طلب إيران شطب الحرس الثوري من لائحة الإرهاب يهدّد المفاوضات ولا يتوفر حوله إجماع.
تردّد أن الإدارة اشترطت تخفيف الحرس الثوري لدوره في المنطقة، مقابل رفعه من لائحة الإرهاب، بعد أن يجري التثبت من تغيير سلوكه.
كأن الإدارة تطرح صيغة وسطية، يزال بموجبها اسم الحرس الثوري من لائحة الإرهاب، بما يلبي المطلب الإيراني، باستثناء “فيلق القدس” الذي يبقى فيها.
الكرة بالملعب الأميركي والظرف الأوكراني الضاغط على واشنطن أعطى فسحة إضافية لتشدد إيران، وربما “بتشجيع من الكرملين”، لحصد مزيد من التنازلات.
يمكن أن يؤدي عدم حلّ عقدة الحرس الثوري وفشل العودة لاتفاق 2015 لتسريع المشروع النووي الإيراني يفاقم ذلك تزامن هذا المطلب طرديا مع احتدام حرب أوكرانيا.
المبعوث الخاص تولّى تسويق فكرة شطب الحرس الثوري من لائحة الإرهاب بتقليل أهمية الطلب الإيراني “طالما أن العقوبات باقية على الحرس الثوري، ولو تم سحب اسمه من لائحة الإرهاب”.
* * *
في جوابه عن سؤال قبل أيام حول عقدة الحرس الثوري التي جمّدت مفاوضات فيينا، بدا مسؤول في الخارجية الأميركية وكأنه لا يريد الخوض الآن في هذا الموضوع. السبب أن المسألة حساسة، ويدور حولها جدل وخلاف لم يُحسما بعد.
طلب إيران شطب الحرس من لائحة الإرهاب يهدّد المفاوضات ولا يتوفر حوله إجماع. الكونغرس منقسم، وكذلك حزب الرئيس فيه، فضلاً عن مطابخ الرأي. والإدارة ممانعة في العلن، لكنها تبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه. والمربك لها أن إيران تصرّ على هذا الشرط، والوقت ضاغط أكثر فأكثر.
تلبيته قد تكون خطوة مكلفة للرئيس جو بايدن الذي هبط رصيده إلى 33 بالمائة، كما ستبدو مقايضة خاسرة لإحياء اتفاق تسقط بعض شروطه بعد سنوات قليلة (انتهاء القيود على تخصيب اليورانيوم بحلول 2030).
ومن جهة ثانية، يمكن أن يؤدي عدم حلّ هذه العقدة، وبالتالي فشل العودة لاتفاق 2015، إلى تسريع المشروع النووي الإيراني. يفاقم ذلك أن تشدد طهران في هذا المطلب تزامن وتصاعد بصورة طردية مع احتدام الحرب في أوكرانيا.
مع شهر مارس/آذار الماضي، برز الحديث عن هذه العقدة. تردّد أن الإدارة اشترطت تخفيف الحرس الثوري لدوره في المنطقة، مقابل رفعه من اللائحة، بعد أن يجري التثبت من تغيير سلوكه. إيران جادلت في الموضوع من باب أن تصنيف الحرس في خانة الإرهاب يعني تصنيف كل إيراني ملزم بالخدمة العسكرية الإجبارية كإرهابي، وذلك غير مقبول.
البيت الأبيض كرّر في مطلع الشهر الجاري رفضه للشطب، فيما كانت المفاوضات متوقفة بسبب هذه المشكلة. وكذلك فعل وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لكن الموقف في الكونغرس كان غير ذلك.
الجمهوريون سارعوا إلى التحذير من مثل هذه الخطوة. الديمقراطيون منهم من أشهر تأييده، مثل السناتور كريس مورفي، ومنهم من أعلن معارضته الشديدة، مثل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور بوب ميننديز، ومعه آخرون معروفون بتأثرهم بالموقف الإسرائيلي في هذا الموضوع.
المبعوث الخاص روبرت مالي تولّى تسويق فكرة الشطب من خلال تقليل أهمية الطلب الإيراني، “طالما أن العقوبات باقية على الحرس الثوري، ولو تم سحب اسمه من لائحة الإرهاب”.
بذلك، أعطى أول إشارة إلى أن الإدارة تميل ضمناً إلى الموافقة على الطلب الايراني، “بناءً على توصيته” على الأرجح. ثم جاءت الإشارة إلى المخرج من رئيس هيئة الأركان الجنرال مارك ميلي، في جلسة مع لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، عندما قال إن “فيلق القدس بنظري جهة إرهابية ولا أؤيد سحب اسمه من اللائحة”.
بذلك، بدا وكأن الإدارة تطرح صيغة نصفية، يصار بموجبها إلى إزالة اسم الحرس من اللائحة، وبما يلبي المطلب الإيراني، باستثناء “فيلق القدس” الذي يبقى فيها.
التعليل أن رفع الحرس من اللائحة له في هذه الحالة حيثيته، من زاوية أن العودة إلى الاتفاق الذي يلجم المشروع النووي الإيراني أهم من وصم هذه الجهة العسكرية بالإرهاب، كما قال السناتور مورفي. وثمة من يرى أن مثل هذا التصنيف لجهة عسكرية تابعة لدولة هو أصلاً تدبير غير معروف في السابق.
منذ البداية، أعطت الإدارة الأولوية لإحياء اتفاق 2015، وما زالت. منذ مطلع العام الجاري وهي تقول إن الوقت يضغط والفرصة تضيق، وإن على إيران الحسم، مع التلويح بالبدائل. لكن المدة تتمدد مرة تلو المرة، على أساس أن الكرة في الملعب الإيراني، وأن الإدارة تنتظر الرد.
والشريط يتكرر. لكن الآن، يبدو أن الكرة في الملعب الأميركي. الظرف الأوكراني الضاغط على واشنطن أعطى فسحة إضافية لتشدد إيران، وربما “بتشجيع من الكرملين”، لحصد المزيد من التنازلات.
المصدر: العربي الجديد
موضوعات تهمك:
إيران وأميركا.. من ورقة التخصيب في عُمان إلى مكتسب الضمان الذاتي في فيينا