البديل لمنظمة التحرير هو إصلاحها، والبديل للسلطة المقاومة، والبديل للانقسام المصالحة، من أجل الخروج من المأزق الفلسطيني الراهن.
ما البديل عن منظمة التحرير؟ وما البديل عن فتح التي تهيمن على المنظمة؟ وهل اتساع رقعة المعارضة لفتح يمكن أن يغير المشهد الفلسطيني؟
منظمة التحرير جسم معطل مهمش يجب البدء بإصلاحه فورا كما أنَّها أهم وأشمل وأقدم وأبقى من السلطة الفلسطينية الناتجة عن فخ أوسلو وغدت لجهاز أمني داخلي.
* * *
بقلم: محمد عايش
حالة الإحباط الشديد التي تهيمن على الفلسطينيين بسبب الجمود السياسي، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية تحت الاحتلال، أدت الى تفجير فيضان من الأسئلة في أذهان الناس، لكن أهم هذه الأسئلة التي تراود الجميع هو: ما هو البديل عن منظمة التحرير الفلسطينية؟ وما البديل عن حركة فتح التي تهيمن على هذه المنظمة؟ وهل اتساع رقعة المعارضة لهذه المنظمة يمكن أن يؤدي الى تغيير في المشهد الفلسطيني؟
المؤكد أن منظمة التحرير الفلسطينية، أصبحت تعاني اليوم من حالة شيخوخة، فضلاً عن أنها أصبحت مهمشة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في عام 1994، وعودة الأسئلة والجدل بشأن المنظمة وحركة فتح مؤخراً، مرتبط بالفشل الذريع للسلطة الفلسطينية، وانهيار مشروعها، ومرتبط أيضاً بمزاج شعبي عام أصبح مقتنعاً بأن هذه السلطة ليست طريقاً نحو الدولة المستقلة، وأن الاحتلال ورّط الفلسطينيين بها وخدعهم طيلة السنوات التي تلت اتفاق أوسلو، وحولهم الى مجموعات مدنية محاصرة في ظل سلطة لا تملك سلطة لا على البشر ولا على الأرض.
المشكلة هنا أن الفلسطينيين وجدوا أنفسهم فجأة أمام «سلطة وهمية» وكيان مزور بسبب الخديعة الإسرائيلية، وعدم التزام الاحتلال بأي اتفاق، وفي الوقت ذاته وجدوا أن المنظمة أصبحت جهازاً مهمشاً تم إفساده على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، التي انشغل فيها الفلسطينيون بالسلطة عن المنظمة، وانتهوا بعد ثلاثين عاماً بفقدان الاثنين.
واقع الحال هو أنَّ الفلسطينيين اليوم أصبحوا بحاجة للعودة الى منظمة التحرير، وبحاجة لإحيائها وتنشيطها، لأنها الأداة الوحيدة التي يُمكن بواسطتها تجاوز «فخ أوسلو» الذي نصبه الإسرائيليون في عام 1993 لشعبٍ بأكمله، ولذلك تتصاعد وتيرة الأسئلة عن المنظمة، ويتزايد الجدل حول إمكانية إصلاحها وإحيائها واستعادتها.
المؤكد هو أن الفلسطينيين بحاجة فعلاً لجسم بديل عن السلطة الفلسطينية، لكنهم ليسوا بحاجة لأي بديل عن منظمة التحرير، إذ لا جدوى من تعدد المرجعيات والأجسام الممثلة للفلسطينيين، وإنما المطلوب هو إعادة إصلاح وتأهيل منظمة التحرير بما يضمن أن تعود مظلة تُمثل الكل الفلسطيني، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من الفصائل والقوى إلى هذه المنظمة.
أما فكرة تأسيس جسم بديل عن المنظمة، أو إطلاق مبادرات لتمثيل الفلسطينيين في الداخل والخارج (مثل فكرة المؤتمر الشعبي الذي يتخذ من إسطنبول مقراً له) فهذه لا تعدو كونها تقسيما للمقسم، وإشغال للفلسطينيين في هوامش لا قيمة لها، إذ ثمة مطالب وأولويات يجب أن يتفق عليها الفلسطينيون للعمل عليها أولها، ضرورة إنهاء الانقسام الداخلي، ثم ضرورة إصلاح منظمة التحرير، ثم التوافق على برنامج وطني شامل لمواجهة الاحتلال، وهنا يجب الإشارة إلى أن أي انتخابات داخلية يجب أن تكون لاحقة للمصالحة وإنهاء الانقسام وليست سابقة لذلك.
على الفلسطينيين في مختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم أن يتفقوا مجدداً اليوم على أن منظمة التحرير جسم معطل ومهمش، ويجب البدء بإصلاحه فوراً، كما أنَّ هذه المنظمة أهم وأشمل وأقدم وأبقى من «السلطة الفلسطينية» التي نتجت عن فخ أوسلو وسرعان ما تحولت الى جهاز أمني داخلي، لا يخدم المشروع الوطني!
وبعد هذا وذاك، علينا أن نتفق بأن الفلسطينيين ليسوا بحاجة لكيانات بديلة، ولا لتقسيمات جديدة وإنما هم بحاجة ماسة لمصالحة تُنهي الانقسام الداخلي، وتعيد المواجهة الى أساسها، أي إلى كونها مواجهة مع الاحتلال دون غيره..
وعليه فإن البديل لمنظمة التحرير هو إصلاحها، والبديل للسلطة هو المقاومة، والبديل للانقسام هو المصالحة، وهذه شروط لا يمكن تجاهلها من أجل الخروج من المأزق الفلسطيني الراهن.
* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني
المصدر| القدس العربي
موضوعات تهمك: