تشدد الجزائر على الحوار بين الليبيين دون إقصاء لكن الجزائر لا يمكن أن تسارع إلى مباركة المسار الجديد في ليبيا في ظل إعلانها دعم المسار الأممي.
قلق سياسي في الجزائر ومخاوف من تعارض المسار الجديد مع المسار الأممي للحل في ليبيا وينص على اجراء انتخابات وتسليم حكومة الدبيبة السلطة لحكومة منتخبة.
مباركة الجزائر المسار الجديد مرتبط بضرورة توفر ضمانات حقيقية من تعبير المسار الجديد فعليا عن إرادة كل الليبيين وأن يؤدي جديا لحل سياسي يوصل لانتخابات نيابية ورئاسية.
* * *
بقلم: عثمان لحياني
لم تعلن الجزائر حتى الآن عن أي موقف رسمي إزاء قرار مجلس النواب الليبي انتخاب فتحي باشاغا رئيسًا جديدًا للحكومة وتحييد حكومة عبد الحميد الدبيبة، لكن مؤشرات كثيرة تشير إلى عدم ذهاب الجزائر باتجاه الاعتراض عليه، خاصة مع وجود علم مسبق للجزائر بمخرجات المسار الجديد في سياق التنسيق المصري الجزائري.
وتؤكد معطيات رسمية في الجزائر وجود تنسيق جزائري مصري مسبق بشأن مخرجات الأزمة الليبية، التي توصل إليها مجلس النواب الليبي الخميس بانتخاب فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة، وما يعزز هذه المعطيات هي المكالمة الهاتفية التي جرت الأربعاء الماضي بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عشية عقد جلسة مجلس النواب الليبي، والتي جرى خلالها الاطلاع على التطورات وخلاصة التفاهمات التي توصلت إليها الأطراف الليبية، خصوصا أن بيان الرئاسة الجزائرية حول المكالمة ركز بشكل لافت على الحديث عن المسألة الليبية وعن “دعم مسار الجهود الليبية الليبية للحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها وسيادتها”.
وتُفسر الجملة التي وردت في البيان الرئاسي حول دعم الجهود الليبية الليبية عدم اعتراض الجزائر من الناحية المبدئية على المسار الجديد، خاصة إذا كان نتاج تفاهمات ليبية ليبية، لكن هذا الموقف يشترط في الوقت نفسه “الحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها”.
ويُعتقد أن يكون رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قد أطلع الجانب الجزائري، خلال لقائه سفير الجزائر في ليبيا سليمان شنين الاثنين الماضي في طبرق، على التوجه نحو المسار السياسي الجديد وانتخاب حكومة جديدة، حيث نقل السفير ذلك إلى السلطات في العاصمة الجزائرية.
ويكون التطور اللافت للعلاقات الجزائرية المصرية، خاصة بعد الزيارة الأخيرة التي أجراها الرئيس تبون إلى القاهرة، قد لعب دورا كبيرا في تنسيق جزائري مصري للدفع بالحل السياسي الجديد ووضع تفاهمات في المواقف والتصورات السياسية بين البلدين باعتبارهما من أكبر بلدان الجوار الليبي، عن طريق تقديم تقديرات واقعية يمكن أن تقود إلى إجراء الانتخابات في ليبيا، بعد فشل مزدوج للمسار الأممي في تحقيق ذلك خلال اتفاق عام 2015، ثم الإخفاق في إجراء انتخابات في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وقالت مصادر جزائرية إن الجزائر قد لا تبدي اعتراضا على المسار الجديد لسببين،
– الأول كونه خلاصة تفاهمات ليبية طالما أن الجزائر تركز في مقارباتها على دعم الحل الليبي الليبي من دون تدخل خارجي،
– الثاني لكون الجزائر ليس لها اعتراض على شخص باشاغا، الذي يرتبط بعلاقات جيدة مع الجزائر، وأجرى عددا من الزيارات إليها عندما كان وزيرا للداخلية، كما ساعدته الجزائر بتكوين فرق من الشرطة والشرطة الجنائية الليبية في مدارس الشرطة فيها.
لكن ذلك لا يمنع من وجود بعض القلق السياسي في الجزائر ومخاوف جدية من أن يكون المسار الجديد في تعارض مع المسار الأممي للحل في ليبيا، والذي ينص على اجراء الانتخابات وتسليم حكومة الدبيبة السلطة لحكومة منتخبة.
كما ترتبط المخاوف من إمكانية نسف التطورات الجديدة الاستقرار النسبي الذي تحقق خلال العام الماضي، ما يرشح المشهد الليبي للعودة إلى مربع الصراعات السياسية والمظاهر المسلحة، خاصة أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أعلن رفضه تسليم السلطة لرئيس الحكومة الجديد في ظل اعتراف أممي بحكومته.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر زهير بوعمامة أن الجزائر لا تعترض مبدئيا على أي تفاهمات ليبية ليبية، إذ تشدد الجزائر منذ مدة على الحوار بين الليبيين من دون إقصاء وفي أطر منتظمة، إلا أنه أكد أن الجزائر لا يمكن أن تسارع إلى مباركة المسار الجديد في ليبيا في ظل إعلانها دعم المسار الأممي.
وأشار إلى أن الموقف الجزائري بمباركة المسار الجديد مرتبط كذلك بضرورة توفر ضمانات حقيقية من تعبير المسار الجديد فعليا عن إرادة كل الليبيين من جهة، وأن يؤدي جديا إلى حل سياسي يوصل إلى الانتخابات النيابية والرئاسية وفقا للمقاربة الجزائرية.
* عثمان لحياني كاتب صحفي جزائري
المصدر| العربي الجديد
موضوعات تهمك: