المحامي الحقوقي أنور البني ذو الخلفية المسيحية، والذي سجن هو واهله مع مجموعه ٧٣ سنة ظلما من قبل المافيا الحاكمة في سوريا.
من الذي يثير الذعر والارهاب والتشويش ويتهم الاستاذ انور البني بالطائفية؟
نشطاء سوريون محسوبون على المعارضة، لكن برأي الاكاديمي الدكتور سقراط البعاج عميد المعهد العالي لبحوث الليزر الأسبق في جامعة دمشق، والداعي لمؤتمر تجريم الطائفية وصيانة الوحدة الوطنية في سوريا في الاشهر الاولى للثورة، فإنه لكي لا يقوم النظام بجر سوريا الى حرب اهلية طائفية للحفاظ على مكاسبه، كما جاء في الدعوة للمؤتمر الأول لورشة تجريم الطائفية وصيانة الوحدة الوطنية في الشهر التاسع من عام ٢٠١١، فإنه يجب التصدي لتلك “الدعوات الخطيرة”.
بعد الحكم على أنور رسلان القيادي العسكري السابق في الاستخبارات التابعة للمافيا الحكمة في سوريا، ومدير فريق التحقيق مع المعتقلين السياسين في تلك الوحدة، شهدت نتائج المحاكمة جدلا موسعا وحوارا بين السوريين، إلا أنه وسط تلك الجدلات نشبت انتقادات واتهامات بالخيانة والطائفية لعدد من الشخصيات المعارضة السورية، أبرزهم البنّي.
انور البني وتهمة الطائفية
وعلى الرغم من أن الرجل لم يسجل عليه يوما أي تصريحات أو أفعال طائفية، إلا أن تلك الاتهامات قد طالته مؤخرا. وفور الحكم بالسجن ضد الضابط النظامي انور رسلان، اتهم أحد النشطاء المعارضين لنظام الأسد، البني بالطائفية والعمل لصالح نظام الأسد.
كرّس انور البني حياته للدفاع عن المعارضين السوريين في ظل وضع كارثي لحقوق الإنسان في سوريا، وهو الذي قال في تصريحات سابقة أنه قرر أن يكون مدافع عن السوريين ضد النظام، بعد تعرضه للإهانة بوضع لحيته على النار خلال اجتياح جنود النظام لحماة عام 1981، وزاد إيمانه بالثورة السورية على حد قوله عندما تعرض للصفع من أحد جنود النظام.
وقد ارتفعت الموجة مؤخرا ضد الحقوقي انور البنّي الذي شُهد له بالدفاع عن كافة أطياف المعارضين، سواء حزبيين أو مستقلين، شيوعيين وإسلاميين، مع إعرابه عن سعادته الكبيرة، بالحكم على الضابط النظامي في المحاكمة الأخيرة بالسجن مدى الحياة، لإدانته في جرائم تعذيب ضد معارضين سوريين قبل انشقاقه عن النظام عام 2012 وفراره إلى أوروبا.
في عام 2002 قررت السلطات النظامية منعه من أي نشاط قضائي، بعدما قدم منديلا عليه آثار دماء، كدليل على جرم الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في تعذيب المفكر عارف دليلة، خلال جلسة لمحاكمته.
بعدها بأربع سنوات تم اعتقال البني في 2006، ويتم الحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات قضاها كلها، وتم الإفراج عنه مع اقتراب اندلاع الثورة السورية ليواصل كفاحه الحقوقي ضد النظام الأسدي.
يقول الأكاديمي الدكتور سقراط البعاج مؤسس ورشة صيانة الوحدة الوطنية وتجريم الطائفية لـ”الساعة 25″، أن “هذا الكلام خطير جدا”، مؤكدا أن “الاستاذ انور البني كان من اوائل الذين دعموا الثورة السورية مخالفا مئات آلاف المنتمين للاقليات في سوريا، والخاضعين لتوجيهات رجال الدين والكهنة الداعمين النظام”.
وأضاف الدكتور البعاج: “البنّي أفضل من 10 آلاف ممن حملوا السلاح (رياء، ومصلحة، وشوهوا وجه الثورة والاسلام، بما قاموا به من ممارسات انتهازية تنفيذا لاجندات المافيا الحاكمة في سوريا، اجندات خارجية!) وقدم للثورة وهو الاستاذ خليل معتوق شريكه في المركز السوري أكثر مما قدم آخر، وهذا الأخير وهو مسيحي أيضا معتقل في سجون النظام منذ سنوات ويعتقد أنه قد قتل”، مشيرا إلى أن البني كان من أبرز المشاركين في دعم ورشة تجريم الطائفية وصيانة الوحدة الوطنية.
لماذا يهاجمون البنّي؟
وقال الناشط الذي هاجم أنور البني، وكان ضابطا نظاميا وانشق عن صفوف النظام، بعد سنة تقريبا من الثورة، -فضلنا عدم الكشف عن هويته-، في تسجيل حصلت عليه “الساعة 25”: أن البنّي كان “يقيم بالقصور العاجية في اوروبا خلال النضال ضد نظام الأسد” على حد زعمه.
خلال محاكمة العقيد النظامي المنشق أنور رسلان، قال البني، أن رسلان هو الشخص الذي اعتقله واقتاده إلى غرف التحقيق حيث تلقى كل صنوف التعذيب، مؤكدا أنه أيضا من سلمه أغراضه الشخصية عند الإفراج عنه بعد قضاء عقوبة ظالمة بالحبس لمدة خمس سنوات.
يشير البني إلى أنه في “أول مرتين لم أره وإنما سمعت صوته (كان البنّي معصوب العينين)، لكن في المرة الثالثة عند الإفراج عني تمكنت من رؤيته وسماعه لمدة دقيقتين، وقد سألت شرطيين يعرفونني بحكم عملي في مجال حقوق الإنسان من هذا الشخص أجابوا: هذا أنور رسلان”، مؤكدا في شهادته أنه لا يمكن لأي ضابط سني وغير علوي في الأجهزة الأمنية الوصول لمستوى رفيع إلا عن طريق الوحشية في التعذيب لإثبات ولائه لنظام الأسد.
وعقب صدور الحكم ضد رسلان صرح البنّي أحد شهود الإثبات في المحاكمة، لعدة وسائل إعلام عربية وغربية من بينها الحرة، أن هذا الحكم “حكم تاريخي وهو انتصار للعدالة كمبدأ انتصار بعيدا عن تدخل السياسيين العدالة الحالية صنعها الضحايا بأيديهم، الحكم المؤبد هو انتصار للضحايا الذين أدلوا بشهاداتهم والذين قتلوا تحت التعذيب والآخرين في المعتقلات”، مؤكدا أن إدانة رسلان هي إدانة لكل منظومة الإجرام في سوريا، “رسلان هو جزء من منظومة ممنهجة لقتل وتعذيب واعتقال السوريين وممارسة العنف بما فيه الجنسي ضدهم”.
من جهته يتسائل الدكتور سقراط البعاج: “ما الهدف وراء استهداف وتخوين الشرفاء والمناضلين من الأقليات”، لافتا إلى أن من يفعل ذلك فهو إما “عميل للنظام يحمل اجندته الاستخباراتية ويعمل لصالحه، أو ساذج ألعن من عملاء النظام، يقدم للنظام أهم الخدمات من خلال شق الصف الثوري وتخويف السوريين من المعارضة والثورة”.
كان من فضح أمر انور رسلان هو الحقوقي انور البنّي، عندما تعرف عليه في أحد شوارع العاصمة الألمانية برلين عام 2020، وكان أحد أهم المشاركين في تقديم العقيد النظامي للمحاكم على ما اقترفه بحق معارضين سوريين.
وفي ختام حديثه يناشد الأكاديمي والناشط السياسي السوري الدكتور سقراط البعاج، النشطاء السوريون المعارضون بعدم الانجرار إلى الطائفية مؤكدا أنها “ليست لعبة الثورة ولكنها لعبة النظام وسلاحه، ولو كانت المعارضة السورية ركزت في سحب سلاح الطائفية من يد النظام لنجحت الثورة”.
موضوعات تهمك: