تصفية الرأي المخالف!
- تصفية رأي مخالف وقمع معارضة سلمية ونشر نزاعات بالخليج دليل إفلاس النظام الرسمي العربي.
- النظام الرسمي العربي يرفض الإصلاح من الداخل ويقود المنطقة نحو فوضى عارمة تخدم أعداء الأمة.
بقلم: محمد هنيد
رغم أنه لم تخرج أدلة جنائية نهائية على ما حصل للكاتب السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بتركيا إلا أن أدلة كثيرة أخرى تؤكد أن الرجل وقع استدراجه استدراجا إلى القنصلية من أجل أمر خطير قد يصل إلى حدود التصفية الجسدية المرعبة.
الحادثة على بشاعتها ليست جديدة في منطق الاستبداد العربي وسعي النظام الحاكم إلى التخلص من كل الأصوات المعارضة بشتى الطرق الممكنة والمتاحة كلفه ذلك ما كلفه.
إن اختفاء الرجل منذ أكثر من أسبوع يرجح فرضية التصفية رغم كونه صوتا إصلاحيا معتدلا من داخل النظام الحاكم نفسه لم يطالب بغير الإصلاح في إطار نفس النسق السياسي للدولة، لكن مواقف الرجل الأخيرة وخاصة ما تعلق منها بالملفات الخليجية وأساسا ملف حصار قطر هي التي تبدو سببا وراء التخلص منه بهذه الطريقة.
لكن أسئلة كثيرة تبقى عالقة فيما يخص الهدف الأساسي من هذا الانتقام سواء لا يزال الرجل على قيد الحياة أو أن يكون قد فارق الحياة إلى الأبد.
فإذا كان الهدف هو السعي إلى إسكات صوت معارض للنظام فإن ردة الفعل الشعبية والدولية اليوم على العملية قد وضعت النظام نفسه في ورطة كبيرة لا من حيث الجريمة نفسها وأثرها النفسي على الرأي العام الدولي والمحلي بل من ناحية تبعاتها القانونية على الأطراف المتورطة فيها.
لقد نسفت هذه الواقعة كل الجهود التي بذلتها المملكة من أجل تحسين صورة النظام وتقديمه على أنه نظام منفتح ومساند للحريات وخاصة حرية التعبير من أجل التمكين له دوليا وعربيا، كما أكدت هذه الواقعة على أن النظام السعودي لا يختلف عن الأنظمة القمعية العربية الأخرى في التعامل مع المخالفين له مثلما هو حال نظام القذافي مثلا.
فبعد دعم الثورات المضادة وما خلفته من دمار ودماء وانقلاب على ثورات الشعوب وبعد حصار قطر الجائر تمعن السعودية في الهروب إلى الأمام غير واعية بتغيرات السياق الدولي والإقليمي الجديد.
إن أكبر الأخطاء التي ترتكبها المملكة ومن ورائها الأنظمة القمعية العربية هي اعتقادها بأن شيئا لم يكن وأنه يمكن التمادي في السياسات القمعية الإجرامية التي سادت قبل ثورات الربيع.
إن تصفية الرأي المخالف وقمع المعارضة السلمية ونشر الحروب والنزاعات المسلحة في المحيط الخليجي ليست إلا دليلا إضافيا على إفلاس النظام الرسمي العربي وعلى أنه نظام يرفض الإصلاح من الداخل ويمعن في قيادة المنطقة نحو الفوضى العارمة بشكل لا يخدم إلا أعداء الأمة والمتربصين بها.
- د. محمد هنيد أكاديمي تونسي أستاذ السياسة بجامعة السوربون – باريس.
المصدر: «الوطن» القطرية