وصف مالي مفاوضات إحياء الاتفاق النووي بأنها محاولة لإحياء جسد ميت.
تنامي الاعتراض في الكونغرس على مسار المفاوضات مع كثير من الارتياب والتشكيك. هل تكبر موجة الاعتراض وتؤخر العودة ريثما يتم احتواؤها؟
مفاوضات فيينا وفقا لمالي “السبيل الأفضل” لأن البديل في غياب اتفاق كان ترك إيران تطور برنامجها النووي، كما حصل بعد انسحاب الإدارة السابقة من الاتفاق.
“القضايا الأخرى، الأمنية، ستبقى قادرة على تسميم الأوضاع بالمنطقة وتهدد استقرارها” أي أن هذه القضايا ستبقى خارج الاتفاق الموعود، باعتباره إحياء لاتفاق 2015، الذي خلا من ملفي الصواريخ ودور إيران بالمنطقة.
* * *
خلال مقابلة معه في وقت متأخر مساء الأحد- الإثنين؛ قال المبعوث الخاص روبرت مالي، إن اتفاق 2015 النووي مع إيران “ما زال بالإمكان إنقاذه”، رغم ضيق المدة المتبقية للتفاوض، والتي لا تتعدى فترة “أسابيع قليلة”.
وأشار مالي إلى أن العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب والتي لا تتصل بالاتفاق، سيصار إلى رفعها بعد إحيائه، داعياً طهران إلى إنجاز هذه المهمة “بأقرب وقت ممكن”.
وفي رد غير مباشر على التأفف، خاصة بالكونغرس، من مراوحة المفاوضات وتمدد جولاتها، قال مالي إنها تبقى “السبيل الأفضل”، من زاوية أن البديل في غياب اتفاق كان ترك إيران لتعمل على تطوير برنامجها النووي، كما حصل بعد انسحاب الإدارة السابقة من الاتفاق. وهذه معزوفة ترددها الإدارة كحيثية لتسويغ تمسكها بالمفاوضات.
وجاءت المقابلة وسط تزايد الإشارات والحديث في واشنطن عن ترجيح وصول المفاوضات إلى “صفقة” قريباً. كما جاءت عشية مثول المبعوث مالي أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، اليوم الأربعاء في جلسة مغلقة، لوضعها في صورة المفاوضات التي تقول الإدارة إنها دخلت طورها النهائي.
والأهم أنها تأتي في ظلّ تنامي الاعتراض في الكونغرس على مسار المفاوضات مع كثير من الارتياب والتشكيك.
وكأن هناك طبخة بشروط رخوة باتت على وشك النضوج، بحيث يجري تسويغها تحت ستار أنها حققت الغرض الأساسي، وهو تجميد البرنامج النووي الإيراني، مع ما ينطوي عليه ذلك من تراجع عن شعار الإدارة الذي طرحته في البداية، والذي يشدد على ضرورة التوصل إلى اتفاق “أقوى وأطول”.
وكان مالي نفسه قد أعطى إشارة في هذا الاتجاه، عندما قال في مقابلة سابقة إن “القضايا الأخرى، الأمنية، ستبقى قادرة على تسميم الأوضاع في المنطقة وتهديد استقرارها”، مستدركاً بأن ذلك من شأنه أن “يثير الرد عليه بعنف”.
هو يقول ضمناً إن هذه القضايا ستبقى خارج الاتفاق الموعود، باعتباره إحياء لاتفاق 2015، الذي خلا من ملفي الصواريخ والدور الإيراني في المنطقة.
وقد أثار هذا الخطاب ردوداً قوية في الكونغرس من قبل الحزبين، حيث إن مئة من الجمهوريين رفعوا كتاباً إلى الرئيس بايدن، مطالبين “بوقف المفاوضات”. وقبل أيام قدّم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السناتور الديمقراطي، بوب ميننديز، مطالعة مطولة تناول فيها تشريح اتفاق 2015، مع تسليط الأضواء على جوانبه “الضعيفة” كما وصفها.
وعرض في المقابل مفاصل وشروط الاتفاق البديل “الدائم والكفيل بإزالة كامل البنية التحتية للبرنامج الإيراني”، من خلال “فتح كامل الساحة الإيرانية” والمواقع العسكرية “أمام التفتيش الدولي المفتوح في المكان والزمان” من دون عوائق.
وانتقد السيناتور المحسوب على البيت الأبيض، مسلسل جولات فيينا، متسائلاً عن “ما الذي تسعى المفاوضات إلى إنقاذه فيما تقوم إيران بتعزيز برنامجها؟”.
وقال إنه “بالرغم من تركيزنا الآن على أوكرانيا فإننا لا نقوى على إشاحة النظر عن خطورة الوضع النووي الإيراني”، داعياً إلى الخروج من هذا الخط، و”النظر في استراتيجية جديدة تهدف إلى حمل إيران على التراجع عن مشروعها النووي”.
إدارة بايدن ليست في وارد السعي إلى اتفاق من هذا الصنف. ويُقال إن هذه الضجة في الكونغرس ليست بعيدة عن مفردات الاعتراض الإسرائيلي، وقد عاد مالي الليلة الماضية وأكد استمرار الخلاف مع إسرائيل حول المفاوضات.
ومن المتوقع أن يعود مالي إلى فيينا هذا الأسبوع بعد جلسته مع لجنة العلاقات الخارجية، وقد تركت الخارجية موعد عودته معلقاً، حيث قالت المتحدثة، جالينا بورتر، الجمعة: “اسألوا المنسق الأوروبي”.
هل تكبر موجة الاعتراض في الكونغرس وتؤخر العودة ريثما يتم احتواؤها؟ ربما. لكن مالي في النهاية عائد، وبالتوجه نفسه، في محاولة “لإحياء الجسد الميت” كما قال مرة. توصيفه هذا يؤشر مسبقاً إلى عطب المولود الموعود.. إذا تمت ولادته.
المصدر| العربي الجديد
موضوعات تهمك: