في الوقت الذي تدور فيه الحديث عن صمود اوكرانيا ضد الزحف الروسي الذي بدأ فجر الخميس الماضي، فإن صحيفة لو فيغارو قالت في تقرير لها، أنها من غير المستبعد ان تستلم كييف في نهاية المطاف تحت وطأة هجوم الجيش الروسي، لكن يمكنهم ان يتوقعوا مقاومة طويلة الأمد تجمع بين حرب العصابات والمضايقات والمقاومة السلبية، لتتسائل الصحيفة: “هل نحن أمام أفغانستان جديدة هذه المرة ضد بوتين؟
شبه بين اوكرانيا وافغانستان
وذكرت الكاتبة إيزابيل لاسير في بداية تقريرها بصحيفة لو فيغارو الفرنسية، المختصة بالشؤون الدبلوماسية، أن ما قاله مسؤول روسي يوم 11 ديسمبر عام 1994، عندما أطلق الكرملين قواته لمهاجمة الشيشان بأن هذا التمرد سينتهي خلال 48 ساعة.
ووفق ما كتبته فإن القصف الجوي استغرق 5 أسابيع وهجمات الدبابات واندلاع غير مسبوق للعنف، ولم تتمكن روسيا من السيطرة على القصر الرئاسي بغروزوني إلا يوم 21 يناير 1995، واستمر الصراع بعد ذلك خلال عامين وأعقبه صراع آخر استمر لفترة أطول ولم ينته إلا عام 1999 بعد أن دمرت غروزوني ودمر الشيشان بكامله مما يعني أن الحروب لا تسير وفقا لما خطط لها لا في غروزوني بالأمس ولا كييف اليوم.
وأضافت الكاتبة أن نقاط التشابه بين الحالتين غير واضحة لكنها موجودة حيث الهجوم الأول على كييف الذي كان يعتقد أنها حرب خاطفة والتي كانت تهدف للاستيلاء على مطار هوستوميل ثم تنفيذ هجوم في وسط العاصمة لقطع رأس السلطة السياسية هناك أو القبض على الرئيس فلاديمير زيلينسكي أو قتله، لكن تم إحباط ذلك من جانب المقاومة الأوكرانية.
اوكرانيا قد تؤدي لاسقاط الديكتاتور
وأشارت إلى أن بعض الدبابات الروسية تقطعت بها السبل على جانبي الطريق كما أسقطت الدفاعات الاوكرانية قاذفات روسية ناهيك عن أسر عدد من الجنود الروس الذين بدوا تائهين يدعون أنهم لا يعرفون شيئا عن تلك الحرب التي تم الزج بهم فيها.
ولفتت الصحيفة إلى أن بعض الصحف المقربة من الحكومة الروسية، عارضت بشكل رمزي الحرب، كما تظاهر المئات في مدن روسية رافضة للحرب، كما اجتاحت تظاهرات مؤيدة لاوكرانيا جميع الدول الأوروبية وغنى البيلارسيون “لا للحرب”.
حتى أن مطران الفرع الروسي للبطريركية الأرثوذكسية لأوكرانيا الموالي للسلطات في موسكو قال انه يدعو لإنهاء الحرب بين الأشقاء متحدثا عن خطيئة قابيل عندما قتل هابيل شقيقه.
وتابعت متسائلة: “هل تتحول اوكرانيا إلى أفغانستان بوتين؟” هذا التساؤل من المبكر طرحه لكنها تساءلت أيضا “هل ذهب بوتين بعيدا هذه المرة؟”، و”هل ستكون الحرب الروسية في اوكرانيا افغانستان جديدة؟ وهل ستكون بداية نهاية عصر الرئيس القيصر ثم الدكتاتور؟”.
وأكدت الكاتبة ان بوتين بالحرب تلك وبدعوة الكتائب الشيشانية إلى الحرب، فقد اتخذ خطوة جديدة للأمام مما يعني أنه هو الآخر استقل بالوطنية الاوكرانية.
ما جعل الرئيس الروسي يفشل حتى الآن، هو قناعته بأن اوكرانيا دولة غير شرعية ومصطنعة، بحسب الكاتبة التي قالت أن تقدير مقاومة الجنود الاوكرانيين، لم يأخذ في الاعتبار مقاومة الشعب الاوكراني بأكمله، حيث بدأ الأوكرانيون المشاركة في صد الغزة من خلال زجاجات المولوتوف من النوافذ على الدبابات الروسية وأعلنوها أنهم جميعا متحدون خلف الرئيس زيلنسكي الذي أظهر شجاعة كبيرة.
ووفقا للكاتبة فإن الواضح حاليا أن اوكرانيا حاليا أبعد ما تكون عن أوكرانيا خلال العقد الأول من القرن 21، حيث أصبحت تتحلى بالقيم الديمقراطية والأوروبية بعيدا عن النهج الروسي الذي يشبه ما كانت عليه الأوضاع في العصور الوسطى.
واطلقت الكاتبة تحذيرات من أن الروس كثيرا ما أخبروا ان الأوكرانيين إخوانهم ولذلك نقلت عن المتخصص في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ثورنيكه جوردادزي قوله أنه في حال اضطر فلاديمير بوتين من أجل كسب الحرب إلى اللجوء إلى طوفان من العنف كما فعل في سوريا اذا اضطر من أجل السيطرة على المدينة لقصفها بشكل مكثف فإن الفخ يخاطر بالاقتراب منه لأنه إذا كان السكان الروس لم يشعروا بالقلق من مصير السوريين فسيكون الأمر مختلفا فيما يخص الاوكرانيين.
وأشارت إلى أنه ومنذ بدء الصراع بين الأوكرانيين والروس عام 2014 جاءت سياسات الكرملين بنتائج عكسية فبعيدا عن إعادة كييف إلى الحظيرة الروسية جعلت الأوكرانيين أقرب إلى الغرب وخاصة أوروبا، واليوم يرى فلاديمير بوتين الذي أراد نزع سلاح أوكرانيا أن الدول الأوروبية تقدم مزيدا من الأسلحة للحكومة في كييف.
وبما أن الأسباب ذاتها تؤدي إلى النتائج ذاتها فإن السوفيات غزوا أفغانستان عام 1979 وبعد عقد من الحرب ومقتل 15 ألف جندي اضطرب موسكو للانسحاب من الحرب التي لم تستطع الانتصار فيها وساهمت الهزيمة بأفغانستان في انهيار حلف واسو وسقوط الاتحاد السوفيتي وبالتالي فإن الغطرسة البوتينية في اوكرانيا يمكن ان تدفع بوتين لسلوك المسار نفسه الذي سلكه رئيس الاتحاد السوفيتي ليونيد بريجنيف في أفغانستان.
موضوعات تهمك:
اوكرانيا وروسيا على الطاولة: هل تنجح المفاوضات في إنهاء الحرب؟