اقامت مدينة الواسطى مسقط رائس الشاعر الكبير فاروق شوشة مساء امس احتفالية كبرى لذكرى شوشة وكانوا ادباء الواسطى اول من بادروا باحياء ذكراها عق ب رحيلة المفاجىء عام 2016 وبالامس حضر الاحتفاليه مجموعه كبيره من ابناء المدينه وبحضور الشاعر الكبير فولاز عبد الله الانور ومجموعه من الادباء والشعراء ومحمود عثمان رئيس مجلس مدينة الواسطى واساتذة الجامعة الكبار والسيدة سامية على مدير جمعية الفنون والاداب بالواسطى وطلائع النشاط الطلابى بجامعة بنى سويف وننشر للقراء القصيدة التى كتبها فولاز الانور فى تابين شوشة .
فاروق شوشة . . لك منا السلام
- دُلّني ، ياصديقي ، على قبرهِ ،
- فالطريقُ التوَتْ والفجاجُ انطوت ،
- والمعالم ثمّةَ غائمةٌ ،
- كلما لاح منها البريقُ اختفتْ
- دُلني ،
- دلني يا صديقي ،
- وخذ بيدي في ازورارِ الطريقِ .
- . . . .
- فأنا منذ ستين عاماً ،
- أقلب وجهي في الكائنات ،
- وأبحث في باطن الحادثات ،
- وليس يقر بقلبي القرار
- فإذا كان معنى جميل وزهوة عيش هنيء ،
- وآثار دار ،
- وجبانة أنست بانقطاع الزيارة ،
- فالتمعت وحدها في هجير النهار ،
- وإن كان نور ونار .
- صار للقلب هذا الهدوء الرضي ،
- وللوجه هذا السكون البهي ،
- وصار الممات انتباها إلى عالم ،
- مفعم بالجلال ،
- فما نحن إلاّ الظلال ،
- ظلال
- . . . .
- دلني يا صديقي على قبره ،
- تعبَتْ قدماي وكلّتْ يدايَ
- ولم يبق في قبضتي غير هذا الوميضِ ،
- وبعض خواطر فرت وضلت مساراتها ،
- في الفضاء العريضِ ،
- وجمر ،
- يراد له أن يظل على حاله في يدي ،
- في انتظار القريض ،
- المدى ضاق ، وانفرط العقدُ ،
- واشتبهتْ سبل الطالبينَ ،
- وناء المحبون بالشعر والكلمات ،
- هنا حيثُ ينبهم الصوت والصمت بين الظلالِ ،
- وينفلت القلبُ من بين أردانهِ ويُغادرُ ،
- حيثُ تضيء السماءُ ،
- وتدنو قليلاً من الأرضِ ،
- مؤذنةًبالوصالِ ،
- سأتلو على قبرهِ ما تيسر من سورة الشعراءِ ،
- وياسين ، والعادياتِ ،
- وأختمها بالدعاء النجيع ،
- فليس سواه العتاد الذي نرتجي ،
- والسلو الذي نرتضي ،
- في المصاب الفجيعِ ،
- ائتني بعسيب نخيلٍ ،
وضعْهُ معي فوق شاهدة القبرِ ،
ثُمّ تنحّ قليلاً ،
سيخضرّ هذا العسيبُ ،
تنحّ قليلاً إلى الجنبات ،
ففي حضرة الموتِ نحتاج عزلتنا برهةً ،
ريثما يفرغ الدمع من حالهِ ،
وتعود له الكبرياءُ ،
ويهدأ عنه الوجيبْ .
. . . .
أو ما كان قيل لنا : إنهم ،
يتلقون منا السلام ؟
أو ما كان قيل لنا : إنهم يعلمون ،
ولا يعملون ؟
اذا سأكلمه وأناجيهِ ، - ياسيدي لك منا السلامُ ،
لقد فرغت برحيلك ملتقياتٌ ومنتدياتٌ ،
وضجت بموتك ساحات شعرٍ ، وباحات علمٍ ،
وضاقت بخطو الغريب يدبّ عليها ،
معاً والقريبِ ،
وأنت أنيس النوادي ،
جليس المعادي الذي يتحول بين يديكَ ،
إلى صاحبٍ فجأةً ،
وإلى سامرٍ باقتدارٍ عجيبْ
. . . .
يا محاولَ تجميل وجه الزمانِِ ،
الزمانُ على حاله لم يزل شائهاً ،
والقصيد على وضعه تائهاً ،
تعبَتْ لغةُ الضاد ، وارتكس القولُ ،
واهتزّ عود المنابرِ ،
من فرط ما انفصم الأدعياءُ ،
ومن طول ما انقسم الشعراءُ ،
ومن هول ما ارتكب الكاذبونَ ،
المحبون ناءوا ،
وأغلق كلٌ على شانه البابَ ،
منتظراً يومه في ارتقابٍ مهيبٍ ،
ومانحن مثلك حتى نباري النجومَ ،
ولا نحن مثلكَ ،
حتى نداري الخصومَ ،
ونأخذَهم في مجاراتِنا ، باعتناء الطبيبِِ ،
ولا نحن مثلكَ حتى نحيل العداوة حباً ،
ونُجلِسَها في محاذاتِنا ،
ضد هذا الزمان العصيبْ
. . . .
هو يسمعنا ،
فعلام إذن لا برد علينا ،
ويعلمنا بعض أحواله وهو يخطو هناك ،
على رفرف فوق ظل رطيبٍ ،
بهيجا كطلعته حين يدنو من الأصدقاءِ ،
وجيها إذا خاض معتركاً ،
للنزال الرهيبِ ،
هنا ،
حيثُ ينبهم الصوت والصمت فوق الرمالِ ،
وتنعتق الروحُ من أسرِها ،
سوف يجثو الأمان ،
فما هي حظوة هذا المكان ،
وسطوة هذا التراب العتيدِ ،
على كل حي ،ومنخدع ،
وعنيد ،
هنا سوف تأخذ سمتك ياسيدي ،
وستُسْألُ عنا فما أنت قائلْ ؟
قل لهم : إنني قد تركت ورائي مساكينَ ،
يقتتلون على هيّنٍ لا يُطالُ ،
ويفتتنون بلا أيّ طائلْ
قل لهم : قد تركت لكم عالماً فافهموهُ ،
وشعراً جميلاً يجدد إدراككم فاقرأُوهُ ،
وقبراً بعيداً قريباً فزوروهُ ،
زوروا مقرّي ولو بين عام وعامٍ ،
وألقوا عليّ السلامْ - لك منا السلامْ
وهاك على القبر فاتحة للكتاب عليكَ ،
وسانحة للإياب إليكَ ،
وتنهيدة من ضمير المعرّي :
” لا تشرفنّ بدنيا عنك معرضةٍ
فما التشرف بالدنيا هو الشرفُ
واصرف فؤادك عنها مثلما انصرفَتْ
فكلنا عن مغانيها سننصرفُ
شعر : فولاذ عبدالله الأنور