السلطة التي يصف رئيسها منذ سنين التنسيق الأمني مع الاحتلال بـ”المقدس” باتت مطالبة إسرائيلياً بتجاوز “التنسيق الأمني” إلى ضرب المقاومة الفلسطينية.
التنسيق الأمني مصيدة للسلطة الفلسطينية التي باتت مطالبة بشن حرب فعلية تتجاوز اعتقال المطاردين والمسلحين، إلى خوض معارك فعلية ضد أبناء شعبها.
سعت إسرائيل لإضعاف السلطة الفلسطينية بسلسلة خطوات وإجراءات، وتمتنع عن ترجمة أحاديث أقطابها عن تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية على أرض الواقع.
ترمي إسرائيل لتكريس جزر فلسطينية بلا تواصل جغرافي سيادي وبحكم ذاتي منقوص لتثبيت ادعائها غياب شريك يمثل كل فلسطين للتفاوض معه حول تسوية سلمية.
المسؤولة الأميركية “نصحت السلطة” بعدم الانشغال باستصدار قرارات اعتراف أممية لن تفيدهم، والاهتمام باستعادة سيطرتها على جنين ونابلس وضغوط إسرائيلية بنفس الاتجاه.
* * *
توضح الشكوى التي بثها وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية في رام الله حسين الشيخ، يوم الثلاثاء الماضي، لموقع “والاه” الإسرائيلي، مؤكداً فيها دور حكومة الاحتلال في إضعاف السلطة، ثم الانقلاب الإسرائيلي على السلطة ورميها بالضعف وفقدان السيطرة، حجم المأزق الذي تعيشه السلطة في الضفة الغربية المحتلة.
فهي، أي السلطة، التي يرفع رئيسها، منذ أكثر من 6 سنوات، وصف “مقدس” عند حديثه عن التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، باتت اليوم مطالبة إسرائيلياً بتجاوز “التنسيق” إلى الفعل المبادر لضرب المقاومة الفلسطينية، ووقف مظاهر وأشكال مواجهة سياسات الاحتلال الاستيطانية، سواء تلك الفعاليات الشعبية العفوية والتلقائية، أم عمليات التصدي والمواجهة الميدانية لاقتحامات الاحتلال، بعد أن تزايدت هذه العمليات في الأشهر الأخيرة على نحو لافت، خاصة في الضفة الغربية من جنين شمالاً وحتى الخليل جنوباً.
والواقع أن التنسيق الأمني بات مصيدة للسلطة الفلسطينية، التي باتت مطالبة، بحسب التصعيد الإسرائيلي الأخير، ليس فقط بتبادل المعلومات، أو إخلاء محاور الطرق والشوارع الرئيسية في المدن الخاضعة للسلطة الفلسطينية كي يتسنى لقوات الاحتلال تنفيذ اعتقالاتها بحرية مطلقة، وإنما أيضاً بشن حرب فعلية تتجاوز اعتقال المطاردين والمسلحين، إلى خوض معارك فعلية ضد أبناء شعبها، وكل ذلك تحت مسمى استعادة السلطة الفلسطينية نفوذها وهيمنتها وحكمها في الضفة الغربية.
ولم يكن مفاجئاً، في هذا السياق، وقوع السلطة، التي رفعت من شأن التنسيق الأمني، بين فكي الضغوط الأميركية الأخيرة التي حملتها مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف إلى رام الله، “ناصحة السلطة” بعدم الانشغال باستصدار قرارات اعتراف أممية لن تفيدهم، والاهتمام بدلاً من ذلك باستعادة سيطرتها على جنين ونابلس، والضغوط الإسرائيلية بنفس الاتجاه.
فمن الواضح أن إسرائيل، التي سعت لإضعاف السلطة الفلسطينية بسلسلة من الخطوات والإجراءات، وتمتنع عن ترجمة أحاديث أقطابها عن تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية على أرض الواقع، تتحرك وفق سياسة واضحة، هدفها زيادة تعلق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بها على كل المستويات، مع شكل من أشكال الضبط لحماس في القطاع، خدمة لاستراتيجية الإبقاء على الانقسام الفلسطيني، سياسياً وجغرافياً.
وترمي إسرائيل من وراء ذلك كله إلى تكريس جزر فلسطينية من دون تواصل جغرافي سيادي وبحكم ذاتي منقوص، وبالتالي تثبيت ادعائها بغياب شريك فلسطيني، يمثل الكل الفلسطيني، للتفاوض معه بشأن تسوية سلمية أياً كانت.
* نضال محمد وتد كاتب صحفي فلسطيني
المصدر: العربي الجديد
موضوعات تهمك:
اللقاء “العلني” الأخير بين رئيس سلطة التنسيق الامني ووزير الدفاع الاسرائيلي