يمارس رئيس أوكرانيا «استجداء» الغرب لئلا يخضع لما يصفه ابتزازات روسيا وأنها تستعد «لهجوم حاسم مرتبط بالطاقة على جميع الأوروبيين».
رغم مكابرة غلاة قادة أوروبا حول قدرة بلدانهم على مواجهة صقيع الشتاء القادم تحت أزمة الطاقة الناجمة عن العقوبات على روسيا، فالحقيقة ليست كذلك!
لسان حال القطاعات الأوسع من الناس بأوروبا يقول: ما شأننا نحن والنزاع بين روسيا وأوكرانيا لندفع ضريبة ذلك على حساب معيشتنا وظروف حياتنا؟
إيقاف روسيا إمدادات الغاز بروفة تحذير للغرب من وضع صعب ينتظره في حال تمادى في عقوباته وربما للحيلولة دون تكوّن مخزون أوروبي من الغاز لأوقات الشدة.
لم يبدأ شتاء أوروبا لكن نُذُر الاحتجاجات الشعبية بدأت تظهر قوة في بريطانيا التي اتخذ رئيس حكومتها المغادر أقصى المواقف تطرفاً وجمهورية التشيك التي لا يقل قادتها غلوّاً.
* * *
بقلم: د. حسن مدن
رغم مكابرة غلاة القادة الأوروبيين حول قدرة بلدانهم على مواجهة صقيع الشتاء القادم بكل تحديّاته، بسبب أزمة الطاقة الناجمة عن العقوبات المفروضة على روسيا، فإن الحقيقة ليست كذلك!
وخاصة أن روسيا ابتدأت منذ الآن، في ممارسة ضغوط مضادة على إمدادات الغاز إلى أوروبا، تحت حجج مختلفة، بينها إجراءات الصيانة على خطوط الإمداد، في ما يمكن اعتباره بروفة تحذيرية للغرب من الوضع الصعب الذي ينتظره في حال تمادى في عقوباته، وربما للحيلولة دون تكوّن مخزون أوروبي من الغاز لأوقات الشدة.
ما انفكّ الرئيس الأوكراني زيلينسكي يمارس ما يمكن وصفه بـ«استجداء» الغرب ألاّ يخضع لما يصفه بابتزازات روسيا، وفي آخر كلمة له، قال، إن روسيا تستعد «لهجوم حاسم مرتبط بالطاقة على جميع الأوروبيين»، وإن الوحدة بين الدول الأوروبية فقط هي التي ستوفر الحماية.
واستجداء مماثل جاء على لسان زوجته التي قالت إن ارتفاع تكاليف المعيشة أمر صعب، ولكن الأوكرانيين يدفعون حياتهم ثمناً لمواجهة روسيا، كأن لسان حالها يقول للأوروبيين: إذا كنتم ستبردون فنحن نموت.
إذا كان لأقوال، مثل هذه، أن تجد لها صدى لدى بعض قادة أوروبا، فإنها لن تكون كافية للتأثير في القطاعات الأوسع من الناس التي بدأت تدفع الكلفة الباهظة لما فرضته بلدانهم من عقوبات على روسيا.
وهنا أيضاً، فإن لسان حال هذه القطاعات الواسعة يقول: ما شأننا نحن والنزاع بين موسكو وكييف لندفع ضريبة ذلك على حساب معيشتنا وظروف حياتنا؟
لم يبدأ شتاء أوروبا بعد، ولكن نُذُر الاحتجاجات الشعبية بدأت في الظهور وبكل قوة. حدث هذا في بريطانيا التي يقف رئيس حكومتها وشيك المغادرة، إلى أقصى المواقف تطرفاً، ويحدث هذا في جمهورية التشيك التي لا يقل قادتها غلوّاً عن جونسون، حيث خرج متظاهرون إلى شوارع العاصمة براغ، قدّرتهم الشرطة بنحو 70 ألفاً، محجتين على ارتفاع أسعار الطاقة، وداعين إلى إنهاء العقوبات المفروضة على روسيا.
شيء مشابه حدث في لوبمين شمال شرقي ألمانيا، التي يصلها خط أنابيب الغاز «نورد ستريم» القادم من روسيا، حيث خرج محتجون يطالبون بتشغيل «نوردستريم2»، الذي أوقفت الحكومة الألمانية بدء تشغيله بعد بدء الحرب.
* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين
المصدر: الخليج – الدوحة
موضوعات تهمك: