«هل اقتنعت روسيا بعقوبات الأمس؟ نسمع في سمائنا ونرى على أرضنا أن هذا لم يكن كافياً»!
زيلنسكي: «هذا الصباح نحن ندافع عن دولتنا بمفردنا. مثل البارحة، تراقب القوى العالمية من بعيد».
ليست أول مرة يجد أصدقاء لأمريكا أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه حين تكون توقعاتهم من وقوف حليفتهم القوية معهم في الشدائد أكبر بكثير مما في طاقتها.
ما كان بوتين سيغامر بدفع قواته إلى عمق أوكرانيا لولا قراءته الجيدة لحدود الضغط الأمريكي والغربي وحدود النصرة المتوقعة لحلفاء الغرب في كييف.
لدى روسيا نظام بديل عن سويفت، يعرف بـCFPS أنشأته بعد ضم في 2014 وأنشأت الصين نظاما موازيا مما سيؤدي لمزيد من التقارب الصيني الروسي.
* * *
بقلم: حسن مدن
بدا الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في وضع المستغيث وهو يوجه، يوم الجمعة، نداءً آخر إلى الحلفاء الغربيين لمساعدة بلاده ووقف الهجوم الروسي عليها.
انطوت عباراته على شحنة عالية من اللوم والعتب، كي لا نقول الغضب، وهو يقول في خطابه: «هذا الصباح نحن ندافع عن دولتنا بمفردنا. مثل البارحة، تراقب القوى العالمية من بعيد».
هي ليست المرة الأولى التي يجد من يُحسبون أصدقاء لأمريكا أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، حين تكون توقعاتهم من وقوف حليفهم القوي معهم في الشدائد أكبر بكثير مما في طاقة، أو بالأحرى، رغبة هذا الحليف في تقديم الدعم الذي ينشدونه، وما أكثر ما أدارت واشنطن ظهرها للحلفاء في أصعب الأوقات.
وما كان الرئيس الروسي بوتين سيغامر بدفع قوات بلده إلى العمق الأوكراني لولا قراءته الجيدة لحدود الضغط الأمريكي، والغربي عامة، عليه، وحدود النصرة المتوقعة لحلفاء الغرب في كييف.
اكتفى الرئيس الأمريكي جو بايدن وزعماء أوروبيون آخرون بفرض عقوبات اقتصادية، ستلحق، بالتأكيد، ضرراً يزيد أو يقل بروسيا، لكن عليها ستترتب تبعات سلبية على الاقتصادات الغربية أيضاً، وللتمعن في مدى فاعلية هذه العقوبات في الضغط على بوتين دعونا نقرأ ما قاله رئيس أوكرانيا في الخطاب إياه: «هل اقتنعت روسيا بعقوبات الأمس؟ نسمع في سمائنا ونرى على أرضنا أن هذا لم يكن كافياً»!
تقارير اقتصادية جرى تداولها في اليومين الماضيين تفيد بأن دولاً غربية تزودت، مقدماً، من روسيا بكميات كبيرة من النفط ومشتقاته ومن الغاز، قبل بدء العمليات الحربية المتوقعة في أوكرانيا، استعداداً لما ستجد نفسها مضطرة إليه من فرض عقوبات على موسكو، وفي حال صحت هذه التقارير يمكن القول إن فاعلية هذه العقوبات محدودة، لأن موسكو استلمت الأموال مقدماً.
بداية، استبعد كل من الرئيس الأمريكي بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتز عزل روسيا عن النظام المصرفي العالمي، سويفت، لأن خطوة مثل هذه ستعرض المصارف التي تملك الأموال لتداعيات خطيرة عاجلة أو بعيدة المدى.
وحسب «بي. بي. سي» فإن هذا يعدّ مخاطرة حقيقية خاصة في ألمانيا، التي لها علاقات مالية قوية مع روسيا، وتشعر برلين أنها تحملت نصيبها من التضحية الاقتصادية بتعليقها التصديق على خط أنابيب نورد ستريم 2.
وحتى في حال وجدت الدول الغربية نفسها محمولة على حرمان موسكو من نظام «سويفت»، وهو أمر ستكون له آثار مدمرة على اقتصاد روسيا، لكن لدى الأخيرة نظام بديل، يعرف باسم CFPS أنشأته بعد ضمها شبه جزيرة القرم عام 2014. كما أن الصين هي الأخرى أنشأت نظاما موازيا، مما سيؤدي إلى المزيد من التقارب الصيني- الروسي.
* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين
المصدر| الخليج
موضوعات تهمك: