سيناريوهات كارثية إن لم يتم الاستعداد لها أردنيا وفلسطينيا، فالكيان الصهيوني بؤرة التوتر ومركز الفوضى في الإقليم.
حرب شاملة ومباغتة للاحتلال للخروج من أزمته تقود لانهيار شامل في الإقليم واضطراب كبير بالمنظومة الدولية.
قد يوصل التصعيد الإسرائيلي المشهد السياسي والأمني إلى الحافة ويعزز عزلة الاحتلال ويفاقم أزمته ويستنزف قدراته العسكرة والدبلوماسية.
انهيار حكومة الائتلاف وعدم حسم الانقسام بالانتخابات يتخلله شلل حكومي إسرائيلي وزيادة تأثير النخبة العسكرية بما يحد من فاعلية الكيان السياسية.
عدم وجود اتفاق نووي إيراني يعني خطرا نوويا وشيكا على إسرائيل وحلفائها فالتقديرات الأمنية الإسرائيلية ترى أن عدم التوصل لاتفاق أسوأ جدا من صفقة سيئة.
* * *
بقلم: حازم عياد
لا يكاد يمر يوم دون ان يتخلله نشاط أمني للكيان الصهيوني يرفع مستوى التوتر والاحتقان، ويقرب المنطقة من مواجهة شاملة لا يقتصر أثرها على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
التصعيد الإسرائيلي لا تنقطع فصوله إذ يعكس أزمة نخبوية ومجتمعية عميقة، فالاحتلال لم يعد يعبأ بالتحذيرات التي تلقاها سواء من قوى المقاومة ودول الجوار أو من شركائه الإقليميين وحلفائه في الغرب، فبعد قرار وزير الأمن الداخلي السماح لمسيرة الأعلام باتخاذ مسار استفزازي عبر باب العامود؛ قررت محكمة الصلح السماح للمستوطنين ممارسة طقوسهم التوراتية داخل المسجد الأقصى.
قادة الاحتلال تجاهلوا ما هو اهم من تحذيرات أعدائهم وخصومهم وشركائهم وحلفائهم؛ تجاهلوا التقارير الأمنية والسياسية الحرفية التي تقدمها المؤسسات البحثية والامنية الاستخبارية في الجيش الى جانب الموساد والشاباك؛ التي كان أبرزها تقرير معهد الأمن القومي السنوي (INSS) بداية العام الحالي وكان آخرها تقديرات الاستخبارات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال التي سربتها الصحافة الإسرائيلية مساء الأحد الماضي.
فالمؤسسات الأمنية الإسرائيلية قدمت تقديرات مغايرة تماما للقرارات التي اتخذتها النخبة السياسية والعسكرية داخل الكيان؛ فالقرار السياسي الأمني الذي قاد لاغتيال العقيد في الحرس الثوري الإيراني، صياد خدايي، في طهران تناقض مع ما سربته صحيفة جيروزاليم بوست عن مصادر استخباراتية إسرائيلية؛ تؤكد أن عدم وجود اتفاق نووي إيراني قد يؤدي إلى خطر نووي وشيك أكثر على إسرائيل وحلفائها، فالتقديرات الأمنية الإسرائيلية (لمؤسسة الاستخبارات والدفاع) ترى أن عدم التوصل إلى اتفاق أسوأ بكثير من أي صفقة سيئة.
القيادات الاستخبارية والأمنية بالكيان الصهيوني ترى أن إيران يمكن أن تقفز إلى 90 بالمئة من اليورانيوم المسلح في غضون أسابيع في حال فشل الاتفاق؛ ومستويات التخصيب المختلفة التي تراكمت لدى إيران، يمكن أن تصل ليس فقط إلى قنبلة نووية واحدة ولكن إلى أربع قنابل نووية، فالاتفاق يضبط نشاط إيران الأمني والسياسي؛ ما يجعل من خيار الاتفاق النووي الأفضل بالنسية للكيان خلافا للتصعيد الذي يقوده الساسة وقادة الجيش الكبار.
قادة الاحتلال فقدوا قدرتهم على التقييم العقلاني والاستراتيجي المدروس في ظل أزمة حكومية ونخبوية وانقسام مجتمعي افقي وعمودي؛ بتجاهلهم البيئة المحلية والإقليمية والدولية المتدهورة؛ وتجاهلهم نصائح الشركاء والحلفاء، واستخفافهم بتحذيرات قوى المقاومة وتقديرات أجهزتهم الأمنية والعسكرية في الآن ذاته، لصالح قرارات تهدف لبث طمأنينة خادعة داخل الكيان الصهيوني، لإرضاء شركاء سياسيين متطرفين، أو لمواجهة خصوم سياسيين متربصين في الآن ذاته.
بيئة صنع القرار الإسرائيلية المضطربة والمنغلقة على مقولات ورؤى توراتية تستدعي الاستعداد لثلاثة مسارات متوقعة في المشهد الفلسطيني والإسرائيلي تحوي في باطنها عدد من السيناريوهات:
الأول: انهيار حكومة الائتلاف والعجز عن حسم الانقسام المجتمعي والنخبوي بالانتخابات؛ يتخلله شلل حكومي إسرائيلي وزيادة تأثير النخبة العسكرية ونفوذها بشكل يحد من فاعلية الكيان السياسية.
الثاني: أن يوصل التصعيد الإسرائيلي المشهد السياسي والأمني إلى الحافة ويعزز عزلة الاحتلال ويفاقم أزمته ويستنزف قدراته العسكرة والدبلوماسية.
الثالث: حرب شاملة ومباغته للاحتلال للخروج من أزمته تقود إلى انهيار شامل في الإقليم، واضطراب كبير بالمنظومة الدولية، وهي مجملاً سيناريوهات كارثية إن لم يتم الاستعداد لها أردنيا وفلسطينيا، فالكيان بؤرة التوتر ومركز الفوضى في الإقليم.
* حازم عياد كاتب وباحث سياسي
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: