كل ما يجري يؤكد على صيرورة المقاومة والمواجهة في الضفة الغربية التي باتت تتطلب وحدة فلسطينية ميدانية وسياسية.
التدخل الامريكي الذي طالب به قادة الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية ذهب ادراج الرياح والحسابات السياسية الضيقة للادارة الامريكية ايضا.
لم تختلف حسابات المسؤولة الأمريكية السياسية عن لبيد وغانتس ونتيناهو فإدارة بايدن عينها على انتخابات الكونغرس في نوفمبر المقبل.
جل ما تستطيع إدارة بايدن فعله هو الضغط على الطرف الاكثر عرضة للابتزاز وهو السلطة الفلسطينية مستعينة بالدول العربية للحصل على التهدئة المستحيلة.
طريق فلسطين نحو تصعيد المقاومة بالضفة الغربية ممهدة أكثر من اي وقت فالواقع على الارض الفلسطينية لا يسير وفق حسابات المنطق الامريكي والاسرائيلي.
* * *
بقلم: حازم عياد
حذر رئيس شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال الإسرائيلي (أمان)، أهارون حاليفا، اليوم الثلاثاء، من مغبة ارتفاع وتيرة العمليات المسلحة في الضفة الغربية وفي “إسرائيل” خلال فترة الأعياد اليهودية وعيد “رأس السنة العبرية”.
وفي تعليقه على تحذير مصر من أن عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية ستؤدي إلى الفوضى، قال حاليفا إن “قيادة السلطة الفلسطينية بحاجة إلى الاستقرار والتدعيم، كان سيسعدني عدم اعتقال عشرات المطلوبين كل ليلة، على أن تقوم الأجهزة الأمنية الفلسطينية بذلك”. وقال إن دعم السلطة الفلسطينية “مصلحة أمنية إسرائيلية”.
ووردت تصريحات رئيس “أمان” خلال مشاركته في المؤتمر السنوي لـ”معهد سياسة مكافحة الإرهاب” في جامعة رايخمان في هرتسليا، وسبقه الى ذلك رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي ( الشاباك) ، رونين بار، في المؤتمر نفسه، أمس الاثنين، بالتحذير من أن انعدام الاستقرار السياسي في إسرائيل يؤثر ويشجع على تكثيف عمليات ضد “إسرائيل”.
وتطرق بار إلى تزايد عمليات إطلاق النار في الضفة الغربية وإلى أداء أجهزة الأمن الفلسطينية، التي “فقدت سيطرتها الميدانية”؛ وقال إنه “دخلنا إلى ما يشبه حلقة مغلقة. وأفرادنا يسعون لتنفيذ اعتقالات كل ليلة، ويتعرضون لإطلاق نار. والثمن يتمثل أيضا بفلسطينيين مستهدفين وبتراجع آخر في مكانة الأجهزة الفلسطينية. ووقع هذا العام أكثر من 130 عملية إطلاق نار مقابل 98 في العام 2021”.
النقاش حول صعود المقاومة في الضفة الغربية وفقدان الاحتلال السيطرة وتراجع نفوذ السلطة لم يقتصر نقاشه على مؤتمر جامعة رايخمان؛ فمن جهة اخرى فان الجيش الإسرائيلي درس الحد من أنشطته العسكرية في الضفة الغربية خشية انهيار السلطة الفلسطينية، وتقييد دخول قواته إلى المناطق المكتظة بالسكان في المستقبل القريب، وتجنب الاحتكاكات العنيفة غير الضرورية؛ وراى مسؤولون في الجهاز الأمني الإسرائيلي، وفق صحيفة “هآرتس” العبرية، يوم الثلاثاء، أن أمامهم خيارين رئيسيين:
– إما مساعدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على استعادة المسؤولية الأمنية في مدن شمال الضفة الغربية،
– أو الوقوف على الحياد ومشاهدة انهيار السلطة.
وانتهت المداولات بتقديم قيادات القوى الأمنية؛ توصيات بتفضيل تقييد دخول القوات الإسرائيلية إلى المناطق المكتظة بالسكان في المستقبل القريب، وتجنب الاحتكاكات العنيفة غير الضرورية.
الرؤية التي أكد عليها حاليفا رئيس “أمان” وبار رئيس الشاباك حول ضرورة دعم السلطة تقف انتخابات الكنيست وصعود اليمين والانقسام في الساحة الاسرائيلية عائقا امام تحقيقه.
الامر الذي اكده بوضوح كل من المنسق العام للاحتلال مع السلطة في جيش الاحتلال غسان عليان ورئيس الشاباك بار خلال لقائهما مساعدة وزير الخارجية الامريكية باربرا ليف اذ حملا الطبقة السياسية مسؤولية الفشل وانعدام الفاعلية في تنفيذ السياسات الاقتصادية والامنية لتدعيم السلطة.
شكوى المسؤولان الامنيان لمساعدة زير الخارجية الامريكي للشؤون الشرق الادني باربرا ليف حول انشغال الطبقة السياسية بالانتخابات وتحقيق مكاسب حزبية ضيقة؛ قابلتها باربرا ليف بردود فعل متناقضة.
فالمسؤولة الامريكية التي زارت الاراضي المحتلة بحثا عن الهدئة وخفض التصعيد في الاراضي المحتلة وجهت سهام نقدها وصبت جام غضبها على السلطة الفلسطنية ومسؤوليها.
فبعد ان التقت ماجد فرج مدير جهاز المخابرات في السلطة وحسين الشيخ امين سر منظمة التحرير؛ حملة مسؤولية تدهور الاوضاع الامنية للسلطة؛ والأهم انها طالبتهم بضرورة تخلي السلطة عن طلب العضوية الكاملة كدولة في الامم المتحدة خلال دورتها المقبلة في نيويورك؛ وسعت لدفع قطر والامارات ومصر والاردن للتدخل لذات الهدف والغاية.
باربرا ليف لم تختلف في حساباتها السياسية عن لبيد وغانتس ونتيناهو؛ فادارة بايدن عيونها على انتخابات الكونغرس في نوفمبر تشرين الثاني المقبل؛ وجل ما تستطيع فعله هو الضغط على الطرف الاكثر عرضة للابتزاز وهو السلطة الفلسطينية مستعينة بالدول العربية؛ للحصل على التهدئة المستحيلة.
أي أن طريق فلسطين نحو المقاومة وتصعيدها في الضفة الغربية باتت ممهدة اكثر من اي وقت مضى؛ فالواقع على الارض الفلسطينية لا يسير وفق حسابات المنطق الامريكي والاسرائيلي.
ختاما .. التدخل الامريكي الذي طالب به قادة الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية ذهب ادراج الرياح والحسابات السياسية الضيقة للادارة الامريكية ايضا؛ وهي حقيقة تؤكد على صيرورة المقاومة والمواجهة في الضفة الغربية التي باتت تتطلب وحدة فلسطينية ميدانية وسياسية.
* حازم عياد كاتب وباحث في العلاقات الدولية
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: