بدأت اعمال القمة الأولى من نوعها حول الديمقراطية وتنظمها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس، وأمس الجمعة، وسط انتقادات من دول مناوئة للقمة ودول اخرى لم يتم دعوتها، ومراقبون اعتبروا أن القمة غير مهمة وأهدافها غير ديمقراطية، لكن إدارة بايدن تؤكد أن تلك القمة تعمل على التأكيد على تعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ووضعها ضمن قلب اهتمامات السياسة الأمريكية.
وتبرز تلك القمة إيمان الرئيس الأمريكي بضرورة ان تتوحد “الديمقراطيات” وتقف وتعمل معا من أجل مواجهة التحديات الدولية خاصة في مواجهة القوى المستبدة وعلى رأسها الصين وروسيا، وعلى الرغم من أنها تنفيذا لوعد انتخابي لبايدن إلا أنها فتحت النار على الولايات المتحدة.
ووجه الآلاف حول العالم انتقادات لتلك القمة، بينما كتب محللون ومراقبون، عن مدى كون تلك القمة مجرد استعراض فارغ، وبعضهم طالب الرئيس الأمريكي بإصلاح الديمقراطية الخاصة بهم أولا قبل أن يجمع ديمقراطيات العالم ويعطي الدروس.
لكن الكثيرون اعتبروا ان تلك القمة ما هي إلا استعراض لإدارة بايدن ولن يكون لها أي نتائج واقعية مهمة، إلا أن البعض يرى أن الهدف من القمة ليس الديمقراطية في حد ذاتها كما يروج البيت الأبيض، ولن يكون لها أي برنامج قوي يؤثر على التوجه الديمقراطي لدول العالم خاصة في الشرق الأوسط، وإنما هي حشد للدول التي تراها واشنطن دول حسنة السمعة في مواجهة قوى “السمعة السيئة والاستبداد”.
على النقيض فإن عدم استدعاء الدول التي تصنف كاستبدادية، حتى وإن كانت حليفة لواشنطن، يعني أن بايدن يريد أن يضع أمريكا “الديمقراطية” كما كانت سابقا في المركز في الصراع العالمي، وهو ما يعتبره كثيرون فات آوانه.
بايدن يقول أنه جاء لبيع الديمقراطية، وهو ما يعني نيته أن يظهر للحلفاء غير الديمقراطيين، أن الديمقراطية وحقوق الإنسان لهما ثمن بتفاوت الالتزام بهما، لكن ما يثير الشكوك حول تلك القمة هو أنه لم يختر من الشرق الأوسط سوى العراق وإسرائيل، وهو ما حير الكثيرون، خاصة وإن دولة “الفصل العنصري والغارات الجوية التي تستهدف المدنيين” ستشارك بقمة الديمقراطية، والعراق التي تعد دولة ديمقراطية ناشئة في نظر أمريكا، ربما تقترب من تصنيفها من وجهة النظر الأمريكية تونس وهو ما لم يحدث مع الدولة التي تمر بمنعطف ديمقراطي خطير قد تكون القمة في صالح استعادة مسارها من جديد.
وهو ما دف محللون لاعتبار القمة مجرد حشد قوى ضد إيران، خاصة مع استمرار عمل أمريكا في مفاوضات فيينا للتوصل إلى حل مع إيران بما يخص برنامجها النووي.
تشارك في القمة عدد ضخم من مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان، مما يدفع أيضا لشكوك حول مشاركتها لاعتبارات مادية ولجمع الأموال.
الديمقراطية حول العالم تعاني، خاصة في دول الشرق الأوسط وشرق أوروبا، بحسب محللون، ووعود بايدن الانتخابية بنيته مواجهة انتشار الاستبداد حول العالم، يعني أنه يحاول الإيفاء بوعوده، بحسب معلقين.
مجلة إيكونوميست خفضت التصنيف الأمريكي لتصبح بين مجموعة الديمقراطيات المعيبة، وذلك قبل انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب، ولم يحدث شئ لتغيير الوضع على حد قول مراقبون، وإنما ما يحدث هو أن المزيد من الأمريكيين باتوا غير مقتنعين بعدالة الديمقراطية، حيث يرى الملايين من أنصار الرئيس السابق أن الانتخابات الرئاسية العام الماضي لم تكن نزيهة.
أمريكا قد تكون تعمل على إنشاء واقع استراتيجي جديد في عهد بايدن، ومحاولة لإنهاء تأثيرات سياساتها إبان حكم ترامب، على عالم اليوم واستعادة أميركا خطابها “الديمقراطي التقليدي” في مواجهة العالم الذي يفلت من تأثيرها.
ويخشى أنصار الديمقراطية الأمريكية، من أن انتهاء مثل هذه القمة دون خطوات جدية تغير في العالم، مما يؤكد بان الديمقراطية الأمريكية في حالة من الموت السريري، وأنها لم تعد صالحة، إلا أن المخاوف الأشد في أن البديل سيكون ترامبيا.
موضوعات تهمك: