عملية طبخ اتفاق جديد بين الطرفين صارت في مراحلها الأخيرة، وأن الخلافات تتعلق الآن ببعض التفاصيل وليس بالإطار العام للاتفاق.
يمكن لمخاطر غزو روسيا لأوكرانيا أن يحسن أوراق إيران التفاوضية ودفع أمريكا وحلفائها الأوروبيين إلى تسريع إجراءات توقيع الاتفاق مع إيران.
اتخذت المفاوضات الإيرانية ـ الغربية مسارا طويلا معقدا لكن أطراف المفاوضات الشاقة لم تفصل النووي الإيراني عن مسارات سياسية أخرى تدور فيها إيران.
روسيا رفعت درجة التصعيد بملف أوكرانيا فصار العالم متأهبا لاجتياح روسيّ مما قد يشكل أزمة عالمية كبرى ستنعكس، بالضرورة، على أزمات عالمية أخرى.
لجوء إيران لاتفاقات «استراتيجية» مع روسيا والصين يستهدف تعزيز قوتها العسكرية والالتفاف على العقوبات الغربية وهما قضيتان مرتبطتان بالملف النووي.
لقاء بوتين ونظيره الإيراني رئيسي في يناير الماضي ذروة الربط بين الملفين مع إعلانهما «مسودة اتفاقية (أمنية عسكرية واقتصادية) مدتها 20 عاما» بين البلدين!
* * *
تشير التصريحات المتوالية الصادرة عن الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، وكذلك الصادرة عن مسؤولين إيرانيين، أن عملية طبخ اتفاق جديد بين الطرفين صارت في مراحلها الأخيرة، وأن الخلافات تتعلق الآن ببعض التفاصيل وليس بالإطار العام للاتفاق.
حسب تقرير نشرته «القدس العربي» أمس فإن النقاط الكبرى لمسودة هذا الاتفاق هي تعليق طهران لتخصيب اليورانيوم (فوق 5٪) وإطلاق سجناء غربيين، مقابل رد 7 مليارات دولار قامت كوريا الجنوبية بتجميدها لإيران التزاما بالعقوبات الأمريكية.
لتبدأ بعد ذلك «المرحلة الرئيسية لرفع العقوبات» والتي ستكون بين شهر إلى ثلاثة أشهر، لكنها ستكون على شكل إعفاءات لقطاع النفط الإيراني يتم تجديدها كل عدة أشهر.
ستستمر، حتى الوصول إلى إعلان هذا الاتفاق، تحذيرات الحلفاء الغربيين بأن لدى إيران بضعة أيام فقط لإبرام الاتفاق، وهو آخر تصريح أدلى به وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، تقابلها إشارات متناقضة من أطراف إيرانية، تؤكد، من جهة، أن الأطراف باتت قريبة من التوصل الى اتفاق، كما قال علي باقري كبير المفاوضين الإيرانيين مؤخرا، أو إنكار أن إيران ستعلق التخصيب، كما فعلت وكالة أنباء تسنيم أمس، أو نفي إن المفاوضات المباشرة مع أمريكا تعتبر شرطا أساسيا للاتفاق، على ما قاله موقع مقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أيضا.
اتخذت المفاوضات الإيرانية ـ الغربية مسارا طويلا معقدا، لكن الأطراف المنغمسة في هذه المفاوضات الشاقة لم تحاول فصل الملف النووي الإيراني عن المسارات السياسية الأخرى التي تدور فيها إيران، أو تؤثر على مصالح الدول ذات العلاقة بهذا المسار، بما فيها روسيا، التي رفعت مؤخرا درجة التصعيد في الملف الأوكراني بحيث صار العالم متأهبا لحصول اجتياح روسيّ، وهو ما قد يشكل أزمة عالمية كبرى ستنعكس، بالضرورة، على أزمات عالمية أخرى.
مثل اللقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في 19 كانون الثاني /يناير الماضي ذروة هذا الربط مع إعلانهما «مسودة اتفاقية مدتها 20 عاما» بين البلدين، وهي اتفاقية ذات أبعاد أمنية عسكرية واقتصادية، لكنها أشارت، بطريقة واضحة موجهة للغرب، أن البلدين سيتعاونان في «الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وبناء محطات الطاقة النووية»!
سواء كانت الإشارة الأخيرة للدعاية الإعلامية أم للتطبيق الفعلي، فإن لجوء إيران لاتفاقات «استراتيجية» مع روسيا والصين، يستهدف تعزيز قوتها العسكرية والالتفاف على العقوبات الغربية، وهما قضيتان مرتبطتان بالملف النووي بشكل أو آخر.
ضمن هذا السياق، يمكن للخطر الكبير الذي يشكله احتمال غزو روسيا لأوكرانيا أن يساهم في تحسين أوراق إيران التفاوضية ودفع أمريكا وحلفائها الأوروبيين إلى تسريع إجراءات توقيع الاتفاق مع طهران، لكن هذا لا ينفي احتمال أن يؤدي ذلك إلى تأثير معاكس، إذا بالغ الإيرانيون، في استخدام هذه الورقة، أو وجدت موسكو أن من المناسب أن تستخدمها بدورها.
المصدر| القدس العربي
موضوعات تهمك: