الأميركية.
وتسلّط المعلومات الاستخبارية الجديدة، إلى جانب تعليقات المسؤولين الروس، الضوء على الانقسامات في قيادة بوتين، حيث كان المسؤولون يتردّدون في نقل أخبار سيئة إلى زعيم روسي استبدادي، يُنظر إليه اليوم أنه أكثر عزلة من أي وقت مضى خلال فترة حكمه الممتدة منذ 22 عاماً، بحسب الصيحفة.
ورفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي التعليق على تقرير الاستخبارات.
ويشير مسؤولو الاستخبارات إلى أنه مع دخول الحرب شهرها الثامن، وفي وقت ما زال النصر الروسي بعيد المنال وغير محدّد المعالم، فإنّ الولاء غير القابل للشك، الذي كان يتمتّع به بوتين من قبل دائرته المقرّبة، ربما يتراجع، مشددين في الوقت نفسه على عدم وجود مؤشر إلى أن الرئيس الروسي على وشك أن تتمّ تنحيته.
ويقول مسؤول استخباراتي غربي، لـ”واشنطن بوست”، إنه “منذ بدء الاحتلال الروسي، شهدنا إنذاراً متزايداً من الدائرة المقرّبة من بوتين، وتشير تقديراتنا إلى أنه مدفوع بالخسائر الروسية الأخيرة، والتوجيهات المضلّلة، والنقص العسكري الكبير”.
بدوره، يلفت مسؤول غربي كبير آخر إلى أن التوترات الداخلية تتماشى مع الطريقة التي سارت بها “الحملة العسكرية” بالنسبة للروس والأجواء السائدة في الكرملين، قائلاً: “هناك الكثير من الناس المقتنعين بأن الأمور لا تسير على ما يرام أو ضمن المسار الصحيح للعمل”.
بيسكوف: لا انقسام
في المقابل، يعترف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بوجود خلافات ونقاشات في صفوف القادة الروس، مع مواجهة بوتين قرارات حاسمة مثل التعبئة، مضيفاً لـ”واشنطن بوست”:
“هناك اختلاف في الرأي في مثل لحظات كهذه. البعض يعتقد أنه يجب أن نتصرّف بطريقة أخرى، لكن هذا كلّه جزء من عملية العمل المعتادة”.
ورداً على سؤال بشأن خلافات الرأي في الدائرة المقرّبة من بوتين، يوضح بيسكوف أن هناك نقاشات عملية حول الاقتصاد والعملية العسكرية، كما أن هناك نقاشات حول النظام التعليمي، مضيفاً: “هذا جزء من عملية العمل المعتادة، وليس مؤشراً على أي انقسام”.
ويعتبر أن تقارير الاستخبارات الأميركية حول قيام شخص من دائرة بوتين المقرّبة بتحدي الرئيس بشكل مباشر “غير صحيحة على الإطلاق”.
من جهته، يقدّم مسؤول أوروبي أمني كبير وصفاً للانتقادات المتزايدة لبوتين من وراء ظهره، بما في ذلك من داخل الكرملين، مشيراً إلى أنهم يعتبرون أنه عنيد، مهووس بأوكرانيا، وهذا هوس لا يشاركونه إياه بالضرورة.
ويقول مسؤول أوروبي أمني ثانٍ إن هناك تقديماً لكبش فداء، وتوجيه أصابع اتهام، “كل هذا يحدث”، وفق قوله.
ويعتقد مديرا أعمال روسيان، على تواصل مع المسؤولين السياسيين، أنّ الأسابيع المقبلة قد تكون حاسمة في تحديد مستقبل بوتين، والقرارت التي يتخذها بشأن الحرب. ويقول أحدهما إنه إذا لم يوقف الجيش الروسي خسائره، فسيندلع اقتتال داخلي، مضيفاً: “هذه نقطة الانهيار”.
وتكبدت روسيا خسائر عسكرية منذ مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، تشكل منعطفاً مهماً في حرب أوكرانيا، مع احتمال تغير مجرى الحرب خلال فترة قصيرة.
المصدر: العربي الجديد
موضوعات تهمك: