السعودية، أكبر المنتجين بمنظمة أوبك، رعت بالتنسيق مع روسيا، اتفاقا لخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا.
بقرار أوبك+ سجلت روسيا تقدما استراتيجيا يخفف عليها وطأة الانسحابات على الأرض الأوكرانية، وأن يحفظ لها مصداقية يتسارع تهافتها لدى مواطنيها.
كشف قرار أوبك+ بخفض إنتاج النفط أن السعودية قادرة على الانحياز لمصالحها بغض النظر عن مصالح أمريكا بل لا تمانع بتحالف موضوعي مع روسيا.
إحساس بايدن بالضرر من قرار أوبك+ جعل «البيت الأبيض» يصف القرار بكونه اصطفافا مع روسيا، وتحديا لقرارات الولايات المتحدة وحلفائها بعزل روسيا.
كان يؤمل من زيارة بايدن زيادة إنتاج السعودية 750 ألف والإمارات 500 ألف يوميا لخفض سريع بأسعار الطاقة وإضعاف قدرات بوتين، على استخدامها ضد الغرب.
أنباء عن أن بايدن يرغب باستصدار تشريع من الكونغرس يستهدف منظمة أوبك وروسيا، أي أن أوبك ستتعرض للعقوبات والتصعيد سيتفاقم في وقت عالمي حرج تزداد فيه المخاطر بكافة الصعد.
* * *
تحمّل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كلفة سياسية وازنة، حين اضطر إلى مسح انتقاداته السابقة للمملكة العربية السعودية، وتعهده السابق بجعلها «دولة منبوذة» على خلفية سجلها الحقوقي، والهجمات التي تعرض لها من وسائل إعلام ومنظمات حقوق ومستشارين، ليلتقي ولي عهدها محمد بن سلمان، على أمل إقناعه بزيادة كميات إنتاج النفط لتخفيف الضغوط الهائلة التي تعرضت لها اقتصادات العالم بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا.
كان المأمول من تلك الزيارة أن تحقق زيادة سعودية في الإنتاج بمعدل 750 ألف برميل يوميا، وأن تقوم الإمارات بزيادة إنتاجها 500 ألف برميل إضافية في اليوم، مما كان سيؤدي لانخفاض سريع في أسعار الغاز والنفط، وإضعاف قدرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي استخدم هذين السلاحين ضد أوروبا والغرب.
أضافت الرياض تلك الزيارة الشديدة الأهمية إلى رصيدها طبعا، لكن ولي العهد اكتفى، حينها، بالتأكيد على عدم قدرة بلاده على زيادة القدرة الإنتاجية، كما أنه واجه طلبات الالتحاق بالإمارات والبحرين والمغرب والسودان، بالتطبيع، الكامل أو الجزئي، مع إسرائيل، بخطوات رمزية، منها فتح المجال الجوي للطائرات الإسرائيلية.
من المثير للملاحظة أن بايدن قال حينها، خلال لقاء قمة مع قادة مجلس التعاون الخليجي والعراق والأردن ومصر، قبيل اختتام جولته في الشرق الأوسط: «لن نتخلى (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران».
الذي حصل عمليا هو أن السعودية، أكبر المنتجين في منظمة الدول المنتجة للنفط «أوبك»، رعت، بالتنسيق مع روسيا، اتفاقا لخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا.
كشف القرار تداعيات سياسية كبيرة، وأهمها أن القيادة السعودية قادرة، ليس فقط على الانحياز إلى مصالحها، بغض النظر عن مصالح الحليف التاريخي الأمريكي، بل إنها لا تمانع في الظهور فيما يشبه تحالفا موضوعيا مع روسيا، التي ستعتبر أنها سجلت، بهذا القرار الأخير، تقدما استراتيجيا، يمكن أن يخفف عليها وطأة الانسحابات على الأرض الأوكرانية، وأن يحفظ لها مصداقية يتسارع تهافتها لدى مواطنيها.
يمكن لما جرى أن تكون له تأثيرات داخلية أمريكية، وهو ما يجعل من قرار أوبك+، إذا ارتفعت أسعار النفط كثيرا في السوق الأمريكية، عاملا في التصويت ضد الحزب الديمقراطي الحاكم خلال الانتخابات النصفية المقبلة للكونغرس، وهو ما يشبه تصويتا مناهضا للديمقراطيين من قبل الرياض، وضد بايدن شخصيا، بما يجعلها أحد «المؤثرين» في السوق الانتخابية الأمريكية!
واضح أن الرئيس الأمريكي قد أحس بالضرر الذي سيتعرض له، وهو ما جعل «البيت الأبيض» يصف القرار بكونه اصطفافا مع روسيا، وتحديا لقرارات الولايات المتحدة وحلفائها بعزل روسيا.
فصول القصة لن تنتهي هنا طبعا، فهناك أنباء أن بايدن يرغب في اللجوء للكونغرس لإصدار تشريع يستهدف منظمة أوبك وروسيا، وإذا نجحت دعوات بعض أعضاء الحزب في الرد على الرياض، فإن أوبك ستكون عرضة للعقوبات، كما أن مستوى التصعيد بين البلدين سيتصاعد في وقت عالمي حرج تزداد فيه المخاطر على كافة الصعد.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: