تباطؤ النمو خلال الربعين الأولين من 2022 مؤشر قوي على دخول الاقتصاد الأردني حالة جمود تدعمها أرقام البطالة الثابتة والمرتفعة عند 23 بالمئة.
الإشكال الأساسي في القدرة التشغيلية الضعيفة للاقتصاد الأردني وتكشفه أرقام البطالة المرتفعة، ويفاقمه ارتفاع التضخم المتوقع أن يبلغ 3.8 بالمئة بداية 2023.
الاقتصاد الأردني في غرفة الإنعاش أكثر من 15 عاماً لكن البطالة كظاهرة اجتماعية قفزت من 13 إلى 15 ثم 19 بالمئة في 2019 لتستقر عند حد مقلق.
رفع القدرة التشغيلية خيار آمن وقادر على وقف جمود الاقتصاد ومنع تدهوره نحو ركود وانكماش وأزمة اجتماعية وارتهان للمانحين وقيود مديونية أو أي أجندة سياسية تهدد مكانته واستقراره إقليميًا.
* * *
بقلم: حازم عياد
جمود اقتصادي ناجم عن تباطؤ مستمر في معدلات النمو في الأردن التي بلغت 2.1 بالمئة وفقا لتوقعات البنك الدولي، متراجعة عن توقعات سابقة قدرت النمو بين 2.5 و2.8 بالمئة لهذا العام.
تباطؤ النمو المتكرر خلال الربعين الأول والثاني من العام الحالي مؤشر قوي على دخول الاقتصاد الأردني حالة من الجمود، تدعمها أرقام البطالة الثابتة والمرتفعة عند 23 بالمئة.
التراجع عن إجراءات الإغلاق والكلي والجزئي لما بعد كورونا؛ لم ترفع القدرة التشغيلية للاقتصاد، ولم تسهم في تحسين مؤشر البطالة أو النمو بشكل جوهري، ما يفتح الباب لاحتمالات الركود بل والانكماش الاقتصادي خلال الربعين الثالث والرابع من العام الحالي.
مؤشرات الاقتصاد الكلي تبدو خادعة؛ فالأردن رغم مديونيته المرتفعة بالنسبة للناتج القومي لم ينضم إلى قائمة الدول المهددة بالعجز عن السداد العام الحالي والقادم على أقل تقدير؛ كحال مصر وتونس!
فالحكومة تتحدث عن توافر احتياطات نقدية كبيرة تكفي البلاد 7 إلى 8 أشهر، وعن ثبات سعر صرف النقد، وانخفاض سعر صرف اليورو أمام الدينار الأردني، ما يفتح أبواباً واسعة لتحقيق مكاسب ظاهرية في المديونية المقومة باليورو.
لكنها في الآن ذاته تفتح الباب لشهية كبيرة أمام الواردات من أوروبا، ما يفاقم عجز الميزان التجاري وتفاقم المديونية المقومة بالدولار، والذي سيشهد رفعا للفائدة بمقدار 100 نقطة خلال الأيام المقبلة.
قبل الغرق بالتفاصيل؛ لا بد من العودة إلى الإشكال الأساسي الممثل بالقدرة التشغيلية الضعيفة للاقتصاد الأردني، والذي تكشفه أرقام البطالة المرتفعة، وتفاقمه معدلات التضخم العالية التي يتوقع أن تبلغ 3.8 بالمئة بداية العام المقبل.
إشكالات لن يتم التغلب عليها من خلال المساعدات والمنح والقروض، أو بالاعتماد على تحويلات المغتربين، أو المعونة الوطنية التي لا تغطي أكثر من 6900 أسرة، فالحاجة لرفع القدرة التشغيلية للاقتصاد الأردني هي الخيار الآمن والقادر على وقف جمود الاقتصاد، ومنع تدهوره من الانزلاق نحو ركود وانكماش وأزمة اجتماعية وارتهان للمانحين وقيود مديونية؛ أو أي أجندة سياسية تهدد مكانته الاقليمية واستقراره.
يمكن القول بأن الاقتصاد الأردني في غرفة الإنعاش منذ أكثر من 15 عاماً، ولم يغادرها، وأنه لا جديد على الحالة يتطلب القلق أو قرع الأواني الفارغة.
ويمكن القول بأن ذلك صحيح، ولكن البطالة كظاهرة اجتماعية قفزت من 13 بالمئة إلى 15 إلى 19 بالمئة في العام 2019؛ لتستقر عند حد مقلق لم تبلغة اليونان في ذروة أزمتها الاقتصادية.
يستدعي ذلك مناقشة الحلول بصوت مرتفع، بعيدا عن صوت الأواني الفارغة، وإلا فإن العمالة الأردنية والاقتصاد الأردني برمته سيتحول بمرور الوقت إلى رهينة للتضخم وللأسواق الإقليمية واشتراطاتها وقيودها السياسية، وللمؤسسات المالية الدولية والمقرضة. وبصورة بشعة؛ قد تخلق حفرة كبيرة في الاقتصاد الأردني تعادل نصف لبنان أو ربعه.
* حازم عياد كاتب وباحث سياسي
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: