“اتخذت روسيا خطوات لكي تظهر أن الحرب في أوكرانيا لم تؤثر بأي طريقة على وضعها في المنطقة أو صادرات الأسلحة”.
قد تبحث الجزائر عن أسلحة من مورّدين آخرين بدلا من الروس، ولا يربطون مبيعات السلاح بحقوق الإنسان من الصين أو تركيا أو قوى أوروبية.
تشير تقديرات لانخفاض المبيعات العسكرية الروسية للجزائر بسبب الحرب في أوكرانيا، وقد تجد الجزائر صعوبات في البحث عن بديل للسلاح الروسي
الجزائر اشترت كمّاً واسعاً من أسلحة تحتاجها من روسيا، مما يظهر التعاون القريب بمجال الصيانة وتوريد الذخائر، إلا أن أهم قضية تشغل المسؤولين بالجزائر هي الأمن الغذائي.
“سيتم تكثيف المفاوضات مع الجزائر. كما بدا واضحا في تموز/ يوليو، يحضّر الجزائريون والروس لتوقيع وثيقة شراكة إستراتيجية والتي تشمل بالتأكيد موضوعات التعاون العسكري والتقني”.
* * *
نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، تقريرا أعده بول إيدون، قال فيه إن الحرب الروسية- الأوكرانية قد تؤثر على استيراد الجزائر للسلاح من روسيا.
وأشار إلى أن المستوردين للسلاح الروسي قد يواجهون مخاطر متزايدة، ونقصا في الإمدادات، حيث تحاول الصناعات العسكرية الروسية توفير الأسلحة للحرب التي تخوضها الآن في أوكرانيا.
ولفت الموقع إلى تقديرات محللين حول انخفاض المبيعات العسكرية الروسية للجزائر بسبب الحرب، لكن البلد العربي يعتمد وبشكل كبير على صادرات السلاح الروسي إليه، وسيجد صعوبات في البحث عن بديل.
وأجبرت الحرب الدموية التي تقول الولايات المتحدة إن موسكو خسرت فيها ما بين 70.000 – 80.000 جنديا، أجبرت الجيش الروسي على استخدام الدبابات القديمة.
ولو كانت التقارير صحيحة، فإن موسكو بدأت بمنح الأولوية لجبهات القتال بدلا من توريد الأسلحة، وهو قرار سيترك آثارا كارثية على الجزائر التي تشتري نسبة 15% من صادرات السلاح الروسية، بحسب خدمة الأبحاث في الكونغرس الأمريكي.
وتشمل أسلحة القوات الجزائرية طائرات ميغ 29 ومقاتلات سوخوي 30، كما يستخدم الجيش الجزائري مئات من دبابات تي 90 وتي 72 الروسية، وطالما اعتمدت الدفاعات الجوية الجزائرية على نظاميْ أس 300 وأس 400 الروسيين.
وقال صامويل بينديت، الباحث المحلل في مركز التحليل البحري، إنه لا توجد في الوقت الحالي أية إشارات عن إعادة الجزائر النظر في علاقاتها العسكرية مع روسيا، مضيفا: “هناك إمكانية في ضوء ما لدى الجزائر من معدات عسكرية روسية متقدمة والتجربة المحلية في استخدامها على مدى عقود، أن تلجأ روسيا لنوع من الإنتاج المحلي في هذا البلد بشمال إفريقيا”.
وقال مارك كاتز، الباحث غير المقيم بالمجلس الأطلسي، والبروفيسور في مركز شار لسياسات الحكومة بجامعة جورج ميسون، إن الجزائر ستحاول الاستمرار في شراء السلاح الروسي في المستقبل القريب. وقال: “الأنواع والكميات التي تريدها الجزائر قد لا تكون متوفرة نظرا لمصاعب الإنتاج الروسي وحاجة موسكو للأسلحة في حربها بأوكرانيا”، و”لو كان هذا هو الحال، فقد تبحث الجزائر عن أسلحة من مورّدين آخرين لا يربطون مبيعات السلاح بحقوق الإنسان”.
وفي هذا السيناريو، قد تلجأ الجزائر للصين أو تركيا أو قوى أوروبية. وأضاف: “لن أفاجأ لو حاولت إيطاليا أو دولة أوروبية أخرى، تريد تعويض النقص في الغاز من روسيا، ترضية الجزائر بعروض صفقات أسلحة”. مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لن تعارض ذلك في ظل الظروف الحالية.
وناشد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بإعادة النظر في العلاقات مع روسيا، بعد غزو أوكرانيا. وقال: “عانت دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط بنفسها من آثار الحملات العسكرية الروسية من قبل”، في إشارة إلى سوريا وليبيا.
وقال: “هناك أوقات يظهر فيها موضوع واضح أسود وأبيض، ومن المهم الوقوف مع الضحية ومع المبادئ التي تم خرقها”. وفي الوقت الذي واصلت فيه الولايات المتحدة الضغط على الدول العربية للنظر في علاقاتها مع روسيا، واصل تبون استقبال المسؤولين الروس، وأشار إلى روسيا بالدولة الشقيقة.
ويتوقغ كاتز استخدام روسيا المناورة العسكرية المقبلة “درع الصحراء” بين القوات الروسية والجزائرية المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر، قرب الحدود مع المغرب، من أجل “الحفاظ على الجزائر بجانبها”. وقال: “لو أرادت موسكو الحفاظ على ولاء الجزائر، فيجب أن تمد وكيلها بما يريد. وربما لن تكون روسيا قادرة في الوقت الحالي”.
وقررت إدارة بايدن فرض عقوبات على الصناعة الدفاعية الروسية. وأثّرت هذه العقوبات على موسكو وكذا الدول التي تستورد المعدات العسكرية الروسية. وأخبر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية المشرّعين في بداية آذار/مارس، أنه من غير المرجح أن يكون الكرملين قادرا على توقيع اتفاقيات لصفقات جديدة أو توفير الصيانة للأنظمة القائمة لدى الزبائن.
وقال دونالد لو، المساعد لوزير الخارجية الأمريكي لشؤون جنوب ووسط آسيا، أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ: “حسب وجهة نظري، سيكون من الصعب على الجميع شراء أنظمة عسكرية من موسكو في الأشهر أو السنوات المقبلة، في ضوء العقوبات القاسية التي فرضتها الإدارة وبدعم من الكونغرس”.
ويرى أنطون ماردسوف، المحلل الروسي المستقل والزميل غير المقيم في برنامج سوريا بمعهد الشرق الأوسط، إن روسيا قد “اتخذت خطوات لكي تظهر أن الحرب في أوكرانيا لم تؤثر بأي طريقة على وضعها في المنطقة أو صادرات الأسلحة”.
وقال: “عليه، فسيتم تكثيف المفاوضات مع الجزائر. كما بدا واضحا في تموز/ يوليو، يحضّر الجزائريون والروس لتوقيع وثيقة شراكة إستراتيجية والتي تشمل بالتأكيد موضوعات التعاون العسكري والتقني”.
مضيفا أن الجزائر تبنت بالإضافة إلى هذا، موقفا مؤيدا نوعا ما لروسيا في أوكرانيا، وهو ما ظهر في موسكو التي تحضّر لأن تزيد من دورها في منطقة الساحل الإفريقي.
إلا أن ماردسوف يعتقد أن “الشيطان يكمن في التفاصيل”، فـ”التجارة الجزائرية- الروسية لم ترتفع، بل على العكس في تناقص. والشركاء الصينيون والأوروبيون يملأون الفراغ الروسي في إمداد البضائع الصناعية للجزائر”.
ويقول ماردسوف إن الجزائر اشترت كمّاً واسعاً من الأسلحة التي تحتاجها من روسيا، وهو ما يظهر التعاون القريب في مجال الصيانة وتوريد الذخائر، إلا أن أهم قضية تقلق بال المسؤولين في الجزائر هي الأمن الغذائي. فالجزائر تدعم وبشكل كبير البضائع الأساسية مثل زيت الطعام والحليب والخبز، ومنعت تصدير البضائع الأساسية خشية حصول النقص.
وعانت الجزائر من نقص في مواد غذائية قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، ويواجه البلد عجزا في الميزانية قد يؤثر على دعم المواد الغذائية، كل هذا رغم ارتفاع موارد النفط والغاز بنسبة 70% خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.
وقال ماردسوف: “في مجال التنافس، أعتقد أنه سيكون هناك تنسيق أقرب في المجالات غير العسكرية. مثلا، قد تعرض موسكو بناء مفاعل نووي” في الجزائر.
المصدر: ميدل إيست آي
موضوعات تهمك: