الحل في إيقاظ الوحدة العربية مجددا، لتقف بوجه هذه المؤامرة الكبرى.
عندما تنتهي جولة ومهمة بايدن فيما يسمى الشرق الأوسط خلال أيام سنجني في النهاية أربع فواجع كبرى تقلب المشهد العربي برمته رأساً على عقب.
أصبح غياب الوحدة العربية مدخلاً لكل الفواجع التي نعيشها بأرض العرب ومنفذاً لشياطين الغرب الاستعماري الصهيوني وأعوانه بالداخل من الضائعين المخدوعين.
* * *
ستنتهي جولة ومهمة الرئيس الأمريكي في ما يسمونه الشرق الأوسط خلال بضعة أيام. وعلى الأغلب فإننا سنجني في النهاية أربع فواجع كبرى ستقلب المشهد العربي برمته رأساً على عقب.
أولاً: إذا اتفق على تكوين الحلف الشرق الأوسطي، الذي سيضم دولا عربية والكيان الصهيوني وبالطبع جوانب كثيرة من الوجود العسكري الأمريكي، فقل على مجلس التعاون الخليجي السلام. إذ لن يمكن بأي حال من الأحوال أن تبقى دولة من دول المجلس، الكويت مثلا، عروبية الهوى وقومية الالتزام ورافضة رفضاً قاطعاً للفكر الصهيوني وممارساته الإجرامية الاستعمارية بحق الشعب العربي الفلسطيني.
لن يمكن لهكذا دولة عربية أن تبقى في مجلس يتواجد في أجزاء منه العساكر الصهاينة ومعداتهم واستخباراتهم ويصبح الخليج العربي مقراً للاستعمار الأمريكي تحت مسميات التعاون والتنسيق والقوات المشتركة.
خاصة وأنه إضافة إلى قيام ذلك الحلف المليء بالتحفظات والمخاطر يجري الحديث عن قيام سوق تجارية شرق أوسطية مشتركة تنشط فيها الشركات والاستثمارات والعمالة والسياحة الصهيونية لكي تصبح في قلب اقتصاد كل الدول المنضمة لذلك الحلف أو لتلك السوق أو لكليهما.
مرة أخرى أليس في هذا استحالة أن تقبل الكويت أن تكون أو أية دولة مماثلة لها في المواقف القومية العروبية جزءاً من سوق خليجي عربي مشترك مقتصر على دوله العربية الست في حين أنها تعرف أن السوق الشرق الأوسطية المقترحة ستكون ممراً آمناً وبلا أية قيود أو عقبات للبضاعة والشركات والاستثمارات والعمالة الصهيونية من خلال الدول التي ستكون لها عضوية ثنائية في سوق مجلس التعاون من جهة والسوق الشرق أوسطية من جهة أخرى؟
هنا ستكون نهاية مجلس التعاون الخليجي الذي وضعت جهود هائلة لبنائه وستكون نهاية حلم لأجيال من الشعوب العربية الخليجية التي حلمت بقيام وحدة خليجية في يوم ما تقود نحو وحدة عربية، فإذا بها تقاد من البعض إلى أن تصحوا من ذلك الحلم القومي الجميل الواعد لترى نفسها أمام فاجعة التدمير الكامل والتمزيق الممنهج لذلك المجلس العربي الوحدوي.
ثانياً: وسينطبق الأمر نفسه، بكل تفاصيله ومفاجآته ومؤامراته وجنون القابلين بالدخول في لعبته الأمريكية الصهيونية، سينطبق على الجامعة العربية فالشيء الطبيعي عند ذاك هو موت الجامعة العربية ومعها حلم السوق العربي المشترك، ومعهما حلم مشاريع الدفاع العربي المشترك والصناعة الحربية العربية المشتركة.
وبالطبع سينطبق الأمر على المجلس المغاربي العربي، الذي هو الآخر سينفرط عقده، إذ لا يمكن تصور على سبيل المثال، أن تقبل دول كتونس والجزائر وليبيا أن تتعايش مع التناقض المفزع فيما بين سوق الاتحاد المغاربي العربي ومشاريعه الوحدوية الأخرى وبين السوق الشرق الأوسطية المفتوحة لكل ما هو صهيوني، أمنياً واقتصادياً، ومن ثم سياسياً. ولن يكون بمستغرب إن طال الدمار منظمة التعاون الإسلامي أيضاً.
ثالثاً: وستدخل الثقافة العربية، بما فيها الدين الإسلامي والفكر القومي العروبي والتاريخ العربي والأدب التعاطفي التناغمي المساند لقضية فلسطين وشعبها العربي، ستدخل تلك الثقافة في نفق مظلم وإملاءات شيطانية من قبل أمريكا والكيان الصهيوني، وذلك من أجل حذف هذا ونسيان ذاك وعدم استعمال هذا التعبير أو ذاك لتجنب كذبة ومهزلة معاداة السامية.
وكم من الكتاب والمؤرخين العرب ستمنع كتبهم من التداول وسيدخلون في قائمة الهولوكوست الصهيوني وهو يخيط ويبيط في ساحات ثقافة وأدب وتاريخ وفنون العرب.
رابعاً: ستجد العديد من الدول العربية نفسها، بفضل الضغوط الأمريكية الهائلة، منخرطة في تعقيدات ومخاطر الصراع الأمريكي الروسي في أوكرانيا، وفي المنافسات التجارية العبثية الأمريكية الصينية.
والحل؟ الحل في إيقاظ جديد لموضوع الوحدة العربية، لكي تقف في وجه هذه المؤامرة الكبرى، وهي ما ستكون مادة العديد من المقالات المقبلة، بعد أن أصبح غيابها مدخلاً لكل الفواجع التي نعيشها في كل أرض العرب ومنفذاً لكل شياطين الغرب الاستعماري الصهيوني وأعوانه في الداخل من الضائعين المخدوعين.
* د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني
المصدر: الشروق – القاهرة
موضوعات تهمك: