رسخت زيارة بايدن للمنطقة وجدول أعمالها نظرية نتنياهو حول قضية فلسطين، وأن السلام مع العرب ليس شرطا أن يمر عبرها أو بتقديم تنازلات بشأنها.
تمكين الكيان الصهيوني من التمدد والاندماج في المنطقة دون تقديم أي تنازلات، يعني أن مخططات تصفية قضية فلسطين على حساب الأردن باتت أقرب.
كرست الزيارة الكيان الصهيوني لاعبا وحيدا في قضية فلسطين؛ فإن شاء قدم مبادرات لحلها وفق ما يراه مناسبا له، وإن شاء امتنع عن ذلك كما هو حاصل الآن.
وصول بايدن في أول رحلة مباشرة من الكيان الصهيوني إلى السعودية الإنجاز الأكبر لزيارته للمنطقة لكنه يعني تهميش قضية العرب الأولى أو القضية المركزية.
صارت وظيفة إدارة بايدن إدماج الكيان الصهيوني بالمنطقة وتعزيز ودعم وتفعيل وتوسيع اتفاقات “أبراهام” دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين ولو وفق مقاييس “المبادرة العربية” البائسة.
* * *
وصول الرئيس الأمريكي في أول رحلة مباشرة من الكيان الصهيوني إلى السعودية ربما يكون الإنجاز العلني الأكبر لزيارة جو بايدن للمنطقة، لكنه تطور يحمل في طياته تهميشا لما كان يعرف بقضية العرب الأولى أو القضية المركزية.
وعلى رأي المفكر الفلسطيني الأستاذ منير شفيق تعليقا على الزيارة “أما على المستوى الفلسطيني فلا تساؤل ولا تكهن؛ لأنها حالة مرور ورفع عتب، أو ذرُّ الرماد في العيون. وهذا يرجع إلى مستوى الإهانة والمهانة، ما دامت سلطة رام الله ترضى بحفنة من الدولارات، وبابتسامة ووعود مغلفة بطبقة رقيقة من السكر”.
للأسف فقد رسخت زيارة بايدن للمنطقة وجدول أعمالها نظرية نتنياهو حول القضية الفلسطينية، وأن السلام مع العرب ليس شرطا أن يمر عبرها أو بتقديم تنازلات بشأنها.
الديمقراطيون انضموا لخطة كوشنر صهر ترامب، وصارت وظيفة إدارة بايدن هي إدماج الكيان الصهيوني في المنطقة وتعزيز ودعم وتفعيل وتوسيع ما يعرف بـ”اتفاقات أبراهام”، دون أن يشترطوا ربط ذلك بالتقدم في حل قضية فلسطين ولو وفق مقاييس “المبادرة العربية” البائسة.
لقد رسخت الزيارة الكيان الصهيوني اللاعب الوحيد فيما يتعلق بقضية فلسطين؛ فإن شاء قدم مبادرات لحلها وفق ما يراه مناسبا له، وإن شاء امتنع عن ذلك كما هو حاصل الآن.
رسخت إدارة بايدن أن الحل يكمن فقط في تسهيلات اقتصادية ولوجستية للفلسطينيين، واعتبرت أن نية الكيان فتح جسر الملك حسين 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع إنجازا عظيما!
لقد ختمت زيارة بايدن ما يعرف بحل الدولتين بالشمع الأحمر، ورغم ورودها على لسانه، إلا أنها كانت كلمة مجردة من أي فعل أو حتى نية، فضلا عن خطة أو مبادرة لتفعيلها!
وما كان ورودها سوى محاولة لإبقاء “لهاية” يتلهى بها من ما زالوا يحلمون بما يسمى “حل الدولتين” في مواجهة تيار شعبي واسع بات مؤمنا بموت ذلك الحل.
باختصار: فالخاسر الأكبر من تلك الزيارة هي قضية فلسطين التي باتت تتذيل اهتمامات الدول العربية، والأردن شريك في تلك الخسارة الفادحة.
ذلك أن تأجيل حل القضية الفلسطينية وفق الرؤية الأردنية إلى أجل غير مسمى، وتمكين الكيان الصهيوني من التمدد والاندماج في المنطقة دون تقديم أي تنازلات، يعني أن مخططات تسوية قضية فلسطين على حساب الأردن باتت أقرب.
* عبد الله المجالي كاتب صحفي أردني
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: